الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا

الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا...

الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا...

 صوت الإمارات -

الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تكمن اهمّية الضربة الأميركية لهدف إيراني في سوريا في الرسائل التي يبدو انّ إدارة جو بايدن ارادت توجيهها الى طهران من جهة والى الذين يعتقدون انّ محور المقاومة والممانعة انتصر في المنطقة من جهة اخرى. من بين هؤلاء النظام السوري وبعض التابعين لإيران في العراق ولبنان واليمن والأراضي الفلسطينية. لم ينتصر محور المقاومة والممانعة ولا يمكن له ان ينتصر. يمكن لهذا المحور ان يدمّر في هذه الدولة العربيّة او تلك لا اكثر. لعلّ الدليل الأبرز على ذلك ما حلّ بلبنان الذي يدفع يوميا ثمن الانتصارات التي تحقّقت على حسابه وعلى حساب شعبه ومستقبل ابنائه!

تعكس الضربة التي استهدفت "كتائب حزب الله" و"كتائب سيّد الشهداء"، الى رغبة أميركية في عدم الرضوخ لإيران والتعاطي معها على طريقة إدارة دونالد ترامب وان في ظلّ الرغبة في إبقاء باب الحوار مفتوحا من اجل العودة الى الاتفاق النووي. من الواضح، ان الإدارة الأميركية الجديدة تفضل تفادي الذهاب بعيدا في قطع الجسور مع ايران، لكن الرسالة تبدو جليّة لجهة ان لا عودة الى أي اتفاق مع ايران من دون توافر شروط معيّنة من بينها الصواريخ الباليستية والمجنّحة وسلوك ايران خارج حدودها. 

تشير الضربة، وهي الأولى من نوعها منذ خلافة جو بايدن لدونالد ترامب، الى ان الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة امام ايّ استفزاز إيراني. جاء قصف مواقع لميليشيات مذهبية تابعة لإيران في الأراضي السورية ردّا على قصف هذه الميليشيات، من أراض عراقية القاعدة الأميركية في أربيل. لا وجود، اذا، لطرف أميركي يكتفي بتلقي الضربات الإيرانية والاكتفاء في الوقت ذاته بالاستماع الى ما تطلبه طهران والرضوخ لها.

راعت إدارة بايدن اعتبارات عدّة في مقدّمها حكومة مصطفى الكاظمي في العراق. كذلك راعت، ظاهرا، ايران التي لا ترى أي مشكلة في مقتل عراقيين محسوبين عليها يتولون خدمة مصالحها في سوريا.

المهمّ الآن، كيف ستتصرّف ايران بعد الضربة التي اكّدت ان لدى إدارة بايدن الرغبة في اللجوء الى القوّة متى ينفد صبرها، كما اكّدت ان سوريا مجرّد "ساحة" يتصرّف فيها الأميركي والروسي والإسرائيلي والتركي والإيراني كلّ على هواه. ليس مستبعدا اعتماد ايران متابعة سياسة الهرب الى امام في تعاطيها مع الإدارة الأميركية. تقوم هذه السياسة على فكرة انّ الاستفزازات التي تلجأ اليها "الجمهورية الإسلامية" ان عبر العراق او سوريا او لبنان او اليمن ستجبر إدارة بايدن على العودة الى الاتفاق في شأن ملفّها النووي سريعا وان ليس امام الإدارة سوى رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب. اكثر من ذلك، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف يطالب بتعويضات أميركية بمليارات الدولارات (الف مليار دولار).

اذا كانت الضربة الأميركية كشفت شيئا، فهي كشفت ان ايران سارعت الى اعلان انتصارها، على دونالد ترامب، من دون اخذ في الاعتبار للتعقيدات الداخلية الأميركية التي تحول دون استسلام إدارة بايدن لشروطها. في النهاية، هناك قوى داخل الكونغرس مستعدة في كلّ لحظة لاثارة موضوع ايران وسلوكها والتذكير بانّ العقوبات التي فرضت عليها لا يمكن رفعها بسهولة. إضافة الى ذلك، هناك قوى إقليمية في الخليج والشرق الأوسط ترى نفسها مهدّدة من ايران. لا يستطيع الرئيس الأميركي التأكيد للملك سلمان بن عبدالعزيز ان اميركا مستعدة لحماية امن السعودية والتغاضي في الوقت ذاته عن الاعتداءات الإيرانية المستمرّة على المملكة عن طريق الحوثيين في اليمن.

عاجلا او آجلا، سيكون على إدارة بايدن ان تسأل نفسها هل ايران دولة طبيعية كي تعود الى الاتفاق النووي الموقع معها في العام 2015. اذا وجدت إدارة بايدن في ايران دولة طبيعية، فهذا يعني بكلّ بساطة انّ الإدارة نفسها غير طبيعية لا اكثر. فالسؤال الذي سيطرح نفسه في الأسابيع القليلة المقبلة ما الذي تفعله ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ هل هي عامل استقرار ام عامل تخريب وتدمير في كلّ هذه البلدان العربيّة؟

وضعت الضربة الأميركية ايران امام مفترق. سيتوجب عليها قريبا اخذ العلم بانّ كلّ احلامها في ما يخصّ العودة الأميركية من دون شروط الى الاتفاق النووي ليست سوى أوهام في منطقة تغيّرت كلّيا بين 2015 و2021. امّا بالنسبة الى إدارة بايدن نفسها، ستكتشف هذه الإدارة انّ سياسة ادارة ترامب لم تكن سياسة خاطئة مع "الجمهورية الاسلاميّة". على العكس من ذلك، يمكن البناء على هذه السياسة بدل الكلام الفارغ عن انّ التمسّك الاميركي بالاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني كان افضل من تمزيقه، كما فعل دونالد ترامب في العام 2018. هذا ليس صحيحا نظرا الى ان ايران استغلّت الاتفاق للتمدد في المنطقة عبر ميليشياتها من منطلق انّها تعتبر نفسها قوّة إقليمية تستطيع ان تفعل ما تشاء بمجرّد ابتزازها لأميركا وأوروبا عن طريق مشروعها النووي.

تحتاج إدارة بايدن في الأسابيع القليلة المقبلة الى إعادة نوع من التوازن الى سياستها الخليجية والشرق الأوسطية. يفترض بها ان ترى بعينين وليس بعين واحدة. صحيح انّ هناك تحسّسا أميركيا من وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان بسبب الطريقة الوحشية التي تمّ التخلّص فيها من الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، لكنّ الصحيح أيضا مثل هذا التحسّس يجب الّا يتحكّم بالسياسة الأميركية في المنطقة، بما في ذلك اليمن. فدول الخليج، في مقدّمها السعودية، في حال دفاع عن النفس في اليمن بسبب الوجود الإيراني فيها. والأكيد في هذا المجال انّ التغاضي عن الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيّرة التي تنطلق من اليمن سيفتح شهيّة طهران على مزيد من الاعتداءات.

مثلما انّ على ايران ان تعي ان الإدارة الأميركية ليست في صدد الاستسلام لها، يفترض في إدارة بايدن ان تأخذ في الاعتبار انّ الاستسلام لإيران ليس خيارا اميركيا. إنّه بالطبع ليس خيار دول المنطقة التي عانت وتعاني من العدوانية التي تمارسها "الجمهورية الاسلاميّة" تجاهها يوميا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا الاستسلام الأميركي لإيران ليس خيارا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates