بايدن وايران كم سيكون مختلفا

بايدن وايران... كم سيكون مختلفا؟

بايدن وايران... كم سيكون مختلفا؟

 صوت الإمارات -

بايدن وايران كم سيكون مختلفا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعد سرّا انّ الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن ستكون مختلفة عن سابقتها. تؤكّد ذلك التصريحات التي تصدر بين حين وآخر عن الرئيس المنتخب الذي يعتبر ان عليه اصلاح الكثير في الداخل الأميركي معددا مآخذه، التي لا تُحصى في كلّ المجالات، على تركة دونالد ترامب. سيسعى بايدن أوّلا الى معالجة ما يعتبره الانقسامات، بين الاميركيين انفسهم، التي تسببت بها إدارة سلفه. سيعالج اثار وباء كورونا (كوفيد – 19) وسيعالج الوضع الاقتصادي، على الرغم من ظهور بوادر تعاف في الأسابيع القليلة الماضية...

لكنّ السؤال الذي سيطرح نفسه، في المدى المنظور، الى ايّ حدّ ستكون الإدارة الجديدة مختلفة على الصعيد الخارجي؟

الثابت أنّ الإدارة ستمضي فترة طويلة في التركيز على الوضع الداخلي الأميركي. سيأتي بعد ذلك دور الخارج. من خلال التصريحات والمواقف الصادرة عن بايدن وكبار مساعديه، يبدو انّ الصين، بما تشكّله من تحدّ، تظلّ الاهتمام الشاغل للإدارة الجديدة. امّا كيف مواجهة الخطر الصيني على الولايات المتحدة، فهذا امر متروك، حسب ما قاله بايدن وكبار مساعديه، لتشكيل تحالف واسع من اجل تحقيق هذا الغرض. من هنا، بدأت الجهود الهادفة الى إعادة مدّ الجسور مع أوروبا وإعادة الاعتبار الى حلف شمال الأطلسي الذي سعت إدارة ترامب الى تهميشه.

من بين الأمور التي ستتصدّى لها الإدارة الجديدة، بالتفاهم مع اوروبا، يأتي لاحقا موضوع ايران. يتبيّن كلّ يوم اكثر ان هذا الموضوع يحتاج الى تفاهم أميركي – أوروبي جديد، حتّى لو وجد في الماضي نوع من الخطوط العريضة لمثل هذا التفاهم.

لافت انّ الرئيس الأميركي المنتخب حرص في حديث الى "سي. ان. ان" على مهاجمة دونالد ترامب بسبب تمزيقه الاتفاق في شأن الملفّ النووي مع ايران الذي تمّ التوصل اليه صيف العام 2015 عندما كان باراك أوباما لا يزال في البيت الأبيض. اعتبر ان ما فعله سلفه قرّب ايران من الحصول على السلاح النووي. يمكن لوجهة النظر هذه ان تكون صائبة ولكن في حدود معيّنة. ففي اليوم ذاته الذي تحدّث فيه الرئيس الأميركي عن الخطأ الذي ارتكبه دونالد ترامب بتخليه عن الاتفاق، كانت تجري مراجعة أوروبية للموضوع من زاوية اكثر شمولا.

ليس كافيا ان يقول بايدن ان اميركا لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي. هناك ما هو ابعد بكثير من هذا السلاح النووي. هناك السلوك الإيراني في المنطقة والعالم وهناك الصواريخ الباليستية التي بدأ الأوروبيون، خصوصا فرنسا وألمانيا، يركّزون عليها.

ما الذي تستطيع ايران عمله بالسلاح النووي غير ادخال المنطقة في سباق تسلّح لا افق له يتّسم بالخطورة. ان يكون لدى ايران سلاح نووي، سيعني ان مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا ستفعل كلّ ما تستطيع لامتلاك مثل هذا السلاح بايّ ثمن كان.

ما يفترض في جو بايدن الاقتناع به ان المشكلة مع ايران ليست في سلاحها النووي وليس في ادعائها بانّ لدى إسرائيل ترسانة نووية. كلّ ما فعلته ايران، منذ الثورة التي أطاحت الشاه في العام 1979 وقيام "الجمهورية الإسلامية" وفق ما كان يريده آية الله الخميني، هو المتاجرة بفلسطين. خدمت إسرائيل من حيث تدري او لا تدري...

ضمت إسرائيل هضبة الجولان السورية وجعلت من القدس الموحّدة عاصمة لها واستطاعت جعل الولايات المتحدة تنقل سفارتها الى المدينة المقدّسة التي كان مفترضا بالقسم الشرقي منها ان يكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلّة. لن يقدّم حصول ايران على السلاح النووي او يؤخّر في شيء. المسألة في مكان آخر. المسألة تتجاوز الملفّ النووي. من هذا المنطلق هناك حاجة الى طرح السؤال البديهي: هل ايران دولة طبيعية ام لا؟

هذا السؤال هو الذي عاد الأوروبيون الى طرحه خصوصا بعد اكتشافهم خطورة السلوك الإيراني في المنطقة واستخدام الحوثيين، وهم مجرّد اداة إيرانية، صواريخ باليستية تطلق من اليمن في اتجاه المملكة. قبل ذلك، اطلقت ايران صواريخ وطائرات موجّهة الحقت اضرارا بحقول نفطية سعودية في ابقيق. كان ذلك في الرابع عشر من أيلول – سبتمبر 2019 وهذا ما أشار اليه الكاتب والصحافي الاميركي توماس فريدمان في مقال حديث له. لفت المقال الى ما هو على المحكّ حقيقة مع ايران.

ليس عيبا الاعتراف بانّه يستحيل التعاطي مع ايران سوى من زاوية أوسع بكثير من الملفّ النووي. كذلك، ليس عيبا الاعتراف بانّ إدارة ترامب امتلكت ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بانّ لا فائدة من الاتفاق في شأن الملفّ النووي الذي وصفه الرئيس الأميركي الحالي بانّه "أسوأ اتفاق من نوعه". الاتفاق ليس سيّئا بحد ذاته. السيّء كيف استغلته ايران في اطار مشروعها التوسّعي.

ما قامت به إدارة ترامب كان نقطة تحوّل على غير صعيد، خصوصا ان الخطابات التي وضعت للرئيس الأميركي الذي سيغادر البيت الأبيض بعد شهر واسبوعين كانت في غاية الدقّة بالنسبة الى تحديد المشكو منه من ايران منذ احتجاز الديبلوماسيين الاميركيين في السفارة الأميركية في طهران 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر من العام 1979.

لا مفرّ من الاعتراف بان إدارة ترامب كشفت ايران. استطاعت ذلك بعد فرض عقوبات قاسية عليها. أظهرت هذه العقوبات كم الاقتصاد الإيراني هشّ. إضافة الى ذلك تبيّن بعد اغتيال الاميركيين لقاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري في الثالث من كانون الثاني – يناير الماضي ان "الجمهورية الاسلاميّة" نمر من ورق. وهذا ما تأكّد بعد اغتيال الاسرائيليين للعالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زادة.

باختصار شديد، هناك في تركة ترامب ما يستحق التوقف عنده وعدم الاكتفاء برفضه، اللهمّ الّا اذا كان جو بايدن يرفض التعاطي مع الواقع، بما في ذلك ان هناك حربا إسرائيلية غير معلنة دائرة حاليا في سوريا وداخل ايران نفسها. هذه الحرب، التي تهدّد الاستقرار الإقليمي، جزء لا يتجزّأ من النظرة الجديدة الى الملفّ النووي الإيراني، وهي نظرة بدأت أوروبا تقتنع بها. بدأت اوروبا تقتنع بانّ الملفّ الإيراني يتجاوز القنبلة النووية وهو مرتبط بالصواريخ الباليسيتية والسلوك الإيراني في المنطقة.

لا شكّ ان ذلك سينعكس على عاجلا ام آجلا على سياسات الإدارة الأميركية الجديدة التي تراهن اوّل ما تراهن على الجبهة الموحّدة مع أوروبا في مواجهة تحديات عدّة من بينها التحدّي الصيني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن وايران كم سيكون مختلفا بايدن وايران كم سيكون مختلفا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates