لا حكومة في لبنان كسب للوقت فقط

لا حكومة في لبنان... كسب للوقت فقط

لا حكومة في لبنان... كسب للوقت فقط

 صوت الإمارات -

لا حكومة في لبنان كسب للوقت فقط

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ليس ما يشير الى ان حكومة جديدة ستتشكل في لبنان، علما ان اعلان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عن اتفاق على اطار للمفاوضات مع إسرائيل على ترسيم الحدود بين البلدين يتطلّب وجود مثل الحكومة. لا وجود في لبنان من يريد تحمّل مسؤولياته في وقت طغى عن قرب مباشرة المفاوضات مع إسرائيل طغى على كلّ ما عداه من احداث في لبنان... لبنان الغارق في ازمة وجودية وكميّة لا بأس بها من المشاكل المتنوعة.

بين المشاكل، التي غيّبها الاتفاق على اطار للتفاوض مع إسرائيل، مشكلة اعتراض "حزب الله" على المواقف الأخيرة للبطريرك الماروني بشارة الراعي. فجأة، لم يعد هناك من يعترض على دعوة البطريرك الراعي الى "حياد لبنان"، علما انّ هذه الدعوة في اهمّية ترسيم الحدود البرّية والبحرية مع إسرائيل، ان لم تكن اهمّ منها. هذا عائد لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب الى انّ "حياد لبنان"، الذي سماه البطريرك "الحياد الناشط"، وضع اسسا كان يمكن ان تكون افضل تمهيد لعملية ترسيم الحدود التي هي عملية في مصلحة لبنان... هذا اذا كان لا يزال ممكنا الحديث عن بلد بدل الحديث عن "ساحة" تستغلها ايران من اجل صفقة من نوع ما مع الإدارة الأميركية.

لم يقتصر التغييب للمشاكل على كلام البطريرك الماروني. بات واضحا ان لا وجود لمن هو مستعجل على تشكيل حكومة جديدة. وحده نبيه برّي تنبّه الى هذه الناحية ودعا مباشرة بعد إعلانه عن الاتفاق في شأن اطار المفاوضات الى المسارعة في تشكيل حكومة. يعرف رئيس مجلس النوّاب الذي ما كان ليقدم على ما اقدم عليه لولا الغطاء الذي وفّره "حزب الله"، أي ايران، انّ لا مفرّ من حكومة استنادا الى مواصفات رسمها الرئيس ايمانويل ماكرون، وهي مواصفات لم تعجب "حزب الله" الذي تولّى الانتهاء من تجربة مصطفى اديب ومن المبادرة الفرنسية في الوقت ذاته. لكنّ موقف برّي لن يؤدي الى نتائج تذكر نظرا الى انّ "حزب الله" يمتلك اجندة خاصة به ولا يريد من رئيس مجلس النوّاب سوى تولي تغطية هذه الاجندة.

يفرض الحاجة الى حكومة جديدة وجود سياسي في الوفد اللبناني المفاوض. سيكون هناك وزير إسرائيلي، ومساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر. من هذا المنطلق، لا يمكن ان يكون الغطاء السياسي غائبا عن الوفد اللبناني. سيعني ذلك غياب الجدّية اللبنانية وانّ الهدف من الإعلان عن الاتفاق على اطار للمفاوضات يتمثّل في كسب الوقت ليس الّا.

يحاول "حزب الله" تبرير الدخول في مفاوضات مع إسرائيل في شأن ترسيم الحدود. كلّ ما يصدر عنه من كلام لا يلغي الضرر الذي خلفه تمسك الحزب، ومن خلفه ايران، بعمل كل ما يمكن عمله من اجل القضاء على لبنان. توجت الجهود التي بذلها الحزب الحاقد على بيروت وعلى كل من بنى حجرا في المدينة مثل رفيق الحريري، بتدمير النظام المصرفي اللبناني الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني. فعل ذلك بموازاة الاستيلاء على مؤسسات الدولة، خصوصا بعدما فرض مرشّحه رئيسا للجمهورية. ما هو لافت حاليا هذا التهميش لرئيس الجمهورية. في "عهد حزب الله"، لم يعد هناك وزن للرأي المسيحي في قضية في حجم الدخول في مفاوضات مع إسرائيل.

بعد انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وبعد وصول "حزب الله" الى الاستحواذ على أكثرية في مجلس النواب اثر فرضه قانونا عجيبا غريبا صمّم على قياسه، ذهب "حزب الله" الى ابعد من ذلك. فرض السنّي حسان دياب، الذي يمثّل نفسه بالكاد، رئيسا لمجلس الوزراء. وضعه على رأس حكومة حصرت مهمّتها في الاشراف على افلاس البلد.

لا شكّ انّ "حزب الله" حقق الكثير قبل ان يفتح الأبواب على مصراعيها امام التفاوض مع إسرائيل مع ما يعنيه ذلك من بلوغه الطريق المسدود سياسيا في غياب تغطية سنّية له يبدو حاليا في صدد البحث عنها. جاءت المفاوضات المرتقبة مع إسرائيل تتويجا لسلسلة انتصارات تحقّقت على لبنان واللبنانيين. بالنسبة الى ايران التي ترعى الحزب المهمّ الانتصار على لبنان وليس على إسرائيل. الانتصار على لبنان واللبنانيين يغني عن الانتصار على إسرائيل. هذا ما تؤكّده الوقائع بدءا باحتفاظ الحزب بسلاحه بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيّار – مايو من العام 2000، وصولا الى فرض رئيس معيّن للجمهورية على اللبنانيين، مرورا في طبيعة الحال باغتيال رفيق الحريري، أي اغتيال بيروت، ثم حرب صيف 2006 وغزوتي بيروت والجبل في ايّار – مايو 2008.

كلّ هذه الانتصارات على لبنان واللبنانيين لا تغني عن طرح سلسلة من الأسئلة التي تختزل بسؤال واحد: لماذا القرار الإيراني بالسماح للبنان بالتفاوض مع إسرائيل اتخذ الآن؟

لا وجود لأجوبة محدّدة عن هذا السؤال، لكنّ اللافت انّ ايران بدأت تشعر بانّ العقوبات الأميركية التي انهكت اقتصادها لن ترفع غدا، حتّى لو انتصر جو بايدن على دونالد ترامب. مشكلة ايران مع الكونغرس، بمجلسيه، المتعاطف الى ابعد حدود مع إسرائيل. تبدو ايران مضطرة منذ الآن الى تقديم أوراق اعتمادها الى أي إدارة أميركية وذلك بغض النظر عمّن سيفوز في انتخابات الثالث من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل.

امّا بالنسبة الى "حزب الله" نفسه، فيبدو انّه بدأ يطرح أسئلة تتعلّق بتفجير ميناء بيروت والتفجيرات الغامضة في ايران التي سبقت تفجير بيروت. ترافق ذلك كلّه مع تفجير وقع في عين قانا في جنوب لبنان وتهديدات اطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحدّد فيها أماكن معيّنة يقول ان "حزب الله" يخزّن فيها أسلحة ومتفجرات. من بين هذه الأماكن، تحدّث نتانياهو عن منطقة الجناح القريبة من بيروت التي تمثّل اهمّية كبيرة للعائلات البورجوازية الشيعية الغنيّة التي جمعت معظم ثرواتها بعرق الجبين في افريقيا وغير افريقيا.

ليست المفاوضات مع إسرائيل سوى الطريق الأقصر للمحافظة على المكاسب التي حقّقها "حزب الله" في لبنان. سيسعى الحزب الى المحافظة على هذه المكاسب حتّى لو كانت على حساب لبنان واللبنانيين نظرا الى انّها تعني قبل ايّ شيء آخر خدمة ايران في استراتجيتها الجديدة القائمة على فتح صفحة جديدة مع اميركا من اجل التخلّص من سيف العقوبات يوما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حكومة في لبنان كسب للوقت فقط لا حكومة في لبنان كسب للوقت فقط



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates