بقلم - محمد اليامي
في مختبر البحث العلمي يسأل فأر تجارب صديقه - لماذا افترض أنه صديقه؟ - أو زميله: هل أخذت اللقاح؟ فيجيبه: أنتظر تجربته على البشر!
بدأ الناس في كثير من دول العالم بتداول مقاطع هزلية - هي في الحقيقة ناقدة - عن اللقاحات الكثيرة لفيروس كوفيد - 19، التي تقاربت في التوقيت وفي نسب الفعالية، وهذا متوقع، نظرا إلى أنها ستكون أسرع اللقاحات في التاريخ البشري.
السؤال: هل هي فعلا سريعة؟ وهل القياس على ما سبقها من لقاحات يمكن أن يكون واقعيا أو عمليا بما أننا الآن نفكر بطريقة علمية معملية؟ الدنيا وكل شيء فيها يتسارع ويتصارع، فالتطورات التي احتاجت إلى قرن من الزمان قبل قرنين، باتت تحصل في عقد في القرن الماضي، وربما تحدث في عام أو اثنين في القرن الحالي. أليست هذه طبيعة كثير من التطورات البشرية والمناخية والصناعية؟ وهل يمكن أن تكون أيضا طبيعة البحث العلمي على البشر وليست على حيوانات المختبر؟!
الإنسان يزهو بسيطرته وسرعته، وربما يكون ذلك من حقه، فما يحدث حولنا بهذه الوتيرة المعولمة يشي باختصار الزمن، المعضلة الأهم في مسيرة البشر، واللقاحات ينطبق عليها ما ينطبق على شؤون أخرى في الحياة المعاصرة وفي نقطة قمة الاستهلاك في منحنى مراقبة السلوك الإنساني، ووصف الإنسانية هنا محل سؤال، فلنقل السلوك البشري إذن تحسبا وليس تحديدا.
البشر الآن يتساءلون: هل نأخذ اللقاح على علاته وأهمها سرعة الموافقة عليه؟ هل سيكون اختيارا أم إجبارا؟ ومن يضمن سلامته؟ ومن ذا الذي يستطيع في ظل هذا الزخم الإعلامي أن يقاوم؟
يخوض البشر مغامرة جديدة تلبس - أو تم إلباسها - ثوبا اقتصاديا، ولها سمات الاستثمار الجريء: مخاطرة عالية ومكاسب كبيرة أو خسارة فادحة. وإذا لم تلبس ثوبا اقتصاديا، فهل يمكن سؤالها: أي ثوب ترتدين؟
شخصيا، أثق بحكومتي، أنها ستختار اللقاح الأكثر أمانا.
الأسئلة كثيرة في هذا المنعطف من تاريخ البشر على هذا الكوكب، والوضع في كثير من بقاع الأرض لا يحتمل الانتظار، لكن الوضع لدينا يحتمل بعضا منه، فقد نجحت المملكة في أن تكون من بين ست دول فقط على مستوى العالم عدت آمنة، بفضل تطبيقها احترازات قوية تأتت من قيادة قوية لهذا الملف، ومن استجابة شعبية تفوقت على من يعدون أنفسهم أكثر تفوقا بحسابات التصنيف لدول العالم وأمم هذه الأرض.