اليمن افضل من الصومال

اليمن افضل من الصومال؟

اليمن افضل من الصومال؟

 صوت الإمارات -

اليمن افضل من الصومال

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

في مثل هذه الايّام من العام 2014، كان الحوثيون (انصار الله) في طريقهم الى السيطرة سيطرة كلّية على صنعاء بعدما اجتاحوا محافظة عمران التي كانت عائقا في طريق وضع يدهم على العاصمة.

في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر من تلك السنة، بلغ "انصار الله" مأربهم. بدأوا كتابة تاريخ اليمن على طريقتهم منتقمين من "جمهورية" قامت في 26 أيلول – سبتمبر 1962.

صارت صنعاء مدينة عربيّة أخرى تسيطر عليها ايران التي لم تخف يوما ان لديها مشروعها التوسّعي الذي كانت انطلاقته الجديدة من العراق الذي اجتاحه الجيش الأميركي في ربيع العام 2003 وسلّمه الى "الجمهورية الإسلامية" على صحن من فضّة. الاهمّ من ذلك كلّه، ان ايران صارت موجودة في شبه الجزيرة العربية التي يعتبر اليمن جزءا لا يتجزّأ منها. صار في استطاعة ايران قصف الرياض ومواقع واهداف سعودية أخرى انطلاقا من الأراضي اليمنية مستخدمة صواريخها الباليستية.

استطاع الحوثيون تغيير طبيعة النزاع في اليمن مستغلين كلّ التناقضات التي في البلد. التناقض بين الشمال والجنوب، التناقض الذي خلفته حرب ربيع وصيف 1994، التناقض بين الزيود والشوافع، التناقض بين صنعاء وتعز، التناقض بين عدن وحضرموت، التناقض داخل عدن نفسها وبين عدن وجوارها. ذابت كلّ هذه التناقضات في مرحلة معيّنة مع اعلان الوحدة في ايّار – مايو 1990، لكنّها عادت الى السطح مع غيرها بعد تفجير الاخوان المسلمين الوضع في صنعاء ابتداء من شباط – فبراير 2011. اعتقدوا وقتذاك انّ النظام الذي اقامه علي عبدالله صار ثمرة ناضجة وانّه آن وقت القطاف. لا يمكن تجاهل الأخطاء الكثيرة التي وقع فيها علي عبدالله صالح في السنوات الأخيرة من عهده الطويل، وهي أخطاء سهّلت على الاخوان الانقضاض عليه.

في النهاية، كان الحوثيون المستفيد الاوّل من كلّ ما قام به الاخوان الذين استعدوا في 2011 كي يخلف حميد الأحمر، نجل الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الآحمر شيخ مشائخ حاشد، علي عبدالله صالح.  كان حميد الأحمر من ابرز زعامات الاخوان في اليمن، وقد تحدّى علي عبدالله صالح بعنف وقسوة من داخل صنعاء. لكنّه تبيّن مع مرور الوقت انّ كل ما قام به بدعم من قائد الفرقة الأولى/مدرّع، اللواء علي محسن صالح (الأحمر) الذي تربطه قرابة عائلية بعلي عبدالله صالح، انّما صبّ في خدمة الأهداف الحوثية.

كان هناك عقل جهنّمي لدى الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على صنعاء والمنطقة المحيطة بها، كذلك على ميناء الحديدة، اكبر الموانئ اليمنية. ليس بعيدا اليوم الذي يتمدّد في "انصار الله" اكثر وصولا الى مأرب، علما ان مشروعهم في المدى الطويل ليس من النوع القابل للحياة. لا يشبه هذا المشروع سوى مشروع "حماس" في غزّة حيث اقام الاخوان المسلمون امارتهم. لذلك لا يمكن، بعد ست سنوات سوى مقاربة الموضوع اليمني من زاوية مختلفة تستند الى ركيزتين.

الركيزتان هما الحلف غير المعلن بين الحوثيين والاخوان المسلمين وضعف ما يسمّى "الشرعية" التي على رأسها الرئيس الانتقالي عبد ربّه منصور هادي المقيم في الرياض والذي لا يستطيع العودة الى المحافظة الجنوبية التي ينتمي اليها، أي الى ابين.

ليس لدى "الشرعية" ما تقدّمه لليمن. لا يمكن خوض حرب على الحوثيين بمثل هذه "الشرعية" التي لعبت دورها في وصول الحوثيين الى صنعاء بعدما راهن عبد ربّه منصور على اتفاق مع "انصار الله" سيمكنه من الإقامة سعيدا في صنعاء. لذلك، ذهب الى عمران بعدما دمّر الحوثيون منازل آل الأحمر، شيوخ حاشد، وبعدما قضوا على اللواء 310 بقيادة العميد حميد القشيبي، حليف الاخوان المسلمين، والذي كان يشكل عقبة في وجه وصولهم الى العاصمة. فوق ذلك كلّه، حرص عبد ربّه، بعد استكمال سيطرة "انصار الله" على العاصمة، على توقيع "اتفاق السلم والشراكة" معهم. حدث ذلك برعاية الأمم المتحدة وحضور ممثل الأمين العام في اليمن جمال بنعمر.

بعد ست سنوات على سيطرة الحوثيين على صنعاء، لا يمكن الّا الاعتراف بانهّم استطاعوا خلق امر واقع، خصوصا ان ليس ما يشير الى أي تحرّك جدّي لمارتن غريفيث المبعوث الحالي للامين العام للأمم المتحدة من اجل التوصل الى تسوية سياسية. كلّ ما في الامر ان هناك نوعا من الاعتراف لدى الأمم المتحدة بانّ ليس هناك ما يمكن عمله لليمن في الوقت الحاضر.

في ظلّ الجمود المسيطر، لا يمكن تجاهل انّ جهودا بذلت في الماضي لإخراج الحوثيين من عدن ومنعهم من السيطرة على ميناء المخا، أي على التحكّم بمضيق باب المندب. هذا هدف كانت تسعى اليه ايران التي تحدثت في مرحلة معيّنة عن انّها باتت قادرة على اغلاق اهمّ مضيقين بحريين في المنطقة وهما مضيق هرمز ومضيق باب المندب.

الى متى يستمر الجمود في اليمن، وهو جمود يحقّق الحوثيون من خلاله مكاسب على الأرض. الثابت ان مثل هذا الجمود يمكن ان يستمرّ طويلا وتستمر معه عذابات اليمنيين. لكنّ الثابت ايضا ان كسر مثل هذا الجمود يمرّ بإعادة تشكيل "الشرعية" التي اثبتت في الماضي، وما زالت تثبت يوميا، انّ لا فائدة منها. اكثر من ذلك، تثبت انّها غطاء لتحالف غير معلن بين الحوثيين والاخوان المسلمين الذين يظنون انّه سيكون في استطاعتهم في يوم من الايّام بسط سيطرتهم على المناطق ذات الاكثرية الشافعية في الوسط والجنوب وترك الشمال للحوثيين. بذلك ينشأ في اليمن قطاعان يشبهان قطاع غزّة. فما لا بدّ من ملاحظته في الأشهر الاخيرة انّ التدخل التركي زاد في اليمن، وهو يترافق مع تعزيز للوجود التركي في الصومال.

يبقى السؤال الذي سيطرح نفسه، عاجلا ام آجلا، كيف يمكن إعادة تشكيل "الشرعية" في حال كانت هناك نيّة لخوض مواجهة مع الحوثيين؟ يجرّ هذا السؤال الى تساؤل عمّا اذا كان بقي شيء يمكن البناء عليه من الجيش اليمني الذي كان قائما ايّام علي عبدالله صالح؟

نجح عبد ربّه منصور، بين ما نجح فيه، في فكفكة الجيش اليمني الذي كان جيشا كبيرا، خصوصا الوية الحرس الجمهوري التي كانت الوية فعالة ذات تدريب جيّد.

هل ما زال هناك ما يمكن تجميعه واعادته الى الحياة بين هذه الالوية... ام كلّ ما في الامر انّ اليمن انفجر على نفسه من داخل وتشظّى وكلّ ما يمكن عمله هو التفرّج على مأساة قابلة للاستمرار سنوات طويلة أخرى. هل اليمن افضل من الصومال الذي فقد كلّ مقومات الدولة منذ سقوط نظام محمّد سياد بري مطلع تسعينات القرن الماضي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن افضل من الصومال اليمن افضل من الصومال



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates