حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية

حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية

حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية

 صوت الإمارات -

حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله


لم يكتف "حزب لله" بلسان امينه العام حسن نصرالله بتأكيد انّ لبنان ليس سوى ورقة إيرانية وانّ مستقبل اللبنانيين واولادهم آخر همّ من همومه. ذهب في خطابه الاخير الى ابعد من ذلك. ذهب الى إعطاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واللبنانيين دروسا في الديموقراطية. فعل ذلك عندما شدّد على انّ "حزب الله" يسيطر على الأكثرية في مجلس النوّاب وان لا حكومة تشكّل من دونه. نسي ان الانتخابات الأخيرة في ايّار – مايو 2018 قامت على قانون عجيب غريب لا علاقة له بالديموقراطية بمقدار ما له علاقة بتمكين "حزب الله" من وضع اليد على مجلس النواب بعد وضع يده على خيار من يكون رئيس الجمهورية في لبنان.  

حسنا، اذا لم يكن لبنان ورقة إيرانية، كما قال، وانّ "الجمهورية الإسلامية" لا تتدخل في شؤونه الداخلية، من يرسل أسلحة وصواريخ الى لبنان ومن يموّل ميليشيا مذهبية؟ هل تفعل ايران ذلك لوجه الله، ليس الّا، بصفة كونها جمعية خيرية لا يهمّها سوى الصالح العام ونشر الديموقراطية؟

لعلّ آخر ما يمكن وصف ايران به انّها جمعية خيرية. ايران بلد يحسب بدقة كلّ خطوة يقدم عليها وكلّ استثمار في أي من الميليشيات التي يشرف عليها في هذا البلد العربي وغير العربي او ذاك.

لم يكن الخطاب الذي القاه نصرالله أخيرا سوى تعبير عن رغبة واضحة في رفض المبادرة الفرنسية تجاه لبنان، وهي مبادرة تؤمن له الحصول على مساعدات في ظلّ توافر شروط معيّنة لا مفرّ من تحقيقها. ليس الحديث عن إصرار لدى "حزب الله" على المشاركة في الحكومة الجديدة سوى نسف للمبادرة الفرنسية وللأساس الذي قامت عليه. مهما حاول تجميل الرفض وتغطيته بمبررات مضحكة من نوع انّ رؤساء الحكومة السابقين الأربعة (سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي) كانوا يشكلون وحدهم حكومة مصطفى اديب، ذلك ليس سوى جانب من قضيّة في غاية التعقيد. اسم هذه القضيّة الازمة اللبنانية التي حولت اللبنانيين الى فقراء وعاطلين عن العمل بعدما دمّر تفجير الميناء جزءا من بيروت.

هناك إصرار ليس بعده إصرار لدى حسن نصرالله على تصوير ايران بانّها جمعية خيرية من جهة واستغباء اللبنانيين الى ابعد حدود من جهة أخرى.

بالنسبة الى الأمين العام لـ"حزب الله"، قضى رفيق الحريري ورفاقه ولبنانيون آخرون من سمير قصير... الى محمّد شطح، في حوادث سير. بالنسبة الى حسن نصرالله لم تدن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سليم عيّاش القيادي في "حزب الله" في قضيّة تفجير موكب رفيق الحريري. لم يعترف اصلا بالمحكمة الدولية التي لولاها، لكان التحقيق اللبناني في التفجير بقي عند "أبو عدس"...

لم يستطع نصرالله في خطابه تقديم ايّ حجة مقنعة لموقف "حزب الله" من المبادرة التي طرحها الرئيس ايمانويل ماكرون. ليس كافيا الترحيب بالمبادرة الفرنسية لتبرير رفضها وتذكير اللبنانيين بغزوة بيروت والجبل في ايّار – مايو 2008 ولتفسير رفض حكومة لا وجود فيها لـ"حزب الله".

في النهاية، إنّ تدخّل سعد الحريري والسنيورة وسلام وميقاتي في تشكيل حكومة مصطفى اديب بقي في اطار ما طرحه ماكرون الذي كان واضحا كلّ الوضوح منذ البداية. شدّد الرئيس الفرنسي على تشكيل ما سمّاه "حكومة مهمّة" تكون مصغرة وتضم اختصاصيين ليس فيها أيّ حزبي. من اين جاء نصرالله بطلب مشاركة "حزب الله" بحكومة لبنانية جديدة وكأنّه لا يعرف ان حكومة تضمّ أعضاء من "حزب الله" مرفوضة من المجتمع الدولي وعربيا. لا يمكن لمثل هذه الحكومة سوى تسريع انتقال لبنان الى فنزويلا أخرى... أي الى مزيد من البؤس والافلاس والتعتير والانهيار لكلّ ما بقي من مؤسسات الدولة. 

كان الخطاب الأخير لحسن نصرالله خطاب كلّ المغالطات. لم يعرف من اين عليه ان يبدأ وكيف عليه ان ينتهي، بل عرف كيف ينتهي عندما شنّ هجوما شديد اللهجة على مملكة البحرين بسبب توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل هي ودولة الامارات العربية المتحدة. يرفض اخذ العلم بوجود واقع جديد في المنطقة كلّها، خصوصا في ظلّ المشروع التوسّعي الإيراني القائم على اثارة الغرائز المذهبية وعلى التعالي على كلّ دولة عربيّة. هل نسي الأمين العام لـ"حزب الله" ان ايران تحتلّ ثلاث جزر إماراتية، هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، منذ العام 1971... أي منذ ايّام الشاه، وترفض الدخول في أي مفاوضات من ايّ نوع مع الامارات؟

جميل ان يبدي حسن نصرالله كلّ هذا الحرص على أموال المودعين في المصارف اللبنانية وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية لدى تشكيل الحكومات في لبنان. ما كان يمكن ان يكون اجمل من ذلك لو حدّد للبنانيين كيف سيحلّ مشكلة انهيار النظام المصرفي اللبناني وكيف يمكن ان يعيد رئيس الجمهورية الى ارض الواقع، خصوصا عندما يتعلّق الامر بتجاهل ميشال عون للتحذير الذي تلقاه من احد الأجهزة الامنية عن مواد خطرة في عنابر ميناء بيروت قبل نحو ثلاثة أسابيع من حصول الكارثة.

كان اطرف ما في خطاب حسن نصرالله، المخصّص للرد على الرئيس الفرنسي، الإصرار على حماية لبنان عبر مشاركة حزبه في الحكومة. تكون حماية لبنان، من وجهة نظره، برفض الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي ورفض الخصخصة ورفض ايّ بيع لاملاك الدولة. مثل هذا الكلام قابل للنقاش بين اختصاصيين، لكنّه لا يصلح لمزايدات سياسية لا هدف لها غير اخذ البلد الى الدوران في حلقة مقفلة مع ما يعنيه ذلك من تعميق للازمة.

بعض الواقعية ضروري بين حين وآخر في بلد مثل لبنان ليس فيه من يريد اخذ العلم بانّ من بين الأمور التي تطرّق اليها الرئيس الفرنسي في زيارتيه للبنان موضوع التعليم والكهرباء. هل يستطيع الأمين العام لـ"حزب الله"، الذي يشدّد على ان حزبه ليس فاسدا، ان يشرح كيف غطّى سلاحه احد عشر عاما من استيلاء "التيّار العوني" على وزارة الطاقة كي يصبح البلد من دون كهرباء وكي يزداد الدين العام 50 مليار دولار؟

سيتبيّن يوما ان أشخاصا مثل حسن نصرالله ما زالوا يعيشون في الماضي، ماضي ما قبل الرابع من آب – أغسطس 2020. بغض النظر عن التناقضات التي وقع فيها ايمانويل ماكرون في اثناء زيارتيه للبنان ومؤتمره الصحافي، يظلّ ان مبادرته تمثل طرحا متقدّما في حال كان مطلوبا وقف الانهيار اللبناني. كلّ ما تبقى يدخل في تبرير استخدام لبنان ورقة إيرانية وتغطية الأسباب الحقيقية وراء تفجير ميناء بيروت... وهي أسباب ستتكشّف عاجلا ام آجلا.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية حسن نصرالله يعطي دروسا في الديموقراطية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates