المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما

المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما

المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما

 صوت الإمارات -

المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يفارق الوضوح السياسة المغربية يوما، لا على الصعيد الداخلي ولا في ما يتعلّق بالخارج، بما في ذلك التعاطي مع إسرائيل، مع اخذ في الاعتبار لواقع يتمثل في ان الملك محمّد السادس هو امير المؤمنين ايضا، أي انّه مسؤول عن كل مواطن مغربي بغض النظر عن دينه، أي اذا كان مسلما او يهوديا.

ليس لدى المغرب، ولم يكن لديه يوما، ما يخجل به هو الذي عمل دائما من اجل السلام والاستقرار في المنطقة. عمل المغرب بعيدا عن المزايدات والمزايدين، فإذا به يتعرّض لأسوأ ما يمكن ان يتعرّض له بلد لم يعتدِ يوما على احد. حصل ذلك عن طريق قضيّة مفتعلة من الفها الى يائها سميّت قضيّة الصحراء.

في النهاية، لا شيء ينجح مثل النجاح. أثمر الوضوح المغربي عن اعلان الولايات المتحدة في اتصال بين الملك محمّد السادس والرئيس دونالد ترامب "الاعتراف بالسيادة التامة والكاملة للمملكة على صحرائها".

اكّد الجدّية الأميركية اصدار الرئيس الأميركي، في اليوم نفسه الذي اجري فيه الاتصال مع العاهل المغربي، "مرسوما رئاسيا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثر فوري"، يقضي باعتراف بلاده، للمرة الأولى في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية على تلك المنطقة. استعاد المغرب الصحراء سلما، من الاستعمار الاسباني، عن طريق "المسيرة الخضراء" في العام 1975.

استخدمت الصحراء المغربية، وهي قضيّة مفتعلة تكشف رغبة جزائرية في استنزاف المغرب، ورقة لمنع المملكة من لعب الدور البناء القادرة على ممارسته في محيطها الافريقي وفي المجالين العربي والدولي. كان الهدف الدائم لدى الذين افتعلوا قضيّة الصحراء تقييد المغرب ومنعه من جعل النموذج المعقول الذي يقدّمه يعمّ المنطقة المحيطة به كلّها.

جاء أول تجسيد لهذه الخطوة السيادية الاميركية، في شكل قرار للولايات المتحدة يقضي بفتح قنصلية بمدينة الداخلة الساحلية في الصحراء. ستقوم القنصلية أساسا بمهمات اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأميركية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خدمة لأهالي الأقاليم الجنوبية في المغرب خصوصا. لم يعد سرّا ان المغرب يوظّف كلّ ما لديه من إمكانات واتصالات من اجل التنمية وكلّ ما هو مرتبط بها. هناك حرب على افقر يشنّها الملك محمّد السادس الذي لم يخف يوما ان هذه الحرب ضرورية من اجل القضاء على الإرهاب والتخلّف والتطرف بكلّ الاشكال.

حقّق المغرب إنجازا في غاية الاهمّية في مجال حماية وحدة التراب الوطني. لا يخدم الإنجاز المملكة وشعبها فحسب، بل هو دليل على ما يمكن ان تسفر عنه سياسة الوضوح والواقعية في الوقت ذاته أيضا. حصل المغرب على اعتراف أميركي بسيادته الكاملة على صحرائه. قطع بذلك الطريق على كلّ ابتزاز مستقبلي في هذا المجال. أكثر من ذلك، وضع رفع مستوى العلاقة مع إسرائيل في اطاره الحقيقي، اطار لا يخرج المبادئ التي استند اليها المغرب تاريخيا. من يحتاج الى تأكيد لذلك، يستطيع العودة الى البيان الصادر عن الديوان الملكي الذي شدّد في البداية على اهمّية حل الدولتين ثمّ ورد فيه أنّه "اعتبارا للدور التاريخي الذي ما فتئ يقوم به المغرب في التقريب بين شعوب المنطقة، ودعم الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، ونظرا إلى الروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودون في إسرائيل، بشخص جلالة الملك، فقد أخبر جلالته الرئيس الأميركي، بعزم المغرب تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من المغرب واليه، استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الديبلوماسية في أقرب الآجال، تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي. ولهذه الغاية، العمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين، كما كان عليه الشأن سابقا ولسنوات عديدة، إلى غاية 2002. وقد أكد جلالة الملك أن هذه التدابير لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط".

يتبيّن ان كلّ كلمة صادرة عن الديوان الملكي المغربي مدروسة بعناية ودقّة. تعكس الدقّة التي صيغ بها البيان الملكي المغربي انّ هناك ثوابت لا يمكن للمغرب التخلي عنها. اهمّ ما في هذه الثوابت انّ المغرب لا يتكلّم بلسانين، بل يقدم على ما يرى مناسبا الاقدام عليه من دون مواربة من ايّ نوع. ليس سرّا ان المفاوضات السرّية التي سبقت زيارة الرئيس المصري أنور السادات للقدس في تشرين الثاني – نوفمبر 1977 جرت في المغرب حيث التقى حسن التهامي، مستشار السادات، وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان. مهّدت الزيارة لتوقيع اتفاقي كامب ديفيد في أيلول – سبتمبر 1978 ثمّ معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في آذار – مارس 1979.

قبل ذلك في العام 1974، وافقت قمّة الرباط على قرار عربي يعتبر "منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني". لم يكن المغرب يوما غريبا عن السعي الى دعم القضيّة الفلسطينية وحماية القدس. لم يحد يوما عن هذا التوجّه. لكنّه لم يتردّد يوما في تأكيد حرّية قراره السياسي النابع من إرادة مستقلّة ميزت دائما المملكة، خصوصا عندما استقبل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني شمعون بيريس في العام 1986 ايفران وذلك دعما لقضية السلام الذي لم يتحقّق بعد...

لا يمكن التعاطي مع المغرب من جهة وتجاهل وضعه الخاص، خصوصا كونه دولة عريقة من جهة أخرى. في السنة 2020، حقّق المغرب اختراقا بعد اختراق في ما يخصّ قضية الصحراء، خصوصا بعدما تمكن من وضع حدّ سريعا، بطريقة تراعي الطابع السلمي لكلّ تحركاته، لمحاولة الأداة الجزائرية المسمّاة "بوليساريو" عرقلة حرية التنقل عبر معبر الكركرات على الحدود المغربيّة – الموريتانية.

لعلّ ما يفترض بقاؤه في ذهن كلّ من يودّ التعاطي مع موضوع الاعتراف الأميركي بمغربيّة الصحراء ان المغرب كان الدولة الأولى التي اعترفت بالولايات المتّحدة الأميركية. كان ذلك في العام 1777، نعم 1777، أي بعد اقلّ من سنة من اعلان الاستقلال في الرابع من تموز – يوليو 1776. وقتذاك، لم تكن الولايات المتّحدة تضمّ سوى 13 ولاية أعلنت رفضها لاستمرار الاستعمار البريطاني. ماذا يعني ذلك؟ يعني الكثير. يعني بين ما يعنيه عراقة المغرب اوّلا وربّما إصرار اميركا على ردّ الجميل الذي عمره 243 عاما... ولو متأخّرا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما المغرب وردّ جميل عمره 243 عاما



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates