بقلم : مكرم محمد أحمد
ما يجعل المصريين اكثر صبرا على قبول الشدائد، يقينهم الداخلى بأنه لم يعد أمامهم خيار آخر سوى ان يجترعوا المر لعل فيه شفاءهم، وقد ساعت المصريين كثيرا على قبول هذه الحقيقة رغما عن أنفسهم صراحة الرئيس عبد الفتاح السيسى ووضوحه وشدة حسمه وإصراره على ان يجترع المصريون هذه الجرعة الصعبة التى رفعت أسعار الطاقة مرة واحدة بأكثر من 50 فى المائة، زاد عليها ارتفاع سعر الكهرباء والماء والمواصلات، فضلا عن ثقتهم الشديدة بأن الرئيس مكره لا بطل، لا يريد لأهله وناسه هذه المعيشة الضنك لكن ما باليد حيلة. لقد استنفد المصريون سابقا كل الفرص والحيل ولم يعد أمامهم سوى الانصياع لمتطلبات الاصلاح الاقتصادى، لأن عدم الانصياع يعنى الإفلاس والفوضى وسقوط الدولة والقانون والعودة مرة اخرى الى مجتمع الغابة, حيث يأكل القوى الضعيف وعلى قدر غلظة هراوتك يكون حجم حريتك!، أما الذين لا يملكون أيا من العصى الغليظة فليس أمامهم سوى الرضوخ والانصياع للاقوياء!، لقد جربنا هذا الحالة الصعبة عقب ثورة يناير، وكانت نتيجتها هذا الكم المخيف من الجرائم والخراب والمخالفات التى أكلت أرض مصر الزراعية! وهذا الحجم الضخم من العشوائيات التى تحاصر حياتنا, تشل يد الإصلاح فى دولة يتسم فيها العدل بالكساح، لان العدالة فى مصر كسيحة بطيئة تزهق صبر من ينتظرونها!والواضح ان المصريين يحاولون قدر استطاعتهم ان يتعايشوا مع ظروفهم الصعبة الجديدة, تغيرت العلاقات بين الناس، وتغيرت الأجور طواعية دون قانون، ووصل أجر العاملة فى البيت الى ما يزيد على أربعة آلاف وخمسمائة جنيه فى حده الادنى عن 30 يوم عمل فى الشهر، ولا احد يموت فى مصر جوعا دون عشاء لكن الحياة شاقة وصعبة، وهذا ما يعرفه جيدا الرئيس عبد عبد الفتاح السيسى، ليس فقط لانه نشأ فى حى الجمالية اكثر احياء القاهره شعبية أو لأنه يملك الآن القدرة على ان يعرف كل صغيرة وكل كبيرة، ولكن لان الأوضاع واضحة مكشوفة لكل العيان، ولأن الجميع يعانون وأكثر من يعانون الآن بقايا الطبقة المتوسطة الذين يعيشون على دخول ثابتة، أغلبها ميراث قديم لارض او عقار تآكلت قيمته وكثر مستفيدوه, تحسبهم من فرط اعتزازهم بالنفس والتعفف اغنياء، لكنهم أحوج الجميع الآن الى مظلة امن اجتماعى تكفل لهم الامن والكرامة ..، وأعظم ما فى هذه الصورة التى تكتنفها ظلال رمادية وسوداء تكاد تكون المسحة الغالبة ان الجميع يشهدون من مواقعهم تباعدت او تقاربت تباشير صباح جديد يشرق على مصر وهى احسن حالا، تبدل وضعها القديم بوضع جديد تنخفض فيه معدلات البطالة الى حدود تقل عن 11 فى المائة، ويزداد فيها حجم الداخلين الجدد الى سوق العمل بما يقرب من ثلاثه ملايين عامل يعملون فى المشروعات الجديدة، وتنخفض فيها معدلات التضخم ربما للمرة الاولى الى حدود تقل عن 10 فى المائة وكانت نسبته قد وصلت قبل عدة شهور الى 35 فى المائة، ويتجاوز فيها حجم الاستثمارات المباشرة 20 مليار دولار، ويزيد حجم الاحتياطيات النقدية على 44 مليار دولار، وتتفوق فيها أرقام الصادرات على ارقام الواردات بما يؤكد اننا على الطريق الصحيح فى ظل حكومة جديدة يرأسها المهندس مصطفى مدبولى تعرف ان مهمتها الاساسية هى إعادة بناء الإنسان المصرى.المصدر : جريدة الأهرامالمقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع