الميزة التي لم تفارق محمّد السادس

الميزة التي لم تفارق محمّد السادس

الميزة التي لم تفارق محمّد السادس

 صوت الإمارات -

الميزة التي لم تفارق محمّد السادس

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تبقى الاستمرارية والمتابعة لشؤون المواطن المغربي الميزة الأولى للملك محمد السادس. لم تفارق هذه الميزة عهده في يوم من الايّام. هذا ما اكدّه مجدّدا خطابه الأخير في الذكرى الـ21 لعيد العرش. من بين اهمّ ما تضمنه الخطاب الإصرار على العمل من اجل توفير الحماية الاجتماعية لكلّ المغاربة. مثل هذه الحماية تظلّ اولويّة لبلد يعدّه محمد السادس ليكون بلدا طليعيا وواحة استقرار في منطقة تواجه تحديات كبيرة على صعد مختلفة.

يظلّ المواطن المغربي الهمّ الاوّل لمحمّد السادس الذي قال في مطلع عهده لدى سؤاله عن القدرة التي امتلكها والده الملك الحسن الثاني، رحمه الله، على تكريس الدور المغربي على الصعيدين العربي والدولي: "لئن كان المرحوم وضع اسم بلاده في الخرائط الدولية، فإنّ هم خليفته ان يرصّع اسم المغرب في قلب كلّ مواطن مغربي".

خصّص الخطاب لانتشار وباء كوفيد 19 وكيف مواجهته وكيف التعاطي مع النتائج التي ترتبت وستترتب عليه. شرح الملك ما فعله المغرب وما اتخذه من إجراءات وعرض بشكل علمي النواقص والفجوات المطلوب معالجتها. لا وجود لحاجز بين محمد السادس والشعب المغربي. على العكس من ذلك، هناك شفافية الى ابعد الحدود وجرأة على قول الأشياء كما هي. هذا ما حمل العاهل المغربي على القول في القسم الاوّل من خطابه ان "الروابط والمشاعر المتبادلة، التي تجمعنا على الدوام، تجعلنا كالجسد الواحد، والبنيان المرصوص، في السراء والضراء. من هنا، فالعناية التي أعطيها لصحة المواطن المغربي، وسلامة عائلته، هي نفسها التي أخص بها أبنائي وأسرتي الصغيرة، لاسيما في هذا السياق الصعب، الذي يمر به المغرب والعالم، بسبب انتشار وباء كوفيد 19".
تكمن اهمّية مؤسسة العرش في المغرب في تلك القدرة على التعاطي مع هموم الناس. يشعر الملك بما يشعر به المواطن العادي، فيقول له: "إذا كان من الطبيعي أن يشعر الإنسان، في هذه الحالات، بنوع من القلق أو الخوف، فإن ما أعطانا الثقة والأمل، هو التدابير والقرارات الحاسمة التي اتخذناها، منذ ظهور الحالات الأولى، لهذا الوباء في المغرب. وهي قرارات صعبة وقاسية أحيانا، لم نتخذها عن طيب خاطر، وإنما دفعتنا اليها ضرورة حماية المواطنين، ومصلحة الوطن".

لا يقتصر كلام محمّد السادس على وصف الوضع القائم وكيف واجهته السلطات بحزم، بل ينتقل الى الذيول التي خلّفها الوباء. يقول في هذا الشأن: "إننا ندرك حجم الآثار السلبية، التي خلفتها هذه الأزمة، ليس على المستوى الصحي فقط، وإنما أيضا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. فقد شملت انعكاساتها مختلف القطاعات الإنتاجية، وتأثرت كثيرا مداخيل الأسر، وميزانية الدولة أيضا. لذا، أحدثنا صندوقا خاصا لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الوباء. وما أثلج صدرنا أن هذه المبادرة، لقيت حماسة تلقائية، وتضامنا متواصلا (...) ومع ذلك، أقول بكل صدق: إن عواقب هذه الأزمة الصحية ستكون قاسية، رغم الجهود التي نقوم بها للتخفيف من حدتها. لذا، أدعو لمواصلة التعبئة واليقظة والتضامن، والالتزام بالتدابير الصحية، ووضع مخطط لنكون مجندين ومستعدين لمواجهة أي موجة ثانية من هذا الوباء، لا قدر الله، خاصة أمام التراخي الذي لاحظناه". يضيف محمّد السادس: "إن عملنا لا يقتصر على مواجهة هذا الوباء فقط، وإنما يهدف أيضا إلى معالجة انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية، ضمن منظور مستقبلي شامل، يستخلص الدروس من هذه المرحلة والاستفادة منها. وإذا كانت هذه الأزمة قد أكدت صلابة الروابط الاجتماعية وروح التضامن بـين المغاربة، فإنها كشفت أيضا عن مجموعة من النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي. ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، بخاصة بالنسبة الى الفئات الأكثر هشاشة، وارتباط عدد من القطاعات بالتقلبات الخارجية. لذا، ينبغي أن نجعل من هذه المرحلة فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا".
تحدّث الملك أيضا عن "ضخ حوالي 120 مليار درهم (نحو 13 مليار دولار) في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة".

الهدف واضح كلّ الوضوح وهو يتمثّل في "توفير الحماية الاجتماعية لكل المغاربة، التي ستبقى شغلنا الشاغل، حتى نتمكن من تعميمها على جميع الفئات الاجتماعية".

ليس صمود المغرب في وجه وباء كوفيد 19 صدفة. لا شيء يحدث بالصدفة في بلد يعمل فيه محمّد السادس على تقوية الجبهة الداخلية وتحويلها الى جبهة صلبة بعيدا من الشعارات الفارغة والرنانة. هناك ترجمة عملية لكلّ كلمة يقولها، بما في ذلك محاربة الإرهاب عبر التصدّي للفقر اوّلا. اكثر من ذلك، كشفت السياسة الخارجية للمغرب انّها سياسة تستند الى قاعدة داخلية صلبة. في أساس هذه القاعدة الوضوح في الرؤية والابتعاد عن كلّ أنواع العقد. لا يقدم المغرب على ايّ خطوة من دون دراسة عميقة لها. تؤكّد ذلك عودة المجتمع الدولي الى قرارات مؤتمر الصخيرات التي استضافته المملكة في العام 2015 من اجل إيجاد تسوية سياسية في ليبيا.

عملت قوى مختلفة من اجل اجهاض الجهود المغربية واستبعاد المغرب. لم تجد هذه القوى في نهاية المطاف سوى انّ عليها العودة الى ما صدر عن مؤتمر الصخيرات الذي استطاع الجمع بين كلّ الأطراف الليبية المعنية، فضلا عن انّه استبعد الحل العسكري. وهو حل بات يعترف الجميع بانّ لا وجود له.

بعد اقلّ من خمس سنوات على انتهاء مؤتمر الصخيرات، يتبيّن ان المغرب كان يعمل من اجل الاستقرار في المنطقة وليس من اجل خدمة طموحات ذات طابع إقليمي، كما يفعل غيره. ليس لدى المغرب مصلحة في أي طموحات من هذا النوع بغية الهرب من مشاكله الداخلية التي عرف كيف يعالجها بدل الادعاء انّها غير موجودة.

تحدّث الملك محمّد السادس صراحة عن هذه المشاكل. من يريد التأكّد من ذلك، يستطيع العودة الى خطاباته منذ العام 1999. لغة الأرقام لا تخطئ والتاريخ لا يرحم. لا يرحم اولئك الذين يصدّرون ازماتهم الداخلية الى خارج حدودهم، كي يضحكوا على شعوبهم، ويعتقدون انّ في استطاعتهم ابتزاز المغرب او تجاهله او استبعاده. ينسى هؤلاء اننا نعيش في عالم لا شيء ينجح فيه مثل النجاح، خصوصا عندما يتعلّق الامر ببلد مثل المغرب متصالح مع نفسه ومع مواطنيه اوّلا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميزة التي لم تفارق محمّد السادس الميزة التي لم تفارق محمّد السادس



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates