بقلم - محمد اليامي
راق لي شعار "عيونك تكفي" الذي عنونت به السعودية ومعها مواطنوها والمقيمون على أرضها المرحلة الحالية من رحلة مكافحة انتشار فيروس كوفيد - 19. الرحلة التي حققت نجاحا أثبتته الأرقام، وواقع الحال المعاش على الأرض، فباستثناء أن الدراسة في البلاد عن بعد سيحسب الناظر إلى الشارع السعودي أن الجائحة انتهت.
العيون في ثقافتنا، ومعظم ثقافات البشر لها دلالات رومانسية كثيرة، وأخرى نفسية، ولها علاقة بالفراسة رزقني الله وإياكم بعضا منها، والعشق، وربما تحديد بعض الأعراق، وكل هذا مشهور في بلاد العرب أكثر من غيرها وفي المنطقة الخليجية بشكل أكثر بكثير، لذا سترسخ هذه الفكرة وستنجح كما تفعل "لغة" العيون الفاضحة الواضحة دوما.
عندما تتكون لدى الناس أفكار جديدة أو جيدة عن أداء أدوارهم يتحقق التغير الاجتماعي، أو يتحقق الهدف العام الذي تسعى إليه مجموعة معينة من البشر، وهدفنا كان "البس الكمامة، اغسل يديك، وتحاش الالتماس الجسدي"، وهو لا يزال كذلك، لكن بعنوان جذاب جاذبية العيون "التي في طرفها حور"، وفي نظرتها حوار.
استجابة الناس لمشكلة عامة قدرها الله عليهم جميعا تكشف جانبا اجتماعيا - أو لعله أنثروبولوجيا - عن محاولة الناس الحياة والعمل معا وتفاعلهم مع بعضهم بعضا محليا، ومع الشعوب الأخرى عالميا، ليقدموا نموذجا حضاريا كشف عن جزئية ثقافية عامة اشتركت فيها جميع المشارب والأطياف، وتمثلت في ارتفاع الوعي بالصحة العامة، وربما الوعي بالمصلحة العامة من منطلق فردي هو الحفاظ على النفس، وهو منطلق عميق في وجدان الأغلبية منبته قناعة نظرية وعملية بالتوجيه الرباني "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".
السعودية والسعوديون يؤكدون تفوقهم من جديد، فأرقام الإصابات والحالات تحت السيطرة، وقبل أيام قرأنا عن احتلال بلادنا المركز السادس بين أكثر الجهات أمانا للسفر في ظل جائحة كورونا، بفضل الجهود الاستباقية الكبيرة التي قادتها الحكومة لمواجهة الجائحة، ومشاركة الشعب الواعي في التنفيذ.
ما أنجز يوضح حجم القدرات والإمكانات البشرية والطبية والفنية في المجال الصحي، وتقدم البنية التحتية السعودية، وهو أيضا يوضح حجم الدور الذي يؤديه الفرد في المجتمع، وارتباط نمو شخصيته بتحسن معايير - وربما معاني - الحياة من حوله، وهي ربما تمنحنا نظرة أجد وأعمق في فهم محددات تطور الشخصية السعودية، وفي الانضباط الاجتماعي الطوعي الذي كان عليه الأغلبية، وذلك الذي يطوعه القانون والأنظمة التي فرضتها الجائحة.
بعد انتهاء الجائحة بإذن الله سنغير مقولة "عيونك تكفي"، إلى "عيونك كفت ووفت".