العناد لا يصلح سياسة في اليمن

العناد لا يصلح سياسة في اليمن

العناد لا يصلح سياسة في اليمن

 صوت الإمارات -

العناد لا يصلح سياسة في اليمن

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ثمّة حاجة اكثر من ايّ وقت للتفكير في كيفية وضع حدّ للتمدّد الحوثي في اليمن من جهة ووقف الاعتداءات التي تستهدف المملكة العربيّة السعودية انطلاقا من الأراضي اليمنيّة. الأكيد ان ذلك لا بد ان يترافق مع معالجة الكارثة الإنسانية التي بات اسمها اليمن وهي كارثة على كلّ المستويات بسبب انتشار الفقر والجوع والمرض.

هناك وضع يزداد تدهورا في اليمن. هذا الوضع ناجم عن عوامل عدّة. لعلّ ابرز هذه العوامل السياسة التي تتبعها الإدارة الأميركية الجديدة التي تعتقد انّ عليها اعتماد مقاربة مختلفة للوضع اليمني من منطلق انساني بحت. يوجد منطق لمثل هذه السياسة، مثلما انّ هناك جانبا فيها لا علاقة له بما يدور على ارض الواقع. لا جواب بعد عن سؤال في غاية البساطة. يتعلّق هذا السؤال بالسبب الذي يدعو إدارة جو بايدن الى إعادة الاعتبار للحوثيين الذين يسمّون نفسهم "انصار الله"؟ هل يكفي ان تكون الإدارة الحالية رافضة لكلّ سياسات الإدارة السابقة كي يصبح الحوثيون، على الرغم من كلّ ما يفعلونه في اليمن وفي محيطها المباشر، مجرّد تنظيم سياسي مسالم اشبه بجمعية خيرية؟

يكفي ما فعله الحوثيون باهل صنعاء، المدينة الجميلة والمسالمة الفاتحة ذراعيها لاستقبال كلّ يمني، وما لا يزالوا يفعلونه بهم كي يوسموا بالجماعة الإرهابية. اثبت الحوثيون انّهم جماعة تسعى الى القضاء على كل ما له علاقة باي تطور في المجال البشري والانساني. لا يمتلكون ايّ مشروع اقتصادي او ثقافي او سياسي من أي نوع باستثناء الترويج لثقافة الموت وترسيخ الانقسامات ذات الطابع المذهبي التي كان اليمن بعيدا عنها في الماضي.

يكفي الشعار الذي يرفعونه والذي يسمّونه "الصيحة" كي تكون هناك مقاطعة لهم على كلّ المستويات، يمنيا وخليجيا وعربيتا ودوليّا. يرفع الحوثيون شعار "الموت لاميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام". لنضع جانبا الموت لاميركا والموت لإسرائيل والنصر للاسلام. من حقّ كلّ شخص في هذا العالم ان يكون لديه موقف من اميركا وإسرائيل. ما ليس مفهوما كيف يمكن لعن ديانة بحدّ ذاتها مثل الديانة اليهودية، خصوصا ان هناك يمنيين من اليهود وكان عدد من هؤلاء يعيشون الى ما قبل فترة قصيرة في صعدة التي هي معقل الحوثيين وزعيمهم عبد الملك الحوثي.

قبل الحوثيين، لم يتجرّأ سوى النازيين على لعن اليهود. هل الادارة الأميركية مستعدّة في الوقت الحاضر، علما انّها إدارة ذات طابع كاثوليكي – يهودي، لإعادة الاعتبار للنازية وتاريخها وما ارتكبته في حقّ الإنسانية عموما وفي حق اليهود بوجه خاص؟

من يتفادى اتخاذ موقف واضح من تصرفات الحوثيين لا يستطيع تكوين مقاربة سياسية بناءة في اليمن، علما ان الحوثيين جزء من النسيج اليمني وان ظلما لحق بمناطقهم في الماضي، خصوصا في مرحلة ما بعد قيام الجمهورية اليمنية في العام 1962 ثم المصالحة اليمنية مطلع سبعينات القرن الماضي. بقيت مناطق الحوثيين، مثل صعدة خارج مشاريع التنمية بشكلها البدائي. لكنّ مثل هذا الظلم يجب الّا يتحول الى ظلم يمارسه الحوثيون الذي يسيطرون على صنعاء منذ الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014.

لم يكن ممكنا ممارسة الحوثيين لسياسة هجومية في كلّ الاتجاهات لولا انّ هناك "شرعيّة" يمكن الاتكال عليها في أيّ مجال من المجالات باستثناء مجال التواطؤ من تحت الطاولة واحيانا من فوقها بينها وبينهم. باختصار شديد، لا يمكن مواجهة الحوثيين والمشروع الإيراني الذين يعتبرون رأس حربته في اليمن من دون إعادة تشكيل ما يسمّى "الشرعية" التي على رأسها الرئيس المؤقت عبد ربّه منصور هادي القابع في المملكة العربيّة السعودية. بعض الصراحة ضروري بين حين وآخر. دفع اليمن غاليا ثمن حقد عبد ربّه منصور هادي على سلفه علي عبدالله الصالح الذي اصرّ الحوثيون على اغتياله بدم بارد في الرابع من كانون الاوّل – ديسمبر 2017.

من أسوأ ما فعله الرئيس المؤقت الذي تسلّم موقع رئاسة الجمهورية في شباط – فبراير 2012 تفكيكه الجيش اليمني والحرس الجمهوري تحديدا الذي كان على رأسه احمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس الراحل. حسنا، كان عبد ربّه يريد الانتقام من سلفه لاسباب ذات طابع شخصي وعقد نفسيّة ولكن ماذا عن جريمة تفتيت الجيش اليمني والحرس الجمهوري الذي كان قادرا على مواجهة الحوثيين، وهو ما فعله بكفاءة بخوضه ست حروب معهم بين 2004 و2010.

اخلى احمد علي عبدالله صالح الساحة اليمنية للرئيس المؤقت بعد 2012. على الرغم من ذلك، كان هناك إصرار على دفع مجلس الامن الى فرض عقوبات عليه. هذا ظلم ليس بعده ظلم اساء الى "الشرعية" قبل ان يسيء الى احمد علي عبدالله صالح او الى علي عبدالله صالح الذي يمكن ان تكون هناك مآخذ كثيرة، بل مآخذ لا تحصى، عليه.

لكنّ ما لا يمكن تجاهله ان الرجل لم يتوقف في ايّ وقت عن التحذير من الحوثيين وخطرهم ومن الاخوان والمسلمين الذين دفعوا في العام 2011 الى التخلّص منه مستغلّين "الربيع العربي".

يحتاج اليمن الى مقاربة جديدة لا تقوم فقط على السير في سياسة تتعارض كلّيا مع تلك التي اعتمدتها إدارة ترامب. لا يمكن مواجهة الحوثيين الذين بدأت الإدارة الأميركية تكتشف خطرهم يوما بعد يوم، من دون "شرعية" جديدة. مثل هذه "الشرعيّة" تفرض اوّل ما تفرض طرح ما اذا كان في الإمكان إعادة بناء الجيش اليمني استنادا الى ما بقي منه. هذا اوّلا. لا مفرّ ثانيا من التساؤل هل بقي شيء من التنظيم السياسي (المؤتمر الشعبي العام) الذي بناه علي عبدالله صالح والذي كان يغطي في مرحلة معيّنة كلّ اليمن. من الصعب الرهان على المؤتمر الشعبي الذي مات مع موت علي عبدالله صالح، لكنّ ليس ما يجب ان يحول دون التساؤل هل لا يزال هناك ما يمكن البناء عليه في اليمن؟

في النهاية، إنّ العناد لا يمكن ان يكون سياسة يمنية. الخروج من العناد يبني سياسة. هذا الخروج يعني الاعتراف بانّ لا امل في تسوية سياسية ما في اليمن من دون تطورّ ما، قد يكون عسكريا، يجعل الحوثيين يأخذون حجمهم الحقيقي من جهة ومن دون إعادة تشكيل "الشرعية" التي لم تستطع الى الآن سوى ان تكون فشلا متنقلا من جهة اخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العناد لا يصلح سياسة في اليمن العناد لا يصلح سياسة في اليمن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates