حرب وجود

حرب وجود

حرب وجود

 صوت الإمارات -

حرب وجود

محمد صلاح
بقلم: محمد صلاح

«تمكنهم هزيمتنا إذا نجحوا في اختراق معنوياتنا». يبدو كأن العبارة الشهيرة لعمر المختار ترسخت في عقول وقلوب شعوب تواجه منذ سنوات حرباً ضروساً، لا تُستخدم فيها أسلحة وطائرات وصواريخ وبوارج وغواصات وإنما فتن ومؤامرات وأكاذيب ومنصات إعلامية تقذف، على مدى الليل والنهار، أسراب التحريض ودعاوى الفوضى، ناهيك عن دعم الإرهاب وتبرير جرائمه، والاغتيال المعنوي لكل شخص يتخذ موقفاً من «الإخوان»، أو يعارض دعم قطر الإرهاب، أو يرصد أحلام تركيا التوسعية، أو ينبه إلى اختراق المتطرفين مؤسسات غربية.

منذ سقوط حكم «الإخوان» في مصر لم تهدأ محاولات الجماعة والدول التي تدعمها، خصوصاً قطر وتركيا والجهات التي تؤيدها كأجهزة استخبارات غربية ومنظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية ومراكز بحثية، استغلال كل واقعة أو كارثة طبيعية تقع في مصر لمحاولة تمكين «الإخوان» مجدداً من العودة إلى واجهة الصورة، أو تبييض وجوه رموز الجماعة، وغسل سمعة التنظيم بعد ما اكتشف البسطاء في مصر وشعوب المنطقة والناس في أنحاء العالم، حقيقة «الإخوان» ومؤامراتهم، واطلعوا على الجرائم التي ارتكبوها، ورصدوا تحالفات الجماعة مع تنظيمات إرهابية أخرى كانوا يتصورون أن لا علاقة لـ «الإخوان» بها.

في مرحلة لاحقة وجد «الإخوان» أن مصر ليست وحدها، وأن الشعب المصري الذي ثار ضد حكم الجماعة «وخلع» محمد مرسي عن المقعد الرئاسي تسانده شعوب أخرى اتخذت أيضاً مواقف مناوئة لـ «الإخوان» ورافضة تغلغل التنظيم في مجتمعاتها، ومحاولات الجماعة التسرطن في مؤسساتها، فاتسعت حملة «الإخوان» لتشمل أيضاً المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، وتلاقت مصالح التنظيم مع قطر وتركيا مجدداً، فالدول الثلاث بالإضافة إلى مصر تعارض بالأساس دعم قطر الإرهاب واحتضانها رموز الإرهابيين، وإنفاقها على معسكرات الجماعة الإرهابية في بلدان عدة، بينما تركيا تحولت ملاذاً للفارين من الملاحقات القضائية وهي تقدم دعماً معنوياً مهماً لـ «الإخوان» وحلفائهم، كما سمحت بأن تتحول أراضيها إلى قاعدة لمنصات إعلامية تطلق من خلالها مواد التحريض وقذائف الكراهية. لذلك لم يكن غريباً أن تستغل هذه الأطراف حادث جمال خاشقجي لإحداث أكبر ضرر ممكن بالسعودية، تماماً ومن دون أي اختلاف عن استخدامها حادث المواطن الإيطالي ريجيني في مصر أو المزاعم والأكاذيب التي لا تتوقف عن الإمارات والبحرين. لم يغب عن متابعي ما جرى في القنصلية السعودية في إسطنبول أن كل التسريبات والمعلومات والأخبار لا تتجه إلى كشف تفاصيل الحادث وإنما تصب في زاوية التحريض على المملكة، وهذا ما يفسر الإحباط الذي شعر به «الإخوان» والمنصات الإعلامية القطرية بعد كلمة الرئيس التركي أخيراً، إذ كانوا يأملون بأن يطرح معلومات تسبب حرجاً للسعودية وفوجئوا بأن التفاصيل التي أعلنتها السلطات السعودية ذاتها تحوي وقائع أكثر بكثير من تلك التي جاءت على لسان الرئيس التركي.

عموماً هناك ثقة في جدية التحقيقات السعودية وشفافيتها حول الحادث، أما الجانب الآخر المتعلق بمحاولات «الإخوان» وقطر وبقية ذلك التحالف لاستثمار الحادث فلن يتوقف، وكلما هدأ الحديث عن الموضوع أو وجدت وسائل الإعلام قصة أخرى تنشغل بها أو تشغل الناس ستعمد المنصات الإعلامية القطرية واللجان الإلكترونية «الإخوانـ»ـية والأجهزة التركية إلى تسخين القضية عبر تسريبات جديدة أو فبركات أو أكاذيب وأفلام ومسلسلات إلى أن تظهر في الأفق ملامح أزمة أو كارثة في أي من الدول المعارضة لدعم قطر الإرهاب والراصدة محاولات الهيمنة الإقليمية التركية وصاحبة المواقف الصارمة ضد «الإخوان»، عندها تتحول البوصلة نحو الحدث الجديد لاستغلاله أيضاً لإيذاء مصر أو الإضرار بالسعودية أو التشهير بالإمارات أو النيل من البحرين. لعل أهم ما أفرزت أزمة مقتل خاشقجي أن الحرب التي تشنها قطر ويحتشد لها «الإخوان» وتتواطأ فيها تركيا تواجه بمقاومة شعبية ويتصدى لها مواطنو الدول الأربع الرافضة دعم قطر الإرهاب، وكلما صعَّدت المنصات الإعلامية من لهجتها واشتدت حدة مؤامراتها تماسكت مجتمعات الدول الأربع بصورة أكبر، لأنها تحصنت ضد «الإخوان» وفطنت إلى مؤامرات قطر ووعت أحلام تركيا التوسعية وتدرك أنها تخوض حرب وجود ضد أعداء الوجود.

نقلًا عن الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب وجود حرب وجود



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates