البغدادي وبن لادن ما الفرق

البغدادي وبن لادن.. ما الفرق؟

البغدادي وبن لادن.. ما الفرق؟

 صوت الإمارات -

البغدادي وبن لادن ما الفرق

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

عندما أعلن أسامة بن لادن عام 1988 تأسيس ما سمّاه «الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين»، والتي عُرفت باسم «تنظيم القاعدة»، كان أبوبكر البغدادي قد أكمل لتوه عامه السابع عشر. وحين أعلن بن لادن مسؤولية «القاعدة» عن هجمات 11 سبتمبر 2001، كان البغدادي مجرد خطيب في أحد جوامع بغداد. وقد أثر هذا الاختلاف الجيلي في مسار البغدادي المولود عام 1971، وبن لادن المولود عام 1957، لأن الظروف التي أحاطت تأسيس «داعش» عام 2013، كانت قد اختلفت كثيراً عن تلك التي أُنشئ فيها تنظيم «القاعدة».
والفرضية التي نطرحها، ويمكن أن تكون أساساً لدراسة أوسع حول سبل مواجهة مستجدات الإرهاب مستقبلاً، هي أن التباين الجيلي واختلاف الظروف لا يؤديان بالضرورة إلى فرق ملموس في الأثر الذي سيترتب على مقتل البغدادي قبل أيام، حين نقارنه بما نتج عن التخلص من بن لادن في 2 مايو 2011. فإذا اكتفينا بهذه المقارنة، قد نصل إلى نتيجة غير دقيقة لأن أهم ما يستفاد منها أن دور بن لادن في «القاعدة» كان أكبر من دور البغدادي في «داعش».
فقد أتيح لزعيم «القاعدة» القيام بدور محوري، استناداً لعاملين على الأقل: أولهما سجله التاريخي في حرب أفغانستان، والشهرة التي اكتسبها خلال تلك الحرب ومكنته من قيادة الإرهاب العالمي. أما العامل الثاني فكان قدرته على التواصل وجذب الانتباه، على النحو الذي تجلى في خُطبه المصورة.
ولم تتوفر أي من هاتين «الميزتين» لدى البغدادي. فلا سجل تاريخي لافت، ولا علامات دالة على شخصية قوية مؤثرة. كان «إنجازه» الأساسي، من وجهة نظر أنصاره، هو تحويل التنظيم الإرهابي الذي كان يعمل في العراق فقط، عندما تولى قيادته عام 2010، إلى ما سمّاه «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). كما افتقر للسمات التي تمتع بها بن لادن. وبموجب هذه المقارنة، قد يبدو أن أثر مقتل البغدادي في «داعش» سيكون أقل مما ترتب على اغتيال بن لادن بالنسبة لـ«القاعدة»، على أساس أن غياب الأول ترك فراغاً أكبر مما يمكن أن ينتج عن غياب الثاني.
لكن هذا الاستنتاج ربما يكون متعجلاً لأنه يغفل متغيراً مهماً هو أن كلًا منهما كان مختبئاً، عندما قتل، في مكان غير معلوم إلا لخاصة الخاصة، على نحو يصعب في ظله القيام بدور قيادي فاعل. فعندما قُتل بن لادن، كان دوره الفعلي قد تراجع بشدة بعد الضربات المتلاحقة ضد «القاعدة»، وصار معنوياً بالأساس بعد أن اضطر لاتخاذ إجراءات مشددة لتأمين أماكن اختبائه، وتراجعت بالتالي قدرته على التواصل مع كثير من قادة التنظيم المركزيين، وليس مع فروعه فقط. وقل مثل ذلك عن البغدادي الذي قُتل بعد أن هُزم تنظيمه عسكرياً، وطُرد من المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق. لكن الضعف الذي حل بدور البغدادي كان أشد لافتقاره للأثر المعنوي الذي بقى مترتباً على شخصية بن لادن.
لكن هذا الفرق لا يكفي، رغم أهميته، لاستنتاج أن تداعيات مقتل البغدادي على «داعش» ستكون أقل من آثار مقتل بن لادن على «القاعدة»، لأن دوره كان أضعف. فإذا كان تنظيم «القاعدة» بات أكثر ضعفاً بعد مقتل بن لادن، فقد ارتبط ذلك بظهور «داعش» الذي جذب بعض كوادره والكثير من أنصاره؛ إذ بدا في حينه أكثر حيوية. ولذا ربما يتوقف مصير «داعش» بعد مقتل البغدادي على سؤالين محوريين: أولهما عن تداعيات التفاعلات التي بدأت داخل التنظيم وفروعه مع إعلان أبي إبراهيم الهاشمي القرشي زعيماً جديداً له دون التصريح باسمه اكتفاءً بكنيته، وهل باستطاعة قائد مجهول الهوية أن يحافظ على من بقوا في هذا التنظيم بعد الهزيمة والتشتت؟ والثاني عن خطط تنظيم «القاعدة» المنهك بدوره، وهل يتمكن من استغلال ارتباك «داعش» ويسعى لاستعادة صدارة المشهد الإرهابي، أم يظهر تنظيم ثالث يتجاوزهما معاً.

*مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البغدادي وبن لادن ما الفرق البغدادي وبن لادن ما الفرق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates