عودة الخميني التي غيّرت المنطقة

عودة الخميني التي غيّرت المنطقة

عودة الخميني التي غيّرت المنطقة

 صوت الإمارات -

عودة الخميني التي غيّرت المنطقة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

قبل 42 عاما عاد آية الله الخميني الى ايران من منفاه الفرنسي. كان ذلك في الاوّل من شباط – فبراير من العام 1979. مع عودة الخميني ورحيل الشاه ونظامه، دخلت المنطقة كلّها مرحلة جديدة. دخلت مرحلة لم تخرج منها الى يومنا هذا.

بعد مضيّ كل هذه السنوات، يتبيّن ان عودة الخميني الى طهران من بلدة نوفل- لو – شاتو الفرنسية القريبة من باريس، غيّرت المنطقة كلّها واخذتها الى مزيد من الغياب للاستقرار من ايّ نوع كان، خصوصا في ظلّ بروز ظاهرة اسمها الغرائز المذهبية التي انتعشت فجأة.

جاءت عودة الخميني، وهي حدث تاريخي بالفعل، في وقت غاب فيه أي تقدير عربي لخطورة التغيير الذي حصل في ايران وابعاده. لم يوجد في تلك المرحلة من يستطيع تقدير الموقف الإقليمي بدقة وتصوّر مدى خطورة ما حدث، خصوصا في ظل أميركية متردّدة، كان على رأسها جيمي كارتر. ليس العرب وحدهم الذين لم يحسنوا قراءة المشهد الإيراني. هناك دول كبيرة لم تستطع تقدير ما يدور في ايران من تطورات. من بين هذه الدول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. لا تزال بريطانيا تبحث الى الآن، عمّا حصل فعلا في ايران ولماذا لم تستطع سفارتها في طهران إعطاء تقييم صحيح لما يجري في ذلك البلد ولماذا كان هناك اهمال وتجاهل للقوى المعارضة.

كانت عودة الخميني عودة مظفّرة بعد غياب في المنفى استمرّ 14 عاما قضى معظمها في العراق. كان الملايين في استقبال رجل الدين الإيراني الذي ما لبث ان كشف ان لديه مشروعا خاصا به لا علاقة بالليبيراليين من جماعة "حركة تحرير ايران" الذين كانوا يتطلعون الى إقامة نظام ديموقراطي على الطريقة الأوروبية. كان لدى الخميني مشروعان الاوّل للداخل الإيراني والآخر للخارج. فرض على الإيرانيين دستورا صاغه في خدمة نظريّة الوليّ الفقيه وما لبث ان ابعد كلّ من له علاقة بالغرب الذي دعم الثورة الإيرانية ودعمه شخصيا في مرحلة كان الخوف فيها من تمدّد الاتحاد السوفياتي خارج حدود أفغانستان بعد احتلاله لها.

على صعيد الخارج، لم يتغيّر شيء في ايران. ما زالت "الجمهورية الاسلاميّة" تنادي بـ"تصدير الثورة"، لكنّ المفارقة انّ الولايات المتحدة التي لم تعترض على رحيل الشاه في مرحلة ما قبل 1979، وفّرت لإيران دعما حقيقيا لمشروعها التوسّعي في العام 2003 عندما سلمتها العراق على صحن من فضّة. لم يتغيّر شيء منذ عودة الخميني الى طهران في اول شباط – فبراير 1979. لا تزال الأسئلة المطروحة هي ذاتها. هل تستطيع "الجمهورية الإسلامية" التي أسسها الخميني ان تكون دولة طبيعية من دول المنطقة... ام لا خيار امامها سوى متابعة "تصدير الثورة" الى خارج أراضيها؟

لا شكّ انّ السقوط العربي في فخ الشعارات خدم النظام الجديد في ايران الى حد كبير. لم تكن السنة 1979 سنة عادية في العالم. ففي موازاة الاجتياح السوفياتي لأفغانستان، وسقوط نظام الشاه، بدأت مرحلة عربيّة جديدة بعدما وقعت مصر اتفاق سلام مع إسرائيل في آذار – مارس من تلك السنة. كان اكبر خطأ ارتكبته المجموعة العربيّة في تلك السنة الذهاب الى النهاية في عزل مصر وذلك تحت تهديد البعثين السوري والعراقي وابتزازهما.

مع مرور السنوات، لم يعرف هل عزل العرب الآخرون مصر، ام ان العرب عزلوا انفسهم وصاروا اكثر فاكثر تحت رحمة ايران الموجودة حاليا في العراق وسوريا ولبنان واليمن. كلّ ما يمكن قوله ان هذا الحزب الذي جعل الريف يتحكّم بالمدينة، اكان ذلك في سوريا او في العراق، لعب الدور المطلوب منه في مرحلة معيّنة في خدمة النظام الذي قام في ايران في مرحلة ما بعد الشاه. دفع العراق ثمنا غاليا بسبب غياب الفهم لما يدور في ايران. خاض معها حربا استمرّت ثماني سنوات (1980- 1988) بعدما اساء احمد حسن البكر وصدّام حسين، في حينه، وعن حسن نيّة استيعاب معنى قيام "الجمهورية الاسلاميّة" في ايران وخروج مصر من المعادلة العربية في الوقت ذاته.

لا مجال لتعداد كلّ الفصول التي توالت منذ شباط – فبراير من العام 1979 مع عودة الخميني الى طهران والتي كشفت طبيعة المشروع التوسّعي الإيراني، الذي قام بين ما قام عليه، على استخدام الميليشيات في هذا البلد العربي او ذاك من جهة واثارة الغرائز المذهبية من جهة أخرى. لعلّ استغلال موسم الحج في المملكة العربيّة السعودية، بهدف "تسييسه"، في مرحلة ما، يعطي فكرة عن المشروع الإيراني الذي بقيت السعودية هدفا له في كلّ وقت.

لم تتردّد ايران في كلّ مناسبة الّا وأكدت انّها الوصيّة على العالم العربي وعلى الخليج. خطفت القضية الفلسطينية والقدس وتاجرت بهما ولا تزال تفعل ذلك. فوق ذلك كلّه زايدت على المزايدين العرب في هذا المجال. لم يحل ذلك كلّه دون وصول النظام الذي أقامه الخميني الى ساعة الحقيقة.

ماذا تعني ساعة الحقيقة؟ تعني امرين. اوّلهما ان ايران في موقع الهجوم منذ العام 1979. ما زالت في هذه الموقع الى يومنا هذا حتّى في مكان مثل اليمن الذي حولت شماله الى قاعدة اطلاق صواريخ في اتجاه الأراضي السعودية. امّا الامر الثاني، الذي تعنيه ساعة الحقيقة، فهو ان ايران لم تستطع في 42 عاما تقديم نموذج يمكن الاقتداء به على ايّ صعيد كان وفي أي منطقة من العالم. لم تقدّم سوى الخراب والبؤس، اكان ذلك في ايران نفسها او في سوريا والعراق ولبنان... واليمن. لعلّ ما آل اليه لبنان الذي تحوّل الى دولة فاشلة، بفضل سلاح "حزب الله" وممارساته يعطي فكرة عن البضاعة التي ليس لدى ايران ما تصدّره غيرها.

عاجلا ام آجلا، وبغض النظر عن كيفية تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع ايران ومع الاتفاق في شأن ملفّها النووي، سيبقى السؤال المطروح نفسه وذلك منذ 42 عاما. هل ايران دولة طبيعية ام لا؟ هل تستطيع العيش مع محيطها العربي والتعاطي معه بطريقة لائقة بعيدا عن فكرة الهيمنة؟

غيّرت عودة الخميني الى ايران المنطقة. تغيّرت دول كثيرة نحو الأسوأ على كل صعيد، بما في ذلك ايران نفسها. ماذا تنفع كلّ صواريخ العالم وكلّ قنابله النووية اذا كان نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الخميني التي غيّرت المنطقة عودة الخميني التي غيّرت المنطقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 03:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 صوت الإمارات - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates