العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

 صوت الإمارات -

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

مع صدور عدد اليوم من «الشرق الأوسط» يكون اتضح من الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركية. هل هذا يعني أن الفرز النهائي قد تمّ، ومِن ثم أمكن حسم النتيجة نهائياً؟ ممكن؛ إنما مع عدم استبعاد احتمال الخلاف حولها، ومن ثم التقاضي أمام المحكمة العليا. أما الأمر المرجّح، فهو أن العالم سوف يتعامل مع أميركا مختلفة سواء بقي دونالد ترمب سيداً للبيت الأبيض لولاية ثانية تمتد أربع سنوات حتى عام 2024، أم إن جو بايدن انتزع الفوز للحزب الديمقراطي، فعاد إلى مقر الحكم في واشنطن رئيساً، بعدما عمل فيه نائباً للرئيس باراك أوباما. حقاً، واضح لمعظم المراقبين كم سوف تكون أميركا مختلفة، بغض النظر عمّن هو الفائز النهائي في سباق واحدة من أكثر المعارك الانتخابية اختلافاً عمّا سبق من انتخابات رئاسية، طوال عقود كثيرة مضت، فضلاً عن أنها الأكثر تكلفة؛ إذ قُدرت تكاليفها بما قد يتجاوز أربعة عشر مليار دولار.

تتعدد أوجه أميركا المختلفة، في ضوء نتائج انتخابات أمس؛ سواء على صعيد داخلي، وفيما يتعلق بالعالم ككل، والعرب جزء أساس منه. داخلياً؛ بوسع كل متابع إدراك كم أن المجتمع الأميركي منقسم على ذاته إزاء جوانب عدة. صحيح أن الانقسام بشأن عدد من القضايا ليس جديداً على الأميركيين، كما هو الأمر فيما يخص الموقف من تنوّع الأعراق التي تتشكل منها الولايات المتحدة؛ إذ إن النص الدستوري المُثبِّت لمبدأ المساواة، بعد سنوات طويلة من المعاناة بفعل ممارسات التمييز العنصري، فشل، حتى الآن، في تحقيق سلام مجتمعي متكامل، ولم تزل نظرة قطاع كبير بين شرائح أميركا البيضاء تتعاطى بنوع من الدونية مع ذوي البشرة السوداء، بل ومع العرق غير الأبيض عموماً، ولذا لم يَكُ غريباً أن يفجّر مصرع جورج فلويد (25 - 5 - 2020) كل ذلك الغضب الدفين، لدى سود كثيرين، في مختلف الولايات، خصوصاً أن ديريك تشوفين، المُدان بجريمة القتل، شرطي أبيض... نعم، صحيح تماماً أن ذلك واقع أميركي قائم منذ سنين طويلة، لكن ثمة وجهة نظر محايدة ترى، بدرجة تقترب من إجماع مراقبين كثر، أن السنوات الأربع الماضية شهدت تفاقماً نحو الأسوأ على هذا الصعيد.

كذلك هي الحال مع الانقسام حول قوانين تنظيم بيع السلاح للأميركيين. هو أيضاً ليس جديداً، لكن حدته ازدادت مع ازدياد حالات القتل العشوائي؛ من جهة، ومن جهة أخرى، مع تصاعد مبيعات الأسلحة في ظل المخاوف من وقوع فوضى، إما بسبب حدوث اضطرابات، قد تتطور إلى حرب أهلية، كما يتصور البعض، وذلك احتمال ضئيل جداً، نتيجة رفض نتيجة الانتخابات من قبل البعض، وإما بسبب فرض إجراءات إغلاق اقتصادي أكثر تشدداً، إذا وصل جو بايدن للبيت الأبيض، وتواصل ارتفاع عدد الإصابات بفيروس «كورونا» في مختلف الولايات. تباين المواقف من التعامل مع مرض «كوفيد19»، هو في حد ذاته أحد عوامل انقسام أميركا أيضاً. تراشق الاتهامات في هذا الصدد، بين الرئيس ترمب والمرشح المنافس جو بايدن، كان في أشد درجات الوضوح طوال الحملة الانتخابية، واشتد أكثر خلال الأيام الأخيرة، لذا ليس من المبالغة، على الإطلاق، القول إن دخول فيروس «كورونا» حُمى سباق الانتخابات الرئاسية، كان له ثقل أساس في توجيه أصوات الناخبين.

ماذا عن علاقات العرب، إذن، مع أميركا المختلفة، بدءاً من اليوم، سواء هي تحت إدارة جديدة يرأسها جو بايدن، أم إنها باقية «أميركا العظمى»، كما يحب الرئيس ترمب أن يسميها؟ يمكن القول إن الجواب قابل لأن يُصنّف في خانة «السهل الممتنع». سيقول البعض ما خلاصته أن أميركا هي أميركا، ولأنها دولة مؤسسات، فليس من تغيير، أياً كان الرئيس. ذلك كلام سهل. نعم؛ المؤسسات موجودة، ولها دور أساس، بلا جدال، لكن شخص صاحب القرار الأول في البيت الأبيض، أمر ليس من الحصافة أن يُغفل. نصوص الدساتير، ولوائح عمل المؤسسات في المجتمعات الديمقراطية، ليست دائماً هي الفيصل الحاسم. إذ ذاك؛ ربما الأفضل للمجتمعات العربية عموماً، أن تهيئ أوضاعها لكيفية التعامل مع أميركا تحت إدارة جو بايدن، التي من المُرجّح أن تتسم أجندتها بحزازات معينة، أو مع أميركا دونالد ترمب، التي من الواضح أنها لن تتراجع عمّا بدأت، عربياً، فتمضي بالتعاون مع مَنْ يرضى، ولا تُلقي بالاً لمن يغضب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب العرب بين أميركا بايدن أو ترمب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates