القاهرة – محمد الدوي
القاهرة – محمد الدوي
تمكّنت طالبة الجامعة الأميركية في القاهرة، فريدة سالم، من تغيير الصورة النمطيّة للفتيات حيث أصبحت لاعبة كرة قدم ماهرة ومدرّبة في آن واحد.
بدأت سالم في اللّعب ضمن فريق نادي الجزيرة للأولاد، ثم انضمّت لمنتخب الناشئين وفرق المنتخب في المدارس ومارست اللعبة كلاعب محترف ضمن فريق وادي دجلة تحت سن 21، ولعبت لوقت قليل ضمن صفوف الفريق الأول.
وتلعب الآن سالم كلاعب شبه محترف ضمن فريق نادي المعادي الرياضي وكذلك ضمن فريق الجامعة.
ونافست على لقب الفريق الفائز لخمسة أعوام متتالية وذلك ضمن الدورات السنوية التي يعقدها نادي الجزيرة الرياضي، وحصلت على جائزة أحسن لاعبة في دورة 2009.
وحصلت أيضاً على جائزة اللاعب الأكثر تميّزاً من المدرسة الثانوية التي كانت تدرس بها وذلك في 2010، كما حصلت على جائزة أحسن لاعب من الجامعة وذلك عن العام الدراسي 2012. وقد فاز فريق كرة القدم في الجامعة للسيدات بالجائزة الأولى في الدورة التي تعقدها الجامعات المصرية، وهي الدورة الأكثر تميزاً في مصر كلها، وذلك في عام 2012.
تقول سالم، "عندما بدأت في ممارسة لعبة كرة القدم في سن الحادية عشر، بدأت اللعب أولاً مع الأولاد لأنه لم يكن هناك الكثير من الفتيات اللاتي يمارسن اللعبة. وكان والداي يمارسان الرياضة بشكل منتظم، لذا فقد عملا على تشجيعي على ممارسة الكثير من الألعاب، إلا أنني اخترت لعبة كرة القدم. فلم يختارها لي أحد. فعندما ألعب الآن مع الفتيات يقول الجميع أني متميزة في الطريقة التي ألعب بها. وقد يكون هذا بسبب أني لعبت مع الأولاد في صغري فالتقطت منهم بعض حرفيات اللعبة، أو بسبب أنها موهبة، ولكن ما أعلمه تماماً أن هذا هو المجال الذي أشعر فيه بالتميّز وهو المجال ذاته الذي يشعرني أني مختلفة."
وتعمل سالم على تدريب فرق الفتيات الصغار وتعمل أيضاً على دعوة وتشجيع لاعبي كرة القدم من السيدات، وذلك بالإضافة إلى ممارستها اللعبة. قالت سالم: "أنا أعمل الآن على تحسين صورة لعبة كرة القدم النسائية في مصر، وأعمل أيضاً على تكريس حياتي كلها للفتيات الأصغر مني ومساعدتهن للحصول على فرص أفضل لم تكن متاحة لي من قبل. وعملت على تشجيع إحدى الفتيات التي أتولى تدريبها على تكوين فريق لكرة القدم في المدرسة التي تذهب إليها، حيث لم يكن هناك فريق خاص بالبنات في المدرسة من قبل. فالتغيير يبدأ بشخص. فأنا فرد واحد، إلا إنني عندما أقوم بتشجيع آخرين على القيام بشيء معين مثل تكوين فريق للعبة مثلاً، فهذا يؤدي حتماً إلى نمو لعبة كرة القدم النسائية في مصر بسرعة أكبر. ونشهد الآن انضمام عدد أكبر من الفتيات لصفوف اللعبة خلافا لما كان عليه الحال من قبل، ولذا أقول إن الموقف في تحسن مستمر."
تتخذ سالم من، ألكس مورجان، وهي لاعبة ضمن صفوف فريق الولايات المتحدة الوطني للسيدات وحاصلة على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأوليمبية نموذجاً تحتذى به في حياتها، وذلك لكونها نجما من نجوم لعبة كرة القدم وساعدت بالتأكيد في تغيير الأنماط المعتادة الخاصة بالمفهوم السائد عن الرياضيات من النساء. وتعمل مورجان أيضاً كعارضة أزياء وككاتبة لها العديد من المؤلفات المنشورة. و تقول سالم، "تغير مفهوم الناس للعبة كرة القدم النسائية بمجرد أن بدأت مورجان في اللعب، وذلك لأنها حقيقةً مختلفة. فهي تتحدى الشكل التقليدي المرسوم للمرأة الرياضية، فالناس يظنون أننا نتسم بالخشونة وأننا بعيدون البعد كله عن الأنوثة. فمورجان واحدة من أجمل النساء في مجال اللعبة، وكل الفتيات يتطلّعن إليها. وأنا معجبة أن هناك جانب آخر في حياتها مختلف تمام الاختلاف عن جانب ممارسة اللعبة."
لسالم أيضاً، مثل مورجان، عدد من الاهتمامات الأخرى، فهي تدرس اتصالات التسويق المتكامل كتخصص رئيسي، وتدرس أيضاً البلاغة وعلم النفس كتخصص ثان. تقول سالم، "أنا أيضاً أعمل ككاتبة، فأنا أحب أن أنفس عن الطاقات السلبية عن طريق القيام بشيء مفيد لذا أقوم بممارسة هواية الكتابة من حين لآخر عند انشغالي بالتدريبات والمباريات، ولكني عند انتهائي من المباريات والتدريبات أتفرغ لممارسة هوايتي في الكتابة."
تعمل سالم على محاربة المفهوم الذي يصوّرها بأنها غير جادّة بالدّرجة الكافية فيما يتعلق بممارسة كرة القدم كلاعبة محترفة كهؤلاء الذين يدرسون في الجامعات المصرية أو هؤلاء الذين هجروا التعليم الجامعي في الكلية، وقد يكون ذلك المفهوم لكونها طالبة في الجامعة الأميركيّة في القاهرة.
وقالت سالم "أنا ألعب الآن لصالح فريق شبه محترف، فأنا لا ألعب لصالح أحد فرق المحترفين، ولا أتقاضى أجراً عن ذلك. فمن الصعب الانضمام لناد بعينه وذلك لوجود نوع من التحيّز ضد اللاعبين الذين لا يقومون بممارسة اللعبة بهدف الحصول على المال. فدائماً ما يذكر لي المدربون أنهم يظنون أني أقوم بممارسة اللعبة كنوع من التسلية والترفيه وأنني لن أقوم أبداً بممارسة كرة القدم كلاعبة محترفة. وأنا أحب أن تكون لديّ الحرّية الكافية لممارسة اللعبة التي أحبها وأن ألقى في ذات الوقت معاملة عادلة."
وتعمل سالم حالياً مع رئيس قطاع كرة القدم النسائية في مصر التابع للفيفا سحر الهواري، ويعملان معاً على جذب المزيد من النساء من مختلف الثقافات وتشجيعهم على الانضمام للفريق الوطني لكرة القدم النسائية.
وتقول سالم، "أريد أن أظل على صلة دائمة باللعبة بأي شكل ممكن، ونحن نتعرض في هذا المجال للكثير من الإصابات والعقبات مثل اختلاف نوعية التعليم والخلفية الثقافية. وبعض الناس يظنون أني لا أستطيع ممارسة اللعبة كأحد المحترفات، إلا أنني بالفعل أقوم بهذا العمل بالإضافة إلى متابعة دراستي لأنني ببساطة لا أريد ترك هذا المجال. وأنا أتفهم أنه قد يكون من الصعب الاستمرار في ذلك، إلا أنني مع ذلك أطمح بشدة إلى ممارسة لعبة كرة القدم كلاعبة محترفة بالخارج. وسأظل أعمل على تحقيق هذا الهدف."
وتعمل سالم حالياً بالتعاون مع فريق كرة القدم النسائية في الجامعة على محاربة القوالب المعدة مسبقاً لما ينبغي أن تكون عليه الرياضة النسائية في مصر، وذلك بالإضافة إلى ممارستها اللعبة كلاعبة شبه محترفة. تقول سالم، "إننا عندما فزنا بدورة الجامعات المصرية في 2012 كانت مفاجأة للجميع، ففرق الجامعات الأخرى لم تتوقع ذلك بالمرة وذلك بسبب الصورة النمطية التي تكوّنت في أذهانهم بخصوص فتيات الجامعة الأميركية في القاهرة. فقد كانوا يسخرون منا، لكننا في النهاية فزنا بالدورة وهو الأمر الذي أحدث صدى كبيراً في الجامعة، وقام التلفزيون باستضافتنا. وأنا أعتقد أننا نقوم بثورة في مجال اللعبة؛ فالآخرين يظنون أنه طالما كانت لدينا اهتمامات أخرى ومشغولون بالدراسة، لا يمكننا التنافس بحق في مجال اللعبة. ولكننا أثبتنا خطأهم بالتجربة."
أرسل تعليقك