غرينلاند في منظور الأمن الأميركي
آخر تحديث 20:09:40 بتوقيت أبوظبي
الأربعاء 9 نيسان / أبريل 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

غرينلاند في منظور الأمن الأميركي

غرينلاند في منظور الأمن الأميركي

 صوت الإمارات -

غرينلاند في منظور الأمن الأميركي

آمال مدللي

 

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يكرر ويرفع من لهجته في الإصرار على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى شراء غرينلاند لأسباب أمنية واستراتيجية ليست لأميركا فقط وإنما للعالم. يقول نحتاج إليها للسلامة الدولية والأمن، «يجب أن نحصل عليها، وسوف نضطر لاستحواذها». لهجة الرئيس الأميركي وارتفاع حدة المطالبة بشراء غرينلاند المصحوبة بهجمة دبلوماسية، كانت عبارة عن زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس وزوجته، ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، ووزير الطاقة الأميركي، إلى الجزيرة أغضبت حكومة غرينلاند التي كانت في وسط تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، كما أغضبت الدنمارك التي تتبع غرينلاند لها.

الدنمارك وغرينلاند رأتا في التصريحات تصعيداً «لا يليق بالرئيس الأميركي» وعدم احترام لغرينلاند، مُصرَّتين على أن غرينلاند ليست للبيع.

لكن غرينلاند مهمة جداً لأميركا استراتيجياً لأسباب عدة، وازدادت هذه الأهمية مؤخراً بسبب بروز القطب الشمالي بوصفه ساحة تنافس على المنطقة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا؛ بسبب ذوبان الجليد القطبي الذي يجعل من الوصول إلى موارد الجزيرة أسهل، كما يؤدي إلى طرق بحرية جديدة للملاحة والتجارة الدوليَّتين تفوق قناتَي السويس وبنما سرعةً، وتخفِّض التكلفة.

ولكن اهتمام أميركا بشراء غرينلاند ليس جديداً ولم يبدأ باهتمام الرئيس ترمب باستحواذها خلال ولايته الأولى فقط. فتاريخ محاولات شراء الجزيرة، التي تعدّ أكبر جزر العالم مع شاطئ بحري بطول 44 ألف كيلومتر، وهي أكبر من الدنمارك نفسها بعشرين مرة، تعود إلى القرن التاسع عشر. فالنقاش داخل الحكومة الأميركية لاستحواذ غرينلاند يعود إلى أعوام 1867، و1910، و1955، و1946، و2019، وخلال الحملة الانتخابية عام 2024، واليوم.

كثير من وزراء الخارجية الأميركيين حاولوا شراءها كما حاول نائب الرئيس، نيلسون روكفللر في السبعينات، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.

واستطاعت أميركا أن تضع وطأة قدمها العسكرية في الجزيرة خلال الحرب العالمية الثانية، مستخدمةً «مبدأ مونرو»، الذي يعطي الولايات المتحدة الحق في الدفاع عن دائرة نفوذها بالقوة، إذا ما جرى تهديد لهذا النفوذ والمصالح. فبعد احتلال ألمانيا النازية للدنمارك خافت الولايات المتحدة من أن تحاول ألمانيا احتلال غرينلاند فتهددها، إذ إن غرينلاند أقرب إلى نيويورك منها إلى كوبنهاغن. وقّعت واشنطن اتفاقاً مع سفير الدنمارك في واشنطن، من دون أن يطلع السفير عليه، من أجل الدفاع عن غرينلاند، وجرى إنزال القوات الأميركية في غرينلاند، واحتلت الجزيرة. الدنمارك عدّت الاتفاق لاغياً، واستدعت سفيرها الذي ارتأى البقاء في أميركا بعدما جرى اتهامه بالخيانة العظمى، ولكن دولته سامحته بعد الحرب. وفي عام 1951 وقَّعت الدنمارك اتفاقاً مع أميركا سمحت لها بموجبه، مضطرة؛ بسبب رفض أميركا المغادرة، بحق البقاء وإقامة قواعد عسكرية أكبرها قاعدة «بيتوفيك» الفضائية التي زارها نائب الرئيس الأسبوع الماضي. وكان الوجود العسكري الأميركي في غرينلاند قد تقلص بعد انتهاء الحرب الباردة من نحو 10 آلاف جندي إلى نحو 200 اليوم. فعندما يتهم نائب الرئيس الأميركي الدنمارك بإهمال أمن غرينلاند، يرى البعض أن أميركا أيضاً أهملت الأمن فيها وأن الاهتمام الآن لأسباب أخرى، إلى جانب الأسباب الأمنية، يثير اهتمام الرئيس الأميركي.

فما هذه الأسباب؟

غرينلاند مهمة بوصفها موقعاً استراتيجياً للدفاع عن الولايات المتحدة من الهجمات الصاروخية، لأن قاعدتها الفضائية هناك هي للإنذار المبكر، والأميركيون يعدون أن لديهم مخاوف أمنية مشروعة تدفعهم للرغبة في الحصول على الجزيرة المهمة أيضاً للعمليات الفضائية الأميركية التي تعتمد على الأقمار الاصطناعية في القطب الشمالي للاتصالات والمراقبة.

غرينلاند غنية بموارد الأرض النادرة، التي تُستخدَم في تقنية السيارات الكهربائية، كما أنهم يتحدَّثون اليوم عن أهميتها لبناء منشآت للذكاء الاصطناعي وبناء مراكز المعلومات التي تحتاج إلى جو بارد، لأنها تستخدم كثيراً من الطاقة. والجزيرة غنية بالنفط والغاز، ومن هنا كان وزير الطاقة الأميركي من ضمن الوفد الأميركي الرفيع الذي زار الجزيرة. إذ تُقدِّر دراسة المسح الجيولوجي الأميركي أن غرينلاند فيها 17.5 بليون برميل من النفط الخام قبالة الساحل و4.19 تريليون متر من الغاز الطبيعي. وفيها أيضاً ثلثا مياه الكرة الأرضية العذبة مجمدة، وأكبر كمية من مخزونات العناصر الأرضية النادرة خارج الصين. إذا أصبحت غرينلاند جزءاً من أميركا فتصبح الولايات المتحدة ثاني أكبر بلد في العالم بعد روسيا، ومن هنا تمسّك الرئيس ترمب بضرورة عقد صفقة الشراء هذه التي عجز عنها غيره ممن سبقه من الأميركيين، فهو يزيد من مساحة أميركا ويوسِّعها. وكان وزير الخارجية وليم سيوارد في القرن التاسع عشر في عهد أبراهام لينكون أراد شراء غرينلاند لكي يشجع أيضاً الكنديين على الانضمام إلى الولايات المتحدة، وهو ما يريده ترمب أيضاً.

الفرق بين المحاولات الأميركية على مدى قرن ونصف القرن لشراء غرينلاند واليوم، هو أن غالبية المحاولات السابقة كانت تجري في الكواليس الدبلوماسية. أما اليوم فالرئيس الأميركي يعلنها على الملأ مما أثار غضب حليف هو الدنمارك الذي تجلس معه واشنطن في حلف «الناتو» كما تجلس معه في مجلس الأمن الدولي اليوم، حيث الدنمارك عضو غير دائم.

وأدّى أسلوب الإدارة الأميركية إلى خلق موقف متشدد من اللهجة الأميركية والعرض الأميركي، بل أعطى نتائج معاكسة. وظهرت نتيجة ذلك في الانتخابات التي جرت في منتصف مارس (آذار) وربح فيها الحزب الديمقراطي المعارض للبيع، والمعارض للإسراع في الانفصال عن الدنمارك، مع أنه يؤيد الاستقلال وإن بتروٍ. واستُبعد عن الائتلاف الذي شكَّل الحكومةَ الحزبُ المؤيدُ لواشنطن، ورفض المسؤولون استقبال الوفد الأميركي الذي اضطر أعضاؤه إلى الاكتفاء بزيارة القاعدة الفضائية الأميركية دون الاختلاط بالمواطنين الذين هدَّدوا بالتظاهر ضد الزيارة. أهالي غرينلاند يقولون إنهم يرحِّبون بعلاقة مع أميركا وباستثمارات أميركية وقواعد عسكرية، ولكن كحلفاء... ويرغبون في الاستقلال عن الدنمارك، ولكن أيضاً بعدم الانضمام إلى أميركا. الدنمارك تبدي تفهماً لمصالح أميركا الأمنية، وتقول إنها مستعدة للتعاون مع واشنطن، لكنها مصدومة من اللهجة كما يقول وزير خارجيتها، لأن الحلفاء لا يتكلمون هكذا مع حلفائهم.

نائب الرئيس فانس، قال خلال زيارته للجزيرة إن هناك «دليلاً قوياً» على أن روسيا والصين تريدان الجزيرة والوصول إلى مواردها. فهل تستخدم واشنطن «مبدأ مونرو» من جديد لاستحواذ غرينلاند إذا فشلت في شرائها؟ الرئيس ترمب لم يستبعد خيار اللجوء إلى استخدام القوة للحصول عليها، مما يعني، إذا حصل، أننا أمام شرخ داخل «الناتو»... فهل تخاطر واشنطن بذلك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرينلاند في منظور الأمن الأميركي غرينلاند في منظور الأمن الأميركي



GMT 01:09 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

قلوب الكتّاب

GMT 01:08 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تأبين العولمة وتوديع العالم القديم

GMT 01:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

سوريا... اتجاه البوصلة

GMT 01:06 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

المشاهد العربي وسقف الجودة

GMT 01:06 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

العلمانية الفرنسية التي تتعب الجميع

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

أسئلة الفوضى ومنطق الدولة!

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

GMT 01:03 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

النقاش مفتوح

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 04:30 2025 الثلاثاء ,08 إبريل / نيسان

أسرار شهرة الساعات السويسرية وتاريخها العريق
 صوت الإمارات - أسرار شهرة الساعات السويسرية وتاريخها العريق

GMT 04:41 2025 الثلاثاء ,08 إبريل / نيسان

أبرز استخدامات الملح في الأعمال المنزلية
 صوت الإمارات - أبرز استخدامات الملح في الأعمال المنزلية

GMT 04:40 2025 الثلاثاء ,08 إبريل / نيسان

فوائد صحية مذهلة لتناول 3 تمرات و5 حبات لوز كل صباح
 صوت الإمارات - فوائد صحية مذهلة لتناول 3 تمرات و5 حبات لوز كل صباح

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:34 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

عطر سان لوران الجديد هوائي وخفيف

GMT 02:26 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حقائب مميزة بالشراشيب لأناقتك في 2016

GMT 06:46 2015 الأربعاء ,07 كانون الثاني / يناير

وصول عدد متابعي إليسا عبر "فيسبوك" إلى 15 مليون شخص

GMT 19:22 2013 الإثنين ,29 تموز / يوليو

مجموعة النيل تُصدر كتاب "الرجيم المناخي"

GMT 02:59 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

الأحوال الجوية تعطل الصيد والسياحة في الكاميرون

GMT 20:22 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"الشمس" من أقدم المنتجعات في منطقة اثنين أوريكا في مراكش

GMT 01:49 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

آبل تستعد لإطلاق هاتف يدعم شبكات "5 جي"

GMT 15:02 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

3 أمور قد تغيّر رأيك في الرّجل

GMT 16:33 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تقرير يبرز أن الشورت الرياضى موضة ربيع وصيف 2020

GMT 04:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

موديلات دبل خطوبة كبيرة وفخمة

GMT 12:46 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إليك أبرز ديكورات مدافئ فخمة مع الإكسسوارات الأنيقة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates