بشّار يحصد ما زرعه في لبنان

بشّار يحصد ما زرعه في لبنان

بشّار يحصد ما زرعه في لبنان

 صوت الإمارات -

بشّار يحصد ما زرعه في لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

قبل السلام والكلام، لا يحقّ للمصارف اللبنانية احتجاز أموال المودعين فيها، اكانوا لبنانيين او سوريين او من ايّ جنسيّة أخرى. هذه جريمة في حقّ لبنان اوّلا. جريمة، كان يفترض ان تكون هناك سلطة قادرة على الحؤول دونها. ما حدث في لبنان سرقة موصوفة بكلّ معنى الكلمة، هي نتيجة طبيعية لمرحلة الوصاية السورية ثم الوصاية الإيرانية القائمة على معادلة في اساسها تغطية السلاح للفساد.

هذا لا يمنع من طرح سؤالين في غاية البساطة على رئيس النظام السوري بشّار الأسد بعد اثارته فجأة لموضوع مليارات الدولارات التي اودعها مواطنون سوريون في مصارف لبنان.

السؤال الاوّل: ما الذي حمل مواطنين سوريين يمتلكون مبالغ صغيرة او كبيرة بعشرات ملايين الدولارات على إيداع هذه الأموال في لبنان؟

السؤال الثاني: لماذا استفاق رئيس النظام السوري في هذه الايّام بالذات على وجود هذه المبالغ الكبيرة في المصارف اللبنانية؟

الجواب عن السؤالين انّ النظام السوري في حال هروب مستمرّة الى امام. لا يستطيع القول صراحة للسوريين انّه انتهى منذ سنوات عدّة وان الهروب الى امام وتحميل الآخرين مسؤولية ما آلت اليه سوريا لا يفيد في شيء. ما يفعله بشّار يصب في تحقيق هدف واحد هو تفتيت سوريا وتكريس الاحتلالات الخمسة القائمة (الإيراني، الإسرائيلي، الروسي، الأميركي، التركي) في غياب أي تسوية سياسية في الأفق.

انهار النظام المصرفي اللبناني، الذي يشكّل العمود الفقري لاقتصاد البلد لاسباب عدّة. من بين هذه الأسباب الفساد. وهو فساد تضاعف حجمه مرّات عدّة في اثناء الوجود السوري في لبنان، خصوصا بعد العام 1990 عندما بدأ عهد الوصاية السورية المباشرة على البلد اثر دخول الجيش السوري قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة... بفضل بطولات العماد ميشال عون. كان ميشال عون وقتذاك رئيسا لحكومة مؤقتة تضمّه مع ضابطين مسيحيين. ارتكب رئيس الجمهورية الحالي في الأعوام  1988و1989 و1990 كلّ الأخطاء التي يمكن ارتكابها، بما في ذلك التحالف مع صدّام حسين، من اجل تمكين النظام السوري من السيطرة على كلّ لبنان وصولا الى خروجه منه عسكريا في نيسان – ابريل من العام 2005 مباشرة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

يلقي بشّار الأسد المسؤولية على الآخرين بدل امتلاك الجرأة على القيام بعملية نقد للذات، مؤسف انّه فات اوانها. لم يتردد في القول ان "جوهر" الازمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا هو الأموال المحتجزة في المصارف اللبنانية. المسألة في غاية البساطة. قبل كلّ شيء، إنّ الأموال السورية في المصارف اللبنانية ليست جديدة. هناك رجال اعمال سوريون واقتصاديون لعبوا دورا كبيرا، منذ ستينات القرن الماضي، في تطوير القطاع المصرفي اللبناني. لا حاجة الى ذكر أسماء محددة، لكنّ أيّ عاقل في لبنان يعرف تماما انّ هجرة النخبة السورية مع أموالها الى لبنان ليست بنت البارحة. ما يعرفه هذا العاقل ايضا، انّ النظام السوري بدأ يتآكل من داخل منذ الوحدة مع مصر ومرحلة التأميمات بين العامين 1958 و1961. عاد الامل الى سوريا في العام 1961 مع بدء عهد الانفصال. كان هناك رجال سياسة في سوريا يحترمون انفسهم قادوا مرحلة ما بعد الانتهاء من الوحدة. وضع حزب البعث نهاية لتلك المرحلة الذهبية القصيرة جدّا، التي كان يمكن ان تعيد سوريا الى السوريين، في الثمن من آذار – مارس 1963. منذ ذلك اليوم المشؤوم وسوريا في تراجع مستمرّ على كلّ الصعد. لم تهرب أموال السوريين من سوريا فقط. هرب كلّ سوري يمتلك مؤهلات معيّنة من سوريا، خصوصا بعدما اخذ بشّار الأسد، ابتداء من السنة 2000 سوريا الى مكان آخر.

لم ينتقل دولار واحد من سوريا الى لبنان من دون معرفة النظام. استفاد النظام الى ابعد حدود من المصارف اللبنانية، خصوصا بعدما تحوّل الى شريك مباشر لها في كلّ فرع فتحته في دمشق او حلب. اكثر من ذلك، هناك مصارف مثل "بنك المدينة" ارتبطت بفضائح مرتبطة بمسؤولين سوريين وآخرىن لبنانيين. هذه فضائح، كان رئيس النظام السوري على علم تام بها وبتفاصيلها ولعب دورا في التغطية عليها. ففي اللقاء الذي عقده بشّار الأسد مع رفيق الحريري في كانون الاوّل – ديسمبر 2003، قبل سنة وثلاثة اشهر من اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، كانت لبشّار ثلاثة مطالب واضحة من الحريري، من بينها توقف أجهزة الاعلام الحريرية عن التطرّق الى فضيحة "بنك المدينة"!

استخدم بشّار الأسد لغة التهديد في تأكيد انّ مطالبه أوامر موجهة الى موظف عنده، هو رئيس مجلس الوزراء في لبنان! هل من شخص يعتبر نفسه رئيسا للجمهورية العربيّة السورية يتصرّف بهذه الطريقة مع رئيس الحكومة اللبنانية، أي مع شاغل الموقع السنّي الأوّل في لبنان؟

يحصد بشّار الأسد ما زرعه في لبنان منذ خلف والده قبل عشرين عاما. رفض عمليا أي تطوير للاقتصاد السوري او تحديث له. رفض أي انفتاح حقيقي على دول الخليج العربي. فضّل اللعب على التناقضات الخليجية عبر ممارسة لعبة الابتزاز. بكلمة واحدة فضّل التذاكي على كلّ ما عداه... وصولا الى الانهيار السوري الذي لا تفيده كلّ مليارات السوريين الموجودة في لبنان في شيء.

ما زرعه بشّار الأسد في لبنان كان الاستثمار في "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني. كان طبيعيا ان يؤدي هذا الاستثمار الى انهيار سوريا وانهيار النظام المصرفي اللبناني تمهيدا الى انهيار كامل للبنان في ظلّ "عهد حزب الله" الذي بدأ في تشرين الاوّل – أكتوبر 2016. لا يمكن تجاهل ان الانهيار السريع لليرة السورية بدأ مع الازمة المصرفية في لبنان أواخر العام 2019. هل من يريد تذكّر ذلك بكلّ ما يعنيه من ارتباط للنظام السوري بالمصارف اللبنانية والنظام المصرفي اللبناني؟

لم يتعاط بشّار الأسد سوى مع أسوأ نوع من السياسيين اللبنانيين. لم يصادق أي سياسي يمتلك حدّا ادنى من القيم. ربّما كان سليمان فرنجية استثناء... اما معظم الباقين، فكانوا أسماء ارتبطت بالفساد والتبعية لـ"حزب الله". من هذا المنطلق، لم يعد من مجال سوى مجال الترحّم على سوريا وليس فقط على أموال السوريين واللبنانيين في مصارف لبنان...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشّار يحصد ما زرعه في لبنان بشّار يحصد ما زرعه في لبنان



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates