هروب الدولار من لبنان

هروب الدولار من لبنان

هروب الدولار من لبنان

 صوت الإمارات -

هروب الدولار من لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم :خيرالله خيرالله

في حال كان كبار المسؤولين في لبنان عاجزين عن الإقدام على أي خطوة في اتجاه الخروج من حال الانهيار التي يعاني منها البلد، فإن أفضل ما يستطيعون عمله في مواجهة الكارثة يتمثّل باحترام، في الحدّ الأدنى، لعقول الناس.
تتطلب الترجمة العملية لاحترام عقول الناس الاعتراف بالأمر الواقع. يتمثّل هذا الأمر الواقع في أنّ لا مصلحة من أي نوع للبنان في أن يكون تحت سيف "قانون قيصر" الأميركي الذي فرض عقوبات على النظام في سورية وعلى كلّ من يتعاطى معه من قريب أو بعيد.
يروي أحد الذين يعرفون الوضع السوري جيّدا أن كلّ الكلام الإيراني عن دعم النظام السوري، من الناحية الاقتصادية، كلام لا معنى له في الوقت الحاضر، خصوصا بعدما صارت إيران دولة مفلسة.
تبحث "الجمهورية الإسلامية" عن الدولار تحت سابع أرض في ضوء العقوبات الأميركية المفروضة عليها. يتحدّث المسؤولون الإيرانيون عن فتح خط ائتمان يسهّل استيراد سورية لبضائع إيرانية. يبقى هذا الكلام مجرّد كلام نظرا إلى أنّ الشركات الإيرانية التي لديها ما تصدّره تريد التعامل بالدولار أو بعملة صعبة أخرى مثل اليورو. من أين يأتي النظام السوري بالدولار بعدما يكاد ضرع لبنان يجفّ؟
فوق ذلك كلّه، أن الشركات الإيرانية التي لا تزال قادرة على التصدير، بسبب تعاطيها بالأكل والشرب وما شابه ذلك، ليست على استعداد للتعاطي مع سورية القابعة تحت النظام بسبب "قانون قيصر". نعم "قانون قيصر" الذي وراءه "الشيطان الأكبر". من يريد في لبنان أخذ العلم بأنّ "قانون قيصر" يخيف حتّى الشركات الإيرانية، فكيف الأمر مع الشركات الصينية والروسية والأوروبية؟
يكفي إلقاء نظرة سريعة إلى ما يدور في المنطقة كي يعود كبار المسؤولين اللبنانيين إلى صوابهم. لا حاجة إلى لف ودوران ولا إلى رفع شعارات والاستعداد لتحرير القدس. الحاجة إلى بعض المنطق مع بعض الوضوح ولأفكار في غاية البساطة.
يعاني لبنان من أزمة فقدان الدولار. لا ينفع في معالجة هذه الأزمة لا الاستعانة بمصرف لبنان، أي بالبنك المركزي الذي لا يطبع دولارات، ولا بأي إجراءات داخلية أخرى. يظلّ الكلام عن تطوير الصناعة والزراعة كلاما جميلا. هذا لا يمكن حصوله بين ليلة وضحاها بمقدار ما أنّه يحتاج إلى خطط ودراسات واستعانة بخبرات أجنبية. يحتاج مثل هذا التطوّر أوّل ما يحتاج إلى طقم سياسي جديد على علاقة بما يدور في الداخل اللبناني وفي المنطقة والعالم.
لا يستطيع مصرف لبنان ضخ كمّية من الدولارات في السوق من أجل دعم الليرة. إذا استمرّ المصرف في ضخّ الدولارات، علما أنّه لا يمتلك الكثير من الدولارات في خزائنه، فإنّ ذلك لن يقدّم ولن يؤخّر. سيساعد ذلك في مزيد من الفوضى في الأسواق المالية اللبنانية التي تقتصر على تعاملات بين الصرافين وزبائنهم بطريقة بدائية.
باختصار شديد، لن يتحسّن وضع الليرة اللبنانية التي تعاني من سقوط حرّ من أي قيود في غياب دخول دولارات إلى لبنان. من أين يمكن أن تأتي الدولارات؟ هناك تحويلات اللبنانيين المقيمين في الخارج التي خفّت كثيرا. بين ما جعل هذه التحويلات تخفّ أنّه لم يعد أي لبناني يأتمن أي مصرف في بلده على أموال يرسلها إلى البلد.
كيف يمكن للبناني أو عربي أو أجنبي التعاطي من الآن فصاعدا مع المصارف الموجودة في لبنان بعدما أصبحت هذه الأموال محجوزة؟ كيف يمكن للبنانيين عملوا سنوات طويلة في الخارج ويريدون التقاعد في بلدهم أن تكون الأموال التي جمعوها خارج متناولهم؟ هذه سرقة بكلّ معنى الكلمة. هل يفهم كبار المسؤولين اللبنانيين معنى فقدان الثقة بالمصارف، أي بلبنان؟
لنضع أموال اللبنانيين وتحويلاتهم جانبا، هل يستطيع أيّ مسؤول لبناني يمتلك الحدّ الأدنى من الشجاعة أن يسأل نفسه لماذا لم تعد هناك دولة عربية على استعداد لمساعدة لبنان؟ الجواب بكلّ بساطة أن لبنان، حيث صار "حزب الله" الحزب الحاكم، تحوّل إلى قاعدة إيرانية وإلى قاعدة إعلامية مخصصة لشتم العرب. هناك بلد لا يدرك فيه "حزب الله" أنّ لبنان بلد عربي وأنّ مهاجمة أي دولة عربية، خصوصا المملكة العربية السعودية، لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام، كما كانت عليه الحال في الماضي.
هناك مصدر آخر للدولار هو المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد. لدى هذه المؤسسات شروطها التي لا يوجد في لبنان، بين المسؤولين طبعا، من يستطيع التعاطي معها. تنقص المسؤولين عن القطاع المالي والاقتصادي عموما أيّ رؤية مستقبلية. يهرب هؤلاء من سؤال بسيط. لماذا لم يستطع لبنان الإقدام على أي إصلاحات تسمح له بالاستفادة من "مؤتمر سيدر" الذي انعقد في باريس في نيسان 2018؟ لم يكن لهذا المؤتمر أن ينعقد لولا سعد الحريري رئيس الوزراء وقتذاك الذي يمتلك علاقات عربية ودولية لا يمتلكها غيره.
لم يستطع سعد الحريري القيام بأيّ إصلاحات في ظلّ حكومة برئاسته يرغب الطرفان الأساسيان فيها، أي "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" وضع كلّ العراقيل التي تقف في وجه أي إصلاحات من أيّ نوع، وذلك كي يبقى لبنان في "جبهة الممانعة" التي تقودها إيران.
سيظلّ الدولار يهرب من لبنان، لا لشيء سوى لأنه ليس فيه، في موقع المسؤولية، من يعرف شيئا عن العالم وكيف يشتغل العالم وما هي أميركا وأوروبا ولماذا لا يوجد عربي يريد مساعدة لبنان.
مسكين لبنان. لا يوجد فيه حتّى من يعرف ما هي الصين وكيف تعمل الشركات الصينية. عندما تكون هناك شركة صينية تعمل في بلد ما، فإنّ هذه الشركة تأتي بالعمال من الصين. يقيم هؤلاء في مجمعات خاصة بهم. يأكلون معلبات تأتيهم من الصين ويقصون شعورهم على يد حلّاق صيني داخل المجمّع!
يعاني المسؤولون اللبنانيون من الجهل، يجهلون حتّى أن لبنان شريك تجاري للصين منذ نصف قرن وأكثر.
من الواضح أن الجهل اللبناني لا يتعلّق بالسياسة فقط. يتعلّق بالاقتصاد أيضا. هناك كما قال الصديق نديم منلا المستشار الاقتصادي لسعد الحريري "محاسبون" فيما لا يوجد من يمتلك أي سياسة أو رؤية مالية من أي نوع. أن تكون محاسبا شيء وأن تكون صاحب سياسة اقتصادية ومالية شيء آخر.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هروب الدولار من لبنان هروب الدولار من لبنان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates