هجرة إلى التوحش
آخر تحديث 11:43:03 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 23 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

هجرة إلى التوحش

هجرة إلى التوحش

 صوت الإمارات -

هجرة إلى التوحش

عمار علي حسن
بقلم : عمار علي حسن

لا يتصور كثيرون أن الجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية لا تزال مسكونة بفكرة «الهجرة» متوهمة أن أتباعها في حالة تماثل وتطابق مع صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بقية المجتمع يعيش في جاهلية ككفار قريش، ولذا فإن عليها ترك الناس والذهاب إلى مكان بعيد لإقامة «وطن بديل»، تطبق فيه أفكارها العنيفة، وتنطلق منه لمهاجمة المجتمعات والدول بدعوى أنه هذا هو «الفتح» على غرار ما جرى في صدر الإسلام. 
وأخذت فكرة الهجرة هذه أطواراً متعددة، تتراوح في أسلوبها بين هجرة الجسد، مثلما فعل أتباع تنظيم التكفير والهجرة، أو هجرة المشاعر مثلما يتحقق في إيمان جماعة «الإخوان» بـ«العزلة الشعورية»، وتتراوح في التعبير عنها بين ما تسمى «دولة الفكرة» عند «الإخوان» وإدارة التوحش لدى «داعش». 
منذ البداية آمنت هذه التنظيمات بالهجرة تلك، وإنْ اختلفت في طرق التعبير عنها، وأساليب الوصول إليها، والتدرج الواجب في سبيل بلوغها، وأنتجت على ضفافها العديد من الآراء الغريبة والشاذة، التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وهذه الأفكار والرؤى والإجراءات التي سبقت «إدارة التوحش» كانت على قدر من الخطورة، لأنها تقوم على هدم الدول، وإثارة الفوضى العارمة، ولذا فإن التصدي لها عمل إنساني، وواجب وطني، وفرض ديني.
تعني الهجرة لدى المتطرفين ترك المجتمع وبناء نواة اجتماعية مختلفة، بدعوى أنه «مجتمع جاهلي»، تحكمه سلطة كفرية، تطبق قوانين وضعية، ولذا لا يجب على أتباع الجماعة، الذين يتوهمون أنهم المؤمنون، أن يمكثوا فيه، ويعايشوا أهله الذين يرونهم كفاراً، إنما وجب عليهم أن يرحلوا عنه، ليقيموا هم مجتمعهم الخاص الذي يتماشى مع الأفكار التي يعتقدون فيها. والمثل الصارخ على هذا هو ما سمت نفسها «جماعة المسلمين»، وسماها الناس «التكفير والهجرة» والتي طفت على السطح في مصر خلال سبعينيات القرن العشرين، حيث تمكن مؤسسها شكري مصطفى من إقناع أصحابه بالنزوح إلى حي طرفي في القاهرة وهو «عزبة النخل»، الذي كان أيامها بعيداً وجديداً، كي يقيموا دولتهم، وظلوا هناك إلى أن اكتشف أمرهم وقبض عليهم بعد اختطافهم وقتلهم وزير الأوقاف الشيخ الذهبي، فانتهى التنظيم. 
وقد تؤدي الهجرة إلى حدوث «الاقتطاع»، أي نزع جزء من جسد دولة أو من مدينة من المدن، لإقامة «وطن بديل» أو «مجتمع بديل»، يتم فيه تطبيق أفكار الجماعة المتطرفة، بعد أن تمتلك وسائل للسيطرة والتحكم داخل المجتمع، إما بإقناع عدد كبير من سكانه بالفكرة المتشددة، وتوظيفهم في السيطرة على الباقين، أو باستغلال التهميش الاجتماعي وغياب سلطة الدولة على حي أو إقليم وملء هذا الفراغ، والتغلب بالقوة القاهرة على السكان، وإخضاعهم لتصورات الجماعة أو التنظيم. 
وهناك أمثلة كثيرة هنا، منها ما يخص اقتطاع إقليم من الدولة، مثلما جرى في مالي والصومال والعراق، ومنها ما يخص السيطرة على حي من أحياء مدينة كبرى، حسبما جرى في القاهرة في أوائل تسعينيات القرن الماضي حين قامت ما تسمى «الجماعة الإسلامية» بالسيطرة على حي إمبابة، وأعلنت أنه بات «دولة داخل الدولة»، مما دفع السلطة إلى حشد عشرين ألف جندي من قوات الداخلية لإزالة هذه الدولة المزعومة.
وعند «الإخوان» تكون الهجرة أحياناً بالانفصال أو العزلة الشعورية عن سائر المجتمع، أو تكوين ما يسمى «دولة الفكرة»، حسبما ينظر لها العضو في جماعة «الإخوان» محمد فتحي عثمان، الذي يرى أن هذه الدولة هي حلم البشرية، وهي دولة لا تقوم على حتمية ظروف الأرض أو الدم، ولكنها تقوم في نظره على الفكرة التي تؤمن بها جماعته.
وقد تؤدي الهجرة والاقتطاع معاً إلى قيام شكل اجتماعي بشع، كما تظهر فيما يسمى «إدارة التوحش» عند «داعش»، التي تعد الطور الأكثر بشاعة في تطور الجماعات التكفيرية على طريق العنف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجرة إلى التوحش هجرة إلى التوحش



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 00:15 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة ليلى علوي تنشر صورها مع يسرا في "مهرجان مراكش"

GMT 20:06 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أمطار متفرقة على محافظة فرسان السعودية

GMT 21:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

يعقوب الحوسني يؤكد جاهزية الجزيرة لديربي الوحدة

GMT 17:40 2015 الثلاثاء ,20 كانون الثاني / يناير

"غالاكسي إس 6" تصميمه يشبه هواتف آيفون 4

GMT 12:54 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إيفانكا ترامب توضّح أنها لن تكون جزءًا من إدارة والدها

GMT 20:46 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لاعب الظفرة عادل هرماش يشيد بمواطنه المغربى مراد باتنا

GMT 20:17 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

محمد صبحي يتبرع بـ300 ألف جنيه لمواجهة كورونا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates