بقلم : سميرة الكيلاني
ليلة خميس على جمعة ...يتفق الصغار ويخططوا ويتآمروا تحت طاولة المطبخ انهم سيقضون الليلة عند تيتا ..... طبعا الامهات آخر من يعلم ...هن اتين لزيارة الوالدة زيارة عادية لكن البعض كان لديه مخططات أخرى .... وبعد الحاح ورجاء والكثير من الدموع الكاذبة والوجوه التي تفتعل الحزن والبراءة توافق الامهات ....والتيتا تفرح وترحب بضيوفها الصغار لانه أحلى على قلبها من العسل ..... تودع الامهات الاطفال بعد قائمة بالتحذيرات والممنوعات وما أن يخرجن ويغلقن الباب حتى يبدأ المرح . "يالله يا تيتا ...تعالو غيرو ملابسكم "....طبعا تيتا لديها رف كامل في خزانتها لقطع ثياب تعود لكافة افراد الاسرة ....بكل الالوان والاحجام ....بعضهم ينساها او يتركها او تتسخ ويبدلها باخرى والجدة تقوم بغسل الثياب وطويها باحكام وكانها مكوية وتخبئها فوق هذا الرف المنقذ أوقات الطوارئ . وينتقي الاطفال الثياب ويبدلوا ملابسهم ويخرجوا من غرفة النوم مثل كعك العيد ....ولا بيجامة كاملة او متناسقة الالوان ...احدهم بلوزته طويلة جدا تصل لركبه واخر اكمامه تلفه مرتين ويربط بنطاله بعقدة كبيرة . "يالله مين جوعان بدنا نحضر عشا ....تعالو ساعدوني " ....طبعا الصغار في بيت تيتا يجوعون بطريقة عجيبة ولو كانوا قد أكلوا للتو ....وكل شئ عند تيتا له طعم آخر ...صحن الزيت والزعتر عند تيتا له نكهة سماوية ....اللبنة الطابات ألذ هنا مع أن تيتا ملأت لأمي مرطبان منها واخذناه لبيتنا واكلنا منه ...لكنه عند تيتا ألذ .... رائحة الخبز الذي تحمصه لنا على المدفأة ....كوب الشاي الساخن بالميرامية ....المقدوس الذي تلمع حباته تحت ضوء طاولة المطبخ ....حتى طريقتها في قلي البيض لها نكهة وطعم آخر .... يأكلون ويضحكون طويلا ....وتيتا الحبيبة تقص عليهم بعض الحكايات عن ابائهم وامهاتهم ....وهم يسجلون تفاصيل هذه الجلسة وكل الاخبار التي يسمعونها كي يهددوا بها اهلهم فيما بعد ....والدك كان شقيا كثيرا وهو صغير ...كل عطلة مدرسية كان يزور المستشفى ....وامك كانت ترقص أمام المرآة وألقينا القبض عليها متلبسة أكثر من مرة ....وانت خالتك كانت تلبس احذيتي وتتمشى في المنزل وفي احد المرات وقعت وكسرت سنها .....
وتتوالى القصص وضحكات الصغار تملأ البيت ...واصغرهم وضع يديه على الطاولة وغفا ....والاخر يتململ في مكانه لا يريد أن يقوم لاستعمال الحمام خوفا من أن تفوته قصة مهمة .... تعيد الجدة ترتيب المطبخ وتغسل الاواني وتطلب منهم التوجه جميعا الى غرفة النوم ..."يالله حبايبي غسلوا ايديكم وفرشوا اسنانكم ....اه صحيح ما معكم فرشايات الاسنان ....مش مشكلة اتمضمضوا منيح واستعملو الحمام ...خاصة انت يا ازعر ....ويالله ع التخت " حالة من الصخب تسود والجميع يريد الانتهاء من هذه الاجراءات الروتينية لكي يأخذ أقرب مكان قرب تيتا في السرير ....لكن السرير لا يتسع للكل ..حسنا ...تيتا لديها دائما فرشات وبطانيات تكفي الجميع ..مع أنها تسكن وحدها لكن بيتها مهيأ دائما وكأن كل اولادها وبناتها ما زالوا يعيشون معها ..... اخذ الصغار مواقعهم على السرير والفرشات المحيطة ...تغطوا جيدا ...وتيتا بدأت تصلي صلاة العشاء متأخرة فقد انشغلت بالصغار ....وحين انتهت من صلاتها ولفت وجهها وجدتهم جميعا نيام ...وجوههم كالملائكة وخدودهم محمرّة كالارغفة ...."نوم العوافي يا تيتا ...الله يحميكم ....وفعلا ما أعز من الولد الا ولد الولد "