بقلم: يونس الخراشي
تناقض عجيب يلف الرياضة المغربية. فرغم أنها تدار من قبل "نخبة"، ويؤطرها، في الأغلب، أساتذة مختصون في التربية البدنية، فضلا عن خريجي معاهد الرياضة ومعاهد التدبير الرياضي، إلا أنها لا تنفتح على محيطها الثقافي. تنكفئ على نفسها في قوقعتها. فتتراجع باستمرار.
المفروض في الرياضة، وهي بنت العلم، أن تنفتح على محيطها الثقافي. أن تعقد، كل فترة، ندوة أو لقاء أو ملتقى لمناقشة الجديد في المجال، تحت أعين خبراء يجسون نبضها، ويفحصون جسمها، ويقدمون لها الوصفات الأفضل لكي تتداوى من عللها، وتتطور.
غير أن هذا لا يحدث. فنادرا جدا ما تجد جامعة من الجامعات تعقد يوما دراسيا، أو لقاء علميا، أو تجالس الخبراء في المجال الذي أسندت إليها أمور تدبيرها. وحده السيد الرئيس، المعظم في كرسيه، يفعل كل شيء. فهو "الفهيم العظيم"، الذي لا يشق له غبار، ولا ترد كلمته.
أما عن الوزارة واللجنة الأولمبية فحدث ولا حرج. فهما تغرقان في العمل اليومي. ولا تراهما تفكران في الانفتاح على أهل العلم، عساهما تفتحان أبواب جديدة لتطوير النشاط الرياضي في المغرب. ودعك من السلطات المحلية، فهي تناقش فقط "السيما والكياص"، أما قضية المفاهيم والتنمية البشرية، فمجرد كلام.
كنا طرحنا، قبل سنوات، مقترحا لـ"دخول رياضي" سنوي، على مدار أسبوع من بداية كل موسم رياضي. يكون فرصة للقاء بين الفاعلين في المجال من كل وجهة، عسى أن تتلاقح الأفكار، وتبسط المشاكل، وتقترح الحلول، فتبين آفاق جديدة لرياضتنا.
المصيبة في حقلنا الرياضي، وحقول أخرى أيضا، أنه ما لم تأت الفكرة من الخارج، وتحديدا من "الفرنسيس"، فإنها لا تستحق الاهتمام. وإن حدث واهتم بها أحدهم، فيتعين أن تقدم له بـ"الفرنسيسة". ومع ذلك، تجده يُحَقِّرها من البداية، خوفا من أن يكون صاحبها باحثا عن ثمن لها. وفي الأخير تسقط الفكرة أو يسقط المسؤول، فتنتهي الفكرة ملفا باهتا على رف تتوالى عليه أشعة الشمس كل يوم.
يستحيل أن تشهد الرياضة المغربية نقلة نوعية وهي تعيش في عزلة عن محيطها الثقافي. فهناك، ما شاء الله، دكاترة، وباحثون، وأهل خبرات، وأهل تجارب كبيرة، وأصحاب إنجازات مهمة، يمكنهم أن يقدموا الكثير للرياضة المغربية. ولجمع شتات هؤلاء يحتاج الأمر إلى "موسم سنوي" يلتئمون فيه، ويطرحون فيه قضايا الساعة للنقاش، ويخلصون إلى توصيات آنية ومستقبلية.
في كل الجلسات مع أهل الفكر الرياضي في المغرب، وخبراء الرياضة، ومن يهمهم أمرها، يطرحون أفكارا نيرة للنقاش. غير أن كل تلك الأفكار تبقى في حيزها إلى أن تموت، دون أن تجد من يدسها في التراب. فهل من انفتاح على المحيط يا سادة يا كرام؟
إلى اللقاء.