مقاربة الأزهر

مقاربة الأزهر

مقاربة الأزهر

 صوت الإمارات -

مقاربة الأزهر

عمرو الشوبكي
بقلم - عمرو الشوبكي

أثارت قضية الرسومات المسيئة للرسول الكريم ردود فعل متباينة فى العالمين العربى والإسلامى، وطرحت أثناء زيارة الرئيس السيسى لباريس مرة أخرى، وكانت مثار تعليق متبادل بين الرئيسين المصرى والفرنسى أثناء المؤتمر الصحفى المشترك.

ولقد قدم الأزهر مقاربة قانونية وثقافية فى التعامل مع قضية الرسومات المسيئة تمثلت فى رفض وإدانة العنف والإرهاب كوسيلة للتعامل مع أى رسومات أو إساءات للدين، وفى نفس الوقت أعلن اتخاذ مسار قانونى أمام المحاكم الدولية لتجريم هذه الممارسات.

ومع قناعتنا أن هذا المسار لن يسفر عن شىء، لأن المبادئ الدستورية والقانونية الأوروبية مازالت تعتبر انتقاد الأديان والسخرية من الأنبياء حرية رأى، وأن المطلوب أن تكون رسالة الأزهر الأساسية قائمة على «الحوار الحضارى»، وهذا يتطلب أولا فهم النموذج العلمانى الفرنسى وطريقة عمله بعيدا عن قضية الإسلام، والثانى هو التأكيد على أن الإساءة للأديان تسىء للأفراد أيضا، وأن الفرد الذى تضعه فرنسا فى مرتبة أعلى من الأديان، وتعتبره مصدر الحماية والقوانين، يشعر بالإهانة حين تتم الإساءة لمعتقداته الدينية.

ولأن الأزهر شريك مع الفاتيكان فى وثيقة «الأخوة الإنسانية» فإن هذه المنصة مرشحة أكثر من غيرها للقيام بحوار حقيقى حول قضية الإساءة ضد الأديان والإسلاموفوبيا ودور الأديان فى المجتمعات الحديثة، ومحاربة التطرف والإرهاب.

واختار الأزهر فى قضية الرسومات المسيئة المواجهة القانونية والسياسية وليس المقاطعة الاقتصادية كما طالب البعض فى عالمنا العربى، وهو موقف يحسب للأزهر فى تمييزه بين سياسات الدول وبين توجهات الأفراد.

مطلوب من خطاب الأزهر أن يكون بعيدا عن التعميم كما يفعل بعض من نشتكى منهم فى الغرب، وأن يشتبك مع النقاط المختلفة فى مبادرة الرئيس الفرنسى عن «الانفصالية الإسلامية» حتى لو رفض عنوانها، فمثلا وضع رقابة على التمويل الخارجى للمؤسسات الإسلامية الفرنسية مقبول ولا يمكن النظر إليه على أنه عداء للإسلام، إنما هو تفعيل لقانون يطبق على جميع الأديان، وقضية «التمويل الأجنبى» مثار تحفظ فى بلاد كثيرة بما فيها مصر، والمطلوب إيجاد وسائل تمويل محلى فرنسى لبناء دور العبادة الإسلامية وغيرها من الأنشطة طالما فى إطار الدستور والقانون.

أهمية دور الأزهر تتمثل فى استقلاليته وفى السمعة الطيبة والنزاهة التى يتمتع بها إمامه الأكبر، وهى كلها أمور تجعله مؤهلا أكثر من غيره «للحوار الحضارى» مع فرنسا وأوروبا، بشرط أن يعترف بخصوصية كل نموذج وخبرة حضارية، فكما يدافع عن ضرورة حماية المقدسات الدينية باعتبارها ركنا أساسيا من مكونات الثقافة العربية، فإن عليه أن يحترم أيضا خصوصية النموذج الفرنسى فى تبنى العلمانية وفى الروح النقدية التى يتمتع بها مثقفوه وكتابه وصحفيوه، والتى يمكن أن تنتقد الأديان فى بلادها، ولكن لا يجب أن تهينها لأنها بذلك تهين بشرًا وثقافات ومجتمعات أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاربة الأزهر مقاربة الأزهر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates