الكويت تساعد لبنان ولبنان لا يساعد نفسه

الكويت تساعد لبنان... ولبنان لا يساعد نفسه

الكويت تساعد لبنان... ولبنان لا يساعد نفسه

 صوت الإمارات -

الكويت تساعد لبنان ولبنان لا يساعد نفسه

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تعهّدت دولة الكويت إعادة بناء الاهراءات التي دمّرها تفجير ميناء بيروت في الرابع من آب – أغسطس الجاري. ترمز الاهراءات، التي يخزن فيها القمح، الى ما حل من دمار بميناء بيروت وبقسم من المدينة. لم يبق من الاهراءات، التي بنتها الكويت أصلا، سوى هيكلها. يشبه هذا الهيكل، ذلك الذي آل اليه الى لبنان في السنة 2020.

لا يقف لبنان معزولا في مواجهة الكارثة التي المّت به والتي دمرّت نصف بيروت تقريبا. هناك بالفعل من يرغب في مساعدة لبنان في ضوء ما حلّ بالعاصمة واهلها... المشكلة انّ لبنان يرفض ان يقف الى جانب لبنان وان يساعد نفسه. لبنان مصرّ في "عهد حزب الله" على عزل نفسه عن العرب والعالم. وهذا ما يفسّر خروج البطريرك الماروني بشارة الراعي عن صمته ابتداء من الخامس من تموز – يوليو الماضي، أي قبل شهر من تفجير ميناء بيروت، واطلاقه دعوة الى "حياد" لبنان لعلّ ذلك يساعد في انقاذ ما يمكن إنقاذه. يبدو اخطر ما في كلام البطريرك الماروني، الذي استعاد الدور الذي يفترض به لعبه على الصعيد الوطني، تحذيره الأخير من مخازن الأسلحة المنتشرة في كلّ انحاء لبنان والتي تجعل من البلد كلّه قنبلة قابلة للانفجار في ايّ لحظة.

توجد قصة عطف كويتي على لبنان. القصّة قديمة ومبنيّة على الخير والمودّة وليس على ارسال أسلحة الى لبنان كما فعلت ايران وفعل آخرون استثمروا في حروب اللبنانيين بين بعضهم وفي حروب الآخرين على ارض لبنان، وهي حروب كان الفلسطينيون شركاء فيها لفترة طويلة.

هناك ما هو اكثر من العطف الكويتي، هناك شعور حقيقي بمخاطر مشتركة بين اللبنانيين الحقيقيين والكويتيين عموما. يظلّ افضل تعبير عن ذلك الإصرار الكويتي على إعادة بناء اهراءات ميناء بيروت التي افتتحت بحضور الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح في العام 1970. تعيد الكويت بناء الاهراءات في وقت تعاني من مشاكل مالية في أساسها هبوط سعر النفط ووباء "كوفيد 19" الذي انتشر في البلد.

عايش قصة العطف الكويتي على لبنان جميع امراء الكويت. في مقدّم الذين اهتموا بلبنان الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد الذي ربطته علاقة خاصة بلبنان واللبنانيين وشارك في معظم الجهود التي استهدفت اخراج لبنان من ازماته، خصوصا في المرحلة التي امتدت بين 1975 و1989 عندما وقّع اتفاق الطائف. لم تكن الكويت بعيدة يوما عن لبنان، كانت في اللجنة الرباعية التي ضمت لبنان وسوريا والكويت والمملكة العربية السعودية، وهي اللجنة التي عملت طويلا في مرحلة ما قبل الطائف من اجل الحؤول دون انهيار لبنان وتحقيق تسوية داخلية. كان صباح الأحمد وزيرا للخارجية وكان الأمير سعود الفيصل وزيرا للخارجية السعودية. كان عليهما الاجتماع باللبنانيين والسوريين في مرحلة ما قبل الاجتياح الإسرائيلي وبعده لتهدئة الوضع والحد قدر الإمكان من الخسائر اللبنانية في ظلّ نظام سوري لم يكن لديه ما يفعله سوى الاستثمار في الانقسامات بين اللبنانيين وزيادتها.  

لدى العودة الى العلاقة التاريخية بين بلدين صغيرين في المنطقة ربطت بينهما علاقات من النوع الذي يصعب فكّه، نجد للأسف الشديد انّ لبنان ليس في وضع يسمح له بالاستفادة من ايّ مساعدة من ايّ نوع. ما ستبنيه الكويت هو ما سبق وبنته. في السابع من آب – أغسطس 1968، وقّع عبدالرحمن سالم العتيقي وكان وقتذاك وزيرا للمال ومدير الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية مع نظيره اللبناني اتفاق بناء الاهراءات او الصوامع. كان في لبنان وقتذاك مسؤولون يمكن الاتكال عليهم...

في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، كان نصف الشعب الكويتي يمضي الصيف في لبنان. كان الكويتيون في كلّ مكان، خصوصا في بحمدون وعاليه وحمّانا وفالوغا. مع الوقت تعمّقت العلاقات اللبنانية اكثر فاكثر. عاد الكويتيون الى لبنان بعدما أعاد رفيق الحريري بناء بيروت في أوائل تسعينات القرن الماضي. استثمروا في كلّ القطاعات اللبنانية وليس في العقارات فقط. صار الكويتيون موجودين في قلب مصارف لبنانيين عدّة. خسروا أموالهم مع اللبنانيين الذين وجدوا نفسهم فقراء بين ليلة وضحاها.

ليست المسألة مسألة إعادة بناء الاهراءات في ميناء بيروت. المسألة ابعد من ذلك بكثير. المسألة مسألة إعادة تعويم لبنان. لا شكّ انّ الكويت مشكورة على كلّ ما فعلته. اثبتت مرّة أخرى تقديرها للصداقة القائمة مع لبنان. لكنّ السؤال الذي سيطرح نفسه في نهاية المطاف: هل لا يزال في الإمكان عمل شيء للبنان... ام أنّ البلد لا يمكن ان يكون اكثر من ورقة إيرانية في لعبة تتجاوزه. هذا امر يثير مخاوف كبيرة، خصوصا بعدما تبيّن ان رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد العمل من اجل تشكيل حكومة جديدة. على العكس من ذلك، نجده يماطل في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة التي تسمح لمجلس النوّاب باختيار من يكون رئيس مجلس الوزراء.

من الواضح ان العالم مهتمّ بلبنان. هذا ما اكّده الرئيس ايمانويل ماكرون الذي سارع الى المجيء الى بيروت مباشرة بعد كارثة تفجير الميناء. كان تحذيره الى المسؤولين اللبنانيين في غاية الوضوح. دعاهم الى تشكيل حكومة سريعا والى مباشرة الإصلاحات. المؤسف ان ماكرون يمكن ان يعود الى بيروت في اليوم الاوّل من أيلول – سبتمبر المقبل في ذكرى احتفال لبنان بذكرى مرور مئة عام على قيام "لبنان الكبير"، أي لبنان بحدوده الحالية.

كيف يمكن ان تكون هناك ثقة ببلد يحتفل بالذكرى المئوية لقيامه من دون حكومة؟ هل من دليل اهمّ من هذا الدليل على ان لبنان دولة فاشلة بعدما صار همّ رئيس الجمهورية محصورا بإيجاد طريقة يكون فيه صهره جبران باسيل في الحكومة؟

ليس تفجير ميناء بيروت وحده الذي دمّر لبنان. اللبنانيون هم الذين دمّروا لبنان. لم تفعل الكويت، عبر ابداء استعداها لاعادة بناء اهراءات الميناء، سوى توجيه تحذير آخر الى كلّ من يهمّه امر لبنان. فحوى هذا التحذير، على غرار التحذير الفرنسي، انّ الخارج يحبّ لبنان وهو مستعد لمساعدته شرط ان يوجد في لبنان من يريد الخير للبنان وليس تحويل البلد الى مجرّد ورقة إيرانية عن سابق تصوّر وتصميم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت تساعد لبنان ولبنان لا يساعد نفسه الكويت تساعد لبنان ولبنان لا يساعد نفسه



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates