هل تصمد شبكة «داعش»

هل تصمد شبكة «داعش»؟

هل تصمد شبكة «داعش»؟

 صوت الإمارات -

هل تصمد شبكة «داعش»

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

لم تمض ستة أيام على مقتل زعيم تنظيم «داعش»، أبوبكر البغدادي، حتى نفذ بعض أتباعه في شمال مالي هجوماً إرهابياً جديداً. وقع الهجوم في الشريط الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، والذي يمثل جزءاً في منطقة أوسع تمتد في الصحراء الكبرى وساحل أفريقيا الغربي. ويعمل «داعش» في هذه المنطقة تحت اسم «ولاية الصحراء الكبرى».

ولا يعني تنفيذ عملية إرهابية كبيرة على ذلك النحو انتفاء أي أثر لمقتل البغدادي على فروع التنظيم المنتشرة في مناطق عدة في العالم. فقد بدأ الإعداد لهذه العملية بالضرورة قبل أسابيع على مقتله، لأن التحضيرات اللازمة لها تستغرق وقتاً غير قصير. لكن تنفيذها بطريقة متقنة، وعدم إلقاء القبض على أي من منفذيها، يعني أن الكثير من فروع «داعش» تعتمد على إمكانات محلية، وتعمل بطريقة التسيير الذاتي. والأرجح أنها صارت أكثر اعتماداً على نفسها بعد هزيمة التنظيم في معقله الرئيس بسوريا والعراق، واضطرار قادته للاختباء.
ولذا، يتعين الآن مراجعة النظرة إلى «داعش» بوصفه تنظيماً، لأن تداعيات الهزيمة العسكرية في العراق وسوريا أثرت في هيكله، وجعلته أقرب إلى شبكة منه إلى تنظيم بالمعنى الدقيق. وتوجد المجموعات المرتبطة بهذه الشبكة في بلدان عدة في وسط آسيا، والشرق الأوسط، وغرب أفريقيا ووسطها. وكان نصيب هذه المناطق الثلاث 85% من إجمالي عمليات «داعش» الإرهابية، وفقاً للتقرير الصادر عن الخارجية الأميركية بشأن الإرهاب في العالم عام 2018.
ويتعين، الآن، إعطاء مزيد من الاهتمام لحواضن «داعش» في وسط آسيا، لأنها قد تصبح ملجأ للإرهابيين الذين يتمكنون من استغلال الغزو التركي لشمال شرق سوريا للفرار من معتقلاتهم. فقد استطاع «داعش» إقامة منطقة نفوذ لا يُستهان بها في بعض مناطق أفغانستان، وحافظ على ما يسميه «ولاية القوقاز» في جمهوريتي الشيشان وداغستان الروسيتين، وأوجد مواطئ أقدام له في سريلانكا والفلبين وماليزيا وإندونيسيا.
كما تمدد حضور «داعش» في أفريقيا على نحو يستدعي مراجعة أساليب مواجهته فيها، وتحديد أوجه القصور التي أضعفتها. فإلى جانب وجوده في دول عدة في منطقة الصحراء الكبرى والساحل الغربي، وولاء جماعة إرهابية كبيرة له في نيجيريا، هي «بوكوحرام».. استطاع النفاذ إلى بعض دول وسط القارة أيضاً.
لكن الوضع يختلف في الشرق الأوسط، إذ بات «داعش» الآن أضعف مما كان عليه قبل عامين، ليس في العراق وسوريا فقط، بل في معظم البلدان التي توجد مجموعات تابعة له فيها. وتواجه المجموعة الصغيرة التابعة له في شمال شرق سيناء صعوبات كبيرة، بعد الضربات الموجعة التي تلقتها، وتسعى لإثبات قدرتها على الاستمرار، لذا كانت أول من بايع زعيمه الجديد، بعد نحو 48 ساعة فقط على إعلان تنصيبه.
كما يحيط الغموض بوضع المجموعات التابعة لـ«داعش» في اليمن، منذ أن شنت قوات التحالف العربي عملية نوعية ناجحة أفضت إلى اعتقال زعيمه المكني أبو أسامة المهاجر في يونيو الماضي. وكذلك الحال بالنسبة للمجموعات المرتبطة به في ليبيا، بعد أن نجحت قوات الجيش الوطني في تحرير المناطق الشرقية والجنوبية، بينما تلتزم الحكومة التي لا تزال تسيطر على طرابلس الصمت بشأن امتدادات هذه المجموعات في أوساط المليشيات التي تعتمد عليها.
ورغم أن وضع المجموعة التابعة له في الصومال يبدو أقل صعوبة، فهي تخوض صراعاً ضد «حركة الشباب» التابعة لتنظيم «القاعدة». وفي الجزائر، يتواصل الصراع بين المجموعة المرتبطة بـ«داعش»، والمسماة «جند الخلافة»، وتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
وتفيد قراءة تضاريس خريطة انتشار «داعش»، على هذا النحو، أن مواجهة المجموعات المرتبطة به تتطلب بناء تحالف دولي جديد لمحاربته في وسط آسيا، عبر تعاون وثيق بين حلف الأطلسي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم روسيا وأرمينيا وكازاخستان وطاجستان وقيرغيزستان، وتحالف ثان لمحاربته في غرب أفريقيا ووسطها، إلى جانب مواصلة الحرب عليه في الشرق الأوسط والبناء على النجاح الذي حققته. ويحسن أن تتوازى الحروب في المناطق الثلاث، سعياً لتجفيف منابع تمويله الباقية، والحد من قدرة عناصره على الانتقال عبر الحدود، وتطوير آليات جمع المعلومات اللازمة لشن الهجمات النوعية التي ستكون سمة المرحلة القادمة في مواجهة الإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تصمد شبكة «داعش» هل تصمد شبكة «داعش»



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates