ربيع عربي مزدحم بالغبار

ربيع عربي مزدحم بالغبار

ربيع عربي مزدحم بالغبار

 صوت الإمارات -

ربيع عربي مزدحم بالغبار

بقلم - علي ابو الريش

نتأمل شوارع بعض الدول العربية، فيغشينا غبار المتزاحمين من أجل (الحرية)، فنظن أن ما يحدث هو تزاحم في طابور جمعيات الرغيف الحافي. ننظر إلى الشعارات المرتفعة فوق الرؤوس والأكتاف، فنرى ما يشبه الصور الكرتونية على شاشات التلفاز الأبيض والأسود.
أحزاب وتنظيمات تقود المرحلة بذاكرة الماضي، والماضي ليس إلا أضغاث أحلام لا تسمن ولا تغني من جوع، هي أحلام أولئك الذين تبوؤوا المشهد بآمال تناقض واقع الأمر، فكل هذه الأحزاب يقودها أناس أشبه بالأحافير، والأساطير المقبورة، يكسوها الغبار والسعار، والدوار، وأسرار ما قبل ميلاد الفكر المستنير، فيملؤك الإحباط، وتشعر أن ما يتم من تغيير في النظام السياسي، ليس إلا إعادة تدوير لمادة استهلاكية بائسة، لن يجني هؤلاء المساكين الذين يدورون في الشوارع، غير البؤس والانحطاط، والإحباط والتخبط في دائرة مغلقة بلون الرماد. ذهبت الديكتاتورية وجاءت الفوضى العارمة، ذهب لص وحل مكانه مجموعة لصوص، يرتدون اللباس السحري، بحيث لا ترى أيديهم التي تسرق بالعين المجردة، وبقي الحالمون يقتاتون التبن، ويتنفسون الفراغ المؤدي إلى فراغات مرعبة. في دراسة بحثية أممية، أفصحت عن انتشار حالات السرطان في العراق، وبالأخص في محافظة البصرة، بشكل مخيف، حيث بلغت النسبة اثنين في المائة، وذلك نتيجة لإشعاعات اليورانيوم التي صبت على رؤوس البشر أثناء الحرب الضروس في عام 2003م على العراق. ولو التفتنا إلى سوريا فالحال لا يقل بؤساً، حيث أصبح البلد الذي كان شامياً يتغنى العرب بجمال طبيعته، مكباً للنفايات، وأنقاضاً لا تصلح للعيش الآدمي، أما ليبيا فحدث ولا حرج، أما ديمقراطية اليمن (السعيد) فقد استحالت إلى جسد تنخر عظامه أنياب طغمة شوفينية، باعت الأرض والعرض لغريب لا يضمر للعروبة إلا مشاعر العنصرية، والطائفية البغيضة.
فهذا الوطن العربي الكبير أصبح اليوم ساحة مفتوحة لأطماع قصيري النظر من أبنائه، وكذلك أحقاد أحفاد زرادشت وزيرين تاج، وما تلاهما من مرتدي عمامة الزيف والبهتان والغي والطغيان. هذه هي الحرية التي تداعى لها السذج، ورسم معالمها الانتهازيون، والوصوليون. فعندما يرفع زعيم حزب عربي شعار الحرية لشعبه، وهو قد تشبث بزعامة حزبه منذ أكثر من أربعين عاماً، ونائبه وهي الزوجة المصون، فأي حرية هذه ستنشأ من تحت هذه الأعشاب الشوكية الدهرية؟ إنها حرية البؤساء الذين يحلمون ببيضة الديك، والذين يأملون بنزول المطر، تحت سطوة الصيف القائظ، والله المستعان.

المصدر :

صحيفة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع عربي مزدحم بالغبار ربيع عربي مزدحم بالغبار



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates