نموذج مُلهم في التعاون العربي

نموذج مُلهم في التعاون العربي

نموذج مُلهم في التعاون العربي

 صوت الإمارات -

نموذج مُلهم في التعاون العربي

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

تاريخية واستراتيجية، هكذا وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، العلاقات الإماراتية المصرية في مستهل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأبوظبي الأسبوع الماضي. وهي الزيارة السابعة خلال خمسة أعوام، إذ كانت الأولى في يناير 2015، الأمر الذي يمثل مؤشراً واضحاً إلى أولوية العلاقات مع دولة الإمارات في سياسة مصر الراهنة، مثلما كانت منذ بداياتها الأولى قبل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وبعده، حيث أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان أُسسها على دعائم قوية. وواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العمل من أجل تنميتها، وفتح أمامها آفاقاً جديدة ومتجددة على الدوام، وجعلها نهجاً ثابتاً في سياسة الدولة، حتى بلغت مستوى يندر مثله في العلاقات الثنائية بين الدول، فصارت نموذجاً يؤمل الاقتداء به في التعاون العربي عامة.
وجاءت زيارة الرئيس السيسي في لحظة بالغة الدقة، إقليمياً ودولياً، وفي ظل تطورات تتطلب إعادة تقييم الموقف في إطار الرؤية الاستراتيجية المشتركة التي تجمع الدولتين. فهناك فرصة تلوح من بعيد لكبح التدهور المستمر منذ مطلع العام الجاري في الوضع العربي العام، وللشروع في تسوية بعض الأزمات المشتعلة، انطلاقاً من إرهاصات أولية يمكن البناء عليها، رغم ضخامة الصعوبات التي تواجه أية محاولة في هذا الاتجاه. وتوجد هذه الإرهاصات الأولية، بدرجات متفاوتة، في أزمتي سوريا واليمن.
كما تتفاقم أزمات بعض الدول الإقليمية، لاسيما تركيا التي لعبت دوراً كبيراً في توتير الأوضاع في المنطقة، والذي يبدو الآن أكثر ارتباكاً من أي وقت مضى منذ مطلع العقد الجاري، وذلك على نحو يفرض على العقلاء في العالم العربي البحث في كيفية استثمار هذا التراجع لكي يصب في مصلحة الإقليم كله، وليست دوله العربية فقط، أي بطريقة تُمكَّن الأطراف كلها من تحقيق مكاسب ‏(Win Win Strategy).
وتستطيع مصر ودولة الإمارات قيادةَ تحركٍ عربي في هذا الاتجاه، لأن المنهج المتبع في التعاون بينهما يضع أساساً لدور كبير تضطلعان به سعياً إلى نقل المنطقة نحو وضع جديد يُمكِّن الجميع من الانطلاق نحو المستقبل. ويقوم هذا المنهج على خمس دعائم أساسية. الأولى هي العمل المشترك من أجل إنقاذ الدول العربية المهددة بالانهيار بفعل حروب داخلية وأطماع إقليمية ودولية. والثانية مواجهة الإرهاب الذي مازال خطره ماثلاً وكبيراً رغم النجاح الذي حققته الحرب على «داعش». والدعامة الثالثة هي بذل جهود مشتركة لترسيخ الأمن في الدول العربية التي حافظت على استقرارها وسط أنواء عاصفة اجتاحت المنطقة في السنوات الأخيرة. والرابعة هي تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات، وتدعيم القيم الإنسانية العامة المشتركة بينها، وفي مقدمتها قيمة التسامح التي خصصت دولة الإمارات عام 2019 لتعزيزها. أما الدعامة الخامسة، التي تمثل حجر الأساس للدعائم الأربع السابق ذكرها، فهي التعاون في مجال التنمية الشاملة والمستدامة، استناداً إلى رؤية واضحة يحدث تشاور مستمر بشأنها على أعلى مستوى، وانطلاقاً من اتفاقات وبروتوكولات مدروسة ترتبط بعمل حقيقي يُنجز في كل من المجالات التي تغطيها. وشهدت زيارة الرئيس السيسي الأخيرة نقلة نوعية في هذا التعاون عبر إطلاق منصة استثمارية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع حيوية ضرورية للدولتين بين شركة أبوظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي. والمتوقع أن تساهم هذه النقلة في تقوية الأساس الاقتصادي للدور الذي تتعاون الدولتان في الاضطلاع به، لتحقيق المصلحة العربية العليا، مثلما ساعدت في ذلك مبادرة قيادة دولة الإمارات إلى دعم الاقتصاد المصري في مرحلة بالغة الصعوبة، بعد التراجع الذي حدث فيه خلال النصف الأول من العقد الجاري. فقد زادت الاستثمارات الإماراتية المباشرة حتى بلغت 7.2 مليار دولار، من خلال 1114 شركة، وفق بيانات الهيئة العامة المصرية للاستثمار والمناطق الحرة التي تُظهر أن دولة الإمارات تتصدر قائمة الدول العربية والأجنبية التي تستثمر في مصر.
ولذا تعد المنصة الاستثمارية المشتركة دليلاً جديداً على تميز العلاقات التي أصبحت نموذجاً مُلهماً يُرجى أن يُحتذى به في سياسات الدول العربية المستقرة أوضاعها الآن، وغيرها من الدول التي تسترد استقرارها في الفترة القادمة.

*مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نموذج مُلهم في التعاون العربي نموذج مُلهم في التعاون العربي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates