بقلم - محمد اليامي
بدأت وزارتا الصحة والداخلية الحديث مجددا عن تساهل ملحوظ في الإجراءات الاحترازية للوقاية من الجائحة، وهو حديث مشوب بحسرة نتشارك فيها جميعا، فبعد أن كانت الأرقام في نزول مستمر جاء موسم الإجازة ليخلف كثير من الناس وعده في تطبيق هذه الاحترازات، فتسبب كل من خالف في زيادة ملحوظة في الأرقام نتمنى ألا تكبر.
ما حدث يعطي لمحة عن "السطوة الاجتماعية" في مقابل "الرغبة الشخصية" أو استقلالية الذات في قرارها، السطوة التي قل من يقاومها، فنحن نعلم أن ارتفاع عدد الحالات نتيجة لكثرة التجمع والمخالطة، التجمع كان لمناسبات زواج أو غيرها، أو في قصد مجمعات تجارية وأماكن تجمعات أخرى مع العائلة، أو ضمن الجموع التي أبدت ارتياحا غير مبرر وكأن الجائحة زالت تماما.
يصعب على كثيرين الخروج من عباءة العائلة الصغيرة، أو القبيلة في أمور كثيرة، ومن ضمنها التخلف عن مناسبات كان يفترض ألا تقام كما أقيمت خلال الإجازة، وهنا تقف سمة اجتماعية هي في الأحوال العادية جميلة لتصبح عائقا أمام جهود جبارة لحماية الناس، لتصبح السمة نفسها في الحالة غير العادية التي نعيشها سيئة أو قبيحة كونها إضرارا بالجميع، فضلا عن الإضرار بالفرد.
أي تراجع في أرقام المنجز المتحقق سيكون صعبا على الجميع، وأحسب أن تحذيرات الوزارتين كافية للانتباه إلى وجوب أن يكون الجميع ملتزما وعند حد المسؤولية المطلوب لتلافي التصاعد في أرقام الإصابات والعدوى، ثم لتلافي العقوبات التي لن تتهاون وزارة الداخلية في تطبيقها وهي التي طبقت النظام على الجميع حتى من لم يقبض عليهم ميدانيا وثبت عبر حساباتهم أنهم مخالفون.
أيضا هناك مشكلة في تراخي المحيط وتفاعل الناس معه، ففي مرحلة ما كان الأغلبية ومن منطلق إحساس وطني وإنساني يشددون على من حولهم وعلى من يتعاملون معهم فيما يتعلق بالاحترازات، ولمسنا أخيرا أن هذا التشديد قل مع الوقت والتعود، والتعود كما هو معروف يصيب بالتبلد تجاه الأشياء، وهذه الجائحة لا يجب التبلد تجاهها حتى آخر لحظة.
جميعنا نود عودة الحياة إلى طبيعتها تماما، وأن نشارك مجتمعاتنا الصغيرة والكبيرة مناسباتها أو اتجاهاتها في التسوق والترفيه، وأن نذوب مرة أخرى في سياقات اجتماعية إلى الحدود المعقولة تبعا لكل فرد. المنجز السعودي في هذا الشأن يشار إليه بالبنان، سواء على مستوى الحكومة أو مستوى الناس، ويجب الحفاظ على المنجز الذي فيه مصلحة ذاتية أو شخصية أولا ثم مصلحة عامة.
اللهم احفظ بلادنا وأهلها.