العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع
آخر تحديث 14:43:11 بتوقيت أبوظبي
السبت 10 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع

العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع

 صوت الإمارات -

العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع

بقلم:عمرو الشوبكي

 

حين نجد دولة قانون ديمقراطية مثل فرنسا تقرر من دون غيرها من دول العالم منع الحجاب أو أي غطاء للرأس في المنافسات الرياضية على اعتبار أنه يهدد العلمانية، وتعتبر تمرد فتاة على أفكار دينية متشددة موجودة في «فرنسا الضواحي» لا تحبذ أن تمارس الفتيات أي رياضة اختياراً لا قيمة له، إنما المهم لديها عدم ارتداء الحجاب؛ فيصبح السؤال: أي علمانية هذه التي تخاف من غطاء رأس ترتديه فتاة تمارس الرياضة بشكل متساوٍ مع الرجل؟

يقيناً لا يجب أن يكون النقاش حول العلمانية الفرنسية بالمقارنة مع الدساتير العربية التي وضعت بصيغ مختلفة الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، ولا مع الهند الهندوسية، ولا مع روسيا الأرثوذكسية، إنما المقارنة ستكون مع الدول الأوروبية والغربية؛ إذ تفردت فرنسا دون غيرها في طرح إشكالات لا تثير حفيظة باقي الدول الأوروبية.

فرنسا اعتبرت أن توقف مباريات كرة القدم لدقيقة كي يفطر اللاعبون الصائمون مساس بالعلمانية، رغم أنه أمر مقونن وطبيعي في كل بطولات الدوري الأوروبية، كما أن فرنسا «هاجت وماجت» واعتبرت قيام أحد مطاعم الوجبات السريعة بالإعلان عن تقديم «لحم حلال» في بعض المناطق التي يتركز فيها فرنسيون من أصول عربية معادياً للعلمانية، واضطرت الشركة إلى أن تتراجع عن هذه الخطوة، ثم جاء إعلان وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو الشهر الماضي عن منع الحجاب في المنافسات الرياضية تحت حجة «تهديد العلمانية»، وتصريحه الصادم: «يسقط الحجاب، وعاشت الرياضة»، ليطرح السؤال: كيف يمكن لبلد كبير مثل فرنسا وجانب كبير من قوته وحضوره العالمي مستمد من بريق نموذجه الثقافي ومن حيوية نموذجه السياسي، ودمجه في ثنايا مجتمعه أعراقاً وجنسيات كثيرة، وقدم مبدعين في كل المجالات، أن يصل به الحال إلى أن يتحدث مسؤول كبير به وأحد الأسماء المرشحة لخوض انتخابات الرئاسة في 2027، بهذه الطريقة ويقول علناً في مؤتمر صحافي: «يسقط الحجاب»؟

في أوروبا وفي كثير من دول العالم هناك من لا يرتاح للحجاب وهناك من يرفضه، ولكن لا دولة في أوروبا تعتبر أن نظامها السياسي ومنظومة قيمها الثقافية مهددان إذا قررت فتيات بمحض إرادتهن ارتداء غطاء رأس أو حجاب، إلا فرنسا التي وصل الأمر فيها بزعيمة أقصى اليمين مارين لوبان (أدينت مؤخراً بتهم فساد) أن قالت: يجب منع ارتداء الحجاب في الشارع والمواصلات العامة!

وقد تفهم كثيرون خصوصية النموذج الفرنسي في ما يتعلق بالتمييز بين حضور الدين في المجال العام والخاص، وتفهموا بصورة أكبر الفصل التاريخي الذي حدث مع قانون 1905 بين الدولة والمؤسسات الدينية، ومنعت به، على خلاف ألمانيا مثلاً، أن تنفق الدولة أي أموال على المؤسسات الدينية، والذي اعتبر أن «الجمهورية لا تعترف ولا تموّل ولا تدعم أي دين».

وهنا عرفت فرنسا تاريخاً طويلاً من الكفاح ضد المظاهر الدينية في المؤسسات العامة، وبخاصة في المدارس، وإنها قضت عقوداً حتى وصلت إلى التوافق التدريجي على قانون ينزع الصليب من ألواح الشرح في المدارس الحكومية، فبدأت بعدم تعليق الصليب في المدارس التي سيتم بناؤها، ونزعه في الحالات التي لا يسبب ذلك مشكلة، والإبقاء عليه إذا كان نزعه سيسبب مشكلة، واستمرت هذه العملية عقوداً عدة حتى اختفى وضع الصليب تماماً من المدارس العامة.

صحيح أن الأمر اختلف في ما يتعلق بقانون منع المظاهر الدينية في المدارس العامة الذي صدر منذ نحو 20 عاماً؛ إذ طُبِّق بشكل فوري، واستهدف أساساً غطاء رأس الفتيات المسلمات، ومع ذلك كان هناك تفهم من قبل كثيرين خارج فرنسا لجوهر هذا القرار؛ لأنه منسجم مع قانون وُضع في 1905، حتى لو جرى الاختلاف على فورية التطبيق، وبخاصة أن المدارس الخاصة، وبشكل أخص الكاثوليكية، قبلت تسجيل الفتيات المسلمات في مدارسها بعد أن استبعدتهن المدارس الحكومية.

لا أحد يختلف على أن فصل الدين عن الدولة موقف أصيل وثابت لكل العلمانيات والدول المدنية في العالم، ومنع المظاهر الدينية في المؤسسات العامة والحكومية هو خصوصية فرنسية مقبولة؛ لأنه مهما كان الخلاف على طريقة تطبيقه بحق المسلمين، فإنه سبق أن طُبِّق على المسيحيين في العقود السابقة، كما أن القلق من الهجرة والإعلان عن برامج لترحيل المهاجرين غير النظاميين... كل ذلك أمر مفهوم في ظل تزايد قوة وتأثير أحزاب اليمين المتطرف التي استثمرت بالحد الأقصى في مشاكل الهجرة والمهاجرين، أما الخلل الكبير فهو هذا الانشغال «الهستيري» بدقيقة لإفطار صائم في مباراة كرة، والانحراف عن هدف المساواة بين الجنسين بترك الجوهر، وهو حرص النساء مثل الرجال على ممارسة الرياضة، والتمسك بالمظهر والزي الخارجي الذي لا يهدد أي مجتمع لديه ثقة حقيقية في منظومة قيمه الثقافية والسياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع



GMT 20:19 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب: الحرب تنتقل

GMT 20:17 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

مُدافع «الإنتر» الذي تعلّم الرجولة

GMT 20:16 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

بلزوني: نهاية القصة!... عودة أخرى

GMT 20:15 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

اصطياد الأدمغة لا يكفي!

GMT 20:15 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

التفوّق السينمائي والإحراجات الفلسفية

GMT 20:14 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

قراءة في المشهد الليبي المأزوم

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 16:46 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

موديلات فساتين خطوبة عمودية 2020

GMT 07:42 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

لمن قال قصي خولي: “لا تتذاكوا عليّ” ؟

GMT 20:29 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

طاهر.. هل ينصفه التاريخ؟

GMT 13:10 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

قبر سانتا كلوز يثير حيرة علماء الآثار بعد مئات السنوات

GMT 09:58 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

هدفان يحفظان ماء وجه الأجانب في الدوري السوداني

GMT 11:41 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

اجعلي "غرفة معيشتك" أنيقة وعصرية في 5 خطوات بسيطة

GMT 19:32 2020 السبت ,09 أيار / مايو

فيفا يضع 5 شروط لتخفيض أجور اللاعبين

GMT 23:20 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

فريق شباب الأهلي يجري تدريباته في مقر النادي فرع الممزر

GMT 05:58 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن حاسة الشم يمكنها أن تخفض حوادث السير

GMT 01:07 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

الأميركي ديفيد ليبسكي يتصدر ترتيب "السباق إلى دبي"

GMT 18:45 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

"هاواي" قبلة الباحثين عن المغامرات وركوب الأمواج

GMT 22:10 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

زايد للإسكان يعتمد أسماء 1500 مواطنًا من مستحقي الدعم السكني

GMT 03:46 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ياباني يتزوج بمغنية افتراضية ويقيم حفلة زفاف رسميًا

GMT 19:15 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الأنسجة الظهارية ووظيفتها فى جسم الإنسان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates