«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة
آخر تحديث 20:15:14 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 11 نيسان / أبريل 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة!

«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة!

 صوت الإمارات -

«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة

بقلم : راجح الخوري

عندما اختارت أنجيلا ميركل، 67 عاماً، أن تغادر مكتبها في مقر المستشارية الألمانية بعد 16 عاماً من قيادة ألمانيا وزعامة أوروبا تقريباً، ولعب دور بارز وفاعل على مسرح السياسة والأحداث الدولية، لتعود إلى شقتها المعتادة المتواضعة التي عاشت فيها دائماً مع زوجها يواكيم سوير، والتي تقع في الطابق الرابع من بناء قديم عمره مائة عام في برلين، حيث كانت دائماً تتولى بنفسها ترتيبها وتنظيفها ومسحها وإعداد الطعام وغسل الصحون، كانت بهذا تقدم درساً تاريخياً إلى كثيرين من الزعماء الذين متى جلسوا على كرسي الحكم التصقوا به.
وعندما قالت يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي لوكالة «بلومبرغ»: «قررت أن أول شيء سأفعله بعد الخروج من الحكم هو لا شيء وسأنتظر ما يحدث، لكنني سأعد لنفسي جدول أعمال لأنني أخشى الفراغ، الفراغ القاتل»، كانت تقدّم درساً ثانياً إلى كثيرين من الزعماء الملتصقين بكراسيهم، ومفاده مدى متعة وفائدة أن لا تفعل شيئاً بعد أن تكون قد صنعت تاريخاً من الأشياء العظيمة، على امتداد 30 عاماً من تاريخ ميركل السياسي منها 16 عاماً في المستشارية الألمانية، التي لعبت دوراً محورياً على الصعيدين الأوروبي والدولي، ليس لمجرد أن ميركل صنعت لبلادها أقوى اقتصاد في العالم ورعته.
وعندما قالت إنها تريد التفكير بحرص شديد في المرحلة المقبلة من حياتها، حول السؤال الذي يتردد في داخلها: هل تريد أن تكتب، أن تتحدث، أن تذهب إلى رحلات التخييم، أن تمكث في البيت، أم تسافر حول العالم، كانت تقدم الدرس الثالث من حيث لا تقصد طبعاً، إلى كثيرين من هؤلاء الزعماء، الذين ليسوا في الكتابة ولا حتى في التفكير أن في هذا العالم، غير متعة السلطة التي يتعربطون بها!
لكنها أنجيلا ميركل التي قال عنها الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش: «إن ميركل نقلت الجودة والكرامة إلى موقع مهم للغاية، واتخذت قرارات صعبة للغاية، لقد فعلت ما هو الأفضل لألمانيا وفعلته من منطلق المبادئ»، ولهذا يمكن فهم كلام بوش، خصوصاً عندما تقول ميركل إنه نظراً لأنها انخرطت في عالم السياسة قبل أكثر من 30 عاماً، فإنها لم تسأل نفسها أبداً عن الشيء الآخر، الذي يمكن أن يثير اهتمامها «ولأنني بلغت السابعة والستين فليس لديّ وقت لا نهائي»، هذا في حين لا نهاية للوقت ولا حتى للحياة في حسابات كثيرين من الزعماء «المرتاحين» في كراسيهم!
وفي الواقع كانت القيم المحترمة، أي الرضا عن النفس والمحافظة على تاريخ من الجودة والكرامة، هي التي جعلتها تنسحب من رئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي أواخر عام 2018، وهي أيضاً التي جعلتها تقول في مايو (أيار) الماضي: «أنا لست متاحة لأي منصب سياسي جديد»، ويأتي هذا القرار كخلاصة مثيرة بعدما تم وصفها على نطاق عالمي بأنها حاكم الأمر الواقع لزعامة الاتحاد الأوروبي، ولقد سمّتها مجلة «فوربس» عام 2015 ثاني أقوى شخص في العالم، ثم وصفتها في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 بأنها أقوى امرأة في العالم برقم قياسي للمرة العاشرة.
عندما قالت ميركل في مقابلة سابقة لمجلة «Superillu» الألمانية إنها ما زالت تشتري بعض الأشياء بمجرد رؤيتها، حتى لو لم تكن في حاجة إليها، كانت تشير إلى طفولتها في ألمانيا الشرقية، وإلى عادة متأصلة عميقة الجذور تتصل بالوضع الاقتصادي السيئ حيث كانت الأشياء نادرة، وفي هذا السياق تحديداً صدر مؤخراً كتاب عن السيرة الذاتية لأول مستشارة ألمانية كتبته الصحافية الألمانية باتريشيا ليسنر كراوس وعنوانه «ميركل... السلطة... السياسة»، وجاء فيه أن ميركل الطالبة الأولى في مدرستها، كانت تريد أن تصبح معلمة، لكنّ حلمها تبدّد لأن الحكومة الشيوعية في ألمانيا الشرقية رأت أن أسرتها مشتبه بها، لذلك درست هندسة الفيزياء، لكنها عملت لبعض الوقت نادلة في حانة.
تقول ميركل في الكتاب: «نعم عملت نادلة في حانة، وكنت أحصل على أجر يتراوح بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب أبيعه، وهذا منحني دخلاً إضافياً تراوح بين 20 و30 ماركاً أسبوعياً، وهو ما أسهم إلى حد كبير في دفع الإيجار»، وقد دخلت ميركل عالم السياسة في أعقاب ثورات 1989 وبدأت كنائبة للمتحدث باسم حكومة منتخبة في ألمانيا الشرقية، لكنها بعد توحيد ألمانيا انتُخبت نائباً في البوندستاغ، ثم عيّنها هيلموث كول وزيرة عام 1991، وصارت عام 1998 أميناً عاماً للحزب الديمقراطي المسيحي ثم زعيمة، لتدخل المستشارية عام 2005.
عشية ذهاب الألمان إلى صناديق الاقتراع، اختارت ميركل أن تبتعد عن السياسة، بدت كمن يزيح حملاً ثقيلاً عن كتفيه، ذهبت إلى متنزه للطيور ولاعبت عدداً من الببغاوات الملونة، التي نقرت يديها وحطت على رأسها وهي تصرخ كطفل وتقدم لها الحبوب، وتوقفت مراراً لتلتقط صور السيلفي مع المواطنين الذين يطلقون عليها اسم «موتي» أي والدتي، كما يسميها اللاجئون السوريون والعراقيون «ماما ميركل»، لكنها ظلت تمثل على مدى 16 عاماً في المستشارية «المرأة الحديدية» وزعيمة الاتحاد الأوروبي، لكنّ الكثيرين يتذكرون أنه تم انتخابها في أولدنبورغ عام 2001 «ملكة الملفوف» لأن الملفوف الأخضر هو طعامها المفضل!
ذات يوم قالت ميركل إن الحياة من دون أزمات ستكون بالطبع أبسط، لكن عندما تظهر لا بد من التغلب عليها، وإن هذه الأزمات التي تأتي غالباً من الخارج تُظهر أن الألمان جزء من كلٍّ عالميٍّ. لكن يمكن القول الآن إن ميركل التي لا تريد ولم تفكر في أن تفعل شيئاً بعد تقاعدها، ستكون أمام أزمة معقّدة تتمثل في تشكيل الحكومة الألمانية واختيار المستشار من بعدها، وذلك بسبب النتائج المتقاربة جداً التي أفرزتها الانتخابات بين الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي، إضافةً إلى حزب الخضر والحزب الليبرالي اليميني الحر، وهو ما دفع المراقبين إلى القول إنه سيكون من الصعب تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية السنة، بما قد يمثل في نظر ميركل أزمة لا بد من المساعدة في حلها والتغلب عليها كما تقول، أم أنها ستبقى مبتعدة بعدما فعلت الكثير والكثير وتقاعدت كي لا تفعل شيئاً كما تقول، لكنها ستبقى دائماً قمة مميزة في القيادة والزعامة، نقلت فعلاً الجودة والكرامة إلى موقع مهم للغاية كما قال بوش، ونافست، لا بل تفوقت على، مارغريت ثاتشر في حمل لقب المرأة الحديدية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النادلة» مستشارة الجودة والكرامة «النادلة» مستشارة الجودة والكرامة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:12 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

حكم قضائي جديد يلاحق الإعلامية فجر السعيد
 صوت الإمارات - حكم قضائي جديد يلاحق الإعلامية فجر السعيد

GMT 04:40 2025 الثلاثاء ,08 إبريل / نيسان

فوائد صحية مذهلة لتناول 3 تمرات و5 حبات لوز كل صباح

GMT 14:50 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

آرسنال يفكر في الاستغناء عن آرسين فينغر قبل نهاية عقده

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

شيفروليه تطلق الجيل الجديد من سلفرادو 2019

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تشجيع البحث العلمي والدراسات للوقاية من المخدرات في فلسطين

GMT 01:05 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

أحذية الأشرطة تظهر بتصاميم خاصة لموسم ربيع 2015

GMT 11:49 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"آخر المحظيات" كتاب جديد لسعاد سليمان في الأسواق

GMT 21:54 2013 السبت ,08 حزيران / يونيو

صدور كتاب "إبداعات قصصية" عن دار الوطن

GMT 05:01 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فوائد زيت السمك في علاج قرح الفراش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates