بقلم - حمد الكعبي
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتوجه هذا الأسبوع إلى الصين، استمراراً لسلسلة طويلة من اللقاءات المتواصلة بين قيادتي البلدين في الأعوام الأخيرة اللتين تتطلعان إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية في راهنها، والاستعداد لمستقبل واعد، ربما يغير معادلات القوى والمراكز في العالم، مع صعود مؤشرات عدة على الثقل الكبير لآسيا القريبة جداً لنا، وللصين، القطب المنادد الجديد.
تشير الأرقام إلى أن «نحو 60 % من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إلى جانب أن الدولة ثاني أكبر شريك تجاري للصين، مع احتفاظ الإمارات بموقعها بين أكبر الدول تصديراً للنفط، لهذا العملاق الآسيوي، المنافس المقلق لكبار المراكز السياسية والاقتصادية في عالم اليوم.
هذا جزء من علاقة متراكمة ومستمرة بين البلدين، بعد 35 عاماً على بدء علاقاتهما الدبلوماسية، وهذه انعكاسات لقوة الصلات التاريخية بينهما في أكبر قارات العالم مساحة، وأكثرها اتساعاً في الأسواق والفرص، بما يثير نقاشاً وتساؤلات في أميركا وأوروبا، فالصين تنهض إلى جوار قوى أساسية أيضاً كاليابان وكوريا الجنوبية والهند في تكتل سكاني قاري، يزيد قوامه على أربعة مليارات نسمة، ويشكل أكثر من 60 % من البشر.
العام الماضي، سجّل التبادل التجاري بين الإمارات والاتحاد الأوروبي نحو 47 مليار دولار، وناهز الحجم نفسه مع الولايات المتحدة الأميركية 30.6 مليار دولار، فيما وصل التبادل غير النفطي إلى 58 ملياراً مع الصين، ومن المتوقع أن يبلغ حدود الـ 70 ملياراً العام المقبل، وهذه الأرقام تُقرأ في سياق نجاح الإمارات في سياستها الخارجية المتوازنة، وقدرتها على تنمية مصالحها الاقتصادية، بعيداً عن التجاذبات والحروب الخفية بين أقطاب القارات.
وفي هذا الصدد، فنحن شريك رئيس في مشروع الصين الطموح «الحزام والطريق» الذي يُحيي «طريق الحرير» القديم، وتنفق بكين بموجبه مليارات الدولارات في مشروعات البنية التحتية في جغرافية واسعة بين آسيا وأوروبا، ويوفر لشركائها فرصاً اقتصادية هائلة، ويساعد على مزيد من انفتاح الشعب الصيني على الحضارات المجاورة والبعيدة، وقد شجعت الحكومة الصينية في السنوات الأخيرة مواطنيها على السياحة الخارجية، وكانت الإمارات في مقدمات الوجهات المفضلة، فاستقبلت العام 2017 أكثر من مليون سائح من هذا البلد.
أيضاً، فإن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تسعى إلى تأكيد تقدير الإمارات للخصوصية الحضارية العريقة للأمة الصينية، انطلاقاً من مبادئ الانفتاح الثقافي واحترام الآخر، فيما تتوسع المدارس الإماراتية في تدريس اللغة الصينية، وفي الابتعاث الأكاديمي للمعاهد والجامعات في هذا البلد.