بقلم - حمد الكعبي
من المهم أن نقرأ أسباب الضعف الإداري التي هبطت بخمسة مراكز حكومية إلى تصنيف «الأسوأ»، في إطار نتائج تقييم 600 مركز خدمي في 29 جهة اتحادية، خصوصاً في ما يتعلق بمعايير الخدمات، وكفاءة الموارد البشرية، وإسعاد المتعاملين، إلى الحد الذي أعفى خمسة مديرين من مناصبهم، ووضع الجهات الخمس تحت ورشات إعادة تأهيل، وضغوط نحو الصعود إلى المستوى التنافسي مع المراكز الخدمية الخمسة الأفضل في الدولة.
مركز بريد الإمارات في منطقة الخان في الشارقة، استحق تصنيف الأسوأ، لأنه يعاني غياب الجودة الخدمية المطلوبة، تبعاً للمواصفات والشروط الحكومية الإماراتية، المعروف عنها ارتفاع معياريتها، ثم إن السعادة، بما هي هدف أساسي للحكومة، لم يحققها المركز في الاتجاهين، فانعدام الرضى الوظيفي انعكس حكماً على إسعاد المتعاملين، ما شكّل خللاً إدارياً كبيراً، استوجب العلاج السريع!
أيضاً، وعندما نقرأ نتائج التقييم، نتذكر أننا وقفنا في دوائر حكومية فترات متفاوتة للانتظار، وكنا لا نشاهد إلا قلة من الموظفين، فيما عدد المراجعين يزداد، دون رد فعل إداري لتسريع إنجاز المعاملات. هذا ليس ظاهرة عامة، لكن ذلك لا يمنع من وجود نوع من التراخي الإداري الذي تجب مواجهته بوضوح، وقد أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «لدينا الجرأة لتقييم أنفسنا وفرق عملنا، وتكلفة إخفاء الأخطاء والتقصير أكبر بكثير».
نعم.. ليس سهلاً على مدير مركز خدمات حكومية، ولا على موظفيه أن يكون نطاق عملهم ضمن الأسوأ، غير أنه لا مجال للتغاضي عن الأخطاء، تحت أي مبرر، فمثلاً مراكز الهوية والجنسية من أكثر الجهات الخدمية تعاملاً مع الجمهور، وهي ليست على سوية واحدة من الجودة، ففيما تصدر مركز الفجيرة قائمة أفضل مراكز الخدمات الحكومية الـ600 في الدولة، بفضل تطبيقه أعلى المعايير الحكومية، واستحق فئة «خمس نجوم»، أظهر التقييم أن مركز الهوية والجنسية في منطقة المحيصنة في دبي يعاني بطء الإجراءات، وطول وقت الانتظار، ولا يوجد معظم الموظفين في الصف الأمامي في مواقعهم.
لدينا الآن، أفضل خمسة مراكز خدمية حكومية، بتصنيف هذا العام، وهذا يفرض تحديات كبيرة عليها، للمحافظة على التصنيف، والبقاء في دائرة المنافسة، «فجودة الخدمات هدف متحرك، وليس ثابتاً، وتوقعات الناس اليوم غير قبل 10 سنوات» كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهذا في المقابل يضاعف العمل المطلوب إنجازه في المراكز المصنفة ضمن الأسوأ، كما أن ما ستتعرض له في عام مقبل من تغييرات إدارية وتأهيل بشري، يمثل درساً لدوائر ومراكز أخرى.
كل ذلك، ضمن تركيز حكومي على تطوير الإدارة المحلية، باعتبارها القاعدة الأساسية للتنمية، بمختلف دلالاتها وأهدافها، ويبقى الأهم هو الاستعداد للمستقبل، بحكومات تعرف أهمية الميدان، وتعرف أنه المكان الوحيد للفوز بأي سباق.