دول الخليج والقضية الفلسطينية

دول الخليج والقضية الفلسطينية

دول الخليج والقضية الفلسطينية

 صوت الإمارات -

دول الخليج والقضية الفلسطينية

مصطفى الفقي
بقلم - مصطفى الفقي

كانت دول الخليج ولاتزال فى معظمها داعمة بصدق للحق الفلسطينى، ولكن سيطرة السياسة الإيرانية فى العقود الأخيرة وأطماعها فى منطقة الخليج شتتت على نحو ما درجة التركيز الخليجية على القضية الفلسطينية، كما أن دعم القيادة الفلسطينية للغزو العراقى للكويت قد أضاف عاملًا ثانويًا فى درجة الدعم الخليجى المطلق للشعب الفلسطينى، ولابد أن أعترف هنا بأن موقف دولة قطر القريب من السياسة الإسرائيلية والذى يغرد خارج السرب لأسباب معلومة قد مارس هو الآخر دورًا سلبيًا فى جوهر الدعم الخليجى للقضية الفلسطينية رغم مواقف قطر الظاهرية فى تأييد حركة حماس ودعم النضال الفلسطينى، فالكل يدرك أن السياسة القطرية تلعب دور (مخلب القط) للأطماع الإسرائيلية والضغوط الأجنبية، ولابد أن أعترف هنا أيضًا بأن المملكة العربية السعودية ودولاً خليجية أخرى قد دعمت القضية الفلسطينية بأرقام هائلة ماديًا وجهود ضخمة دبلوماسيًا، فالذين يقرأون محضر مباحثات الملك عبدالعزيز مع الرئيس روزفلت فى مؤتمر البحيرات المرة، منتصف أربعينيات القرن الماضى، يدركون أن القضية الفلسطينية قضية جوهرية فى الضمير الخليجى عمومًا والسعودى خصوصًا، ولقد كان حكيم العرب الشيخ زايد آل نهيان مدركًا هذه الحقائق،

وبعد رحيله تغيرت أوضاع كثيرة فى المنطقة وتبدلت أحوال لأن مياهًا قد تدفقت وجسورًا قد تهدمت، وجاء الربيع العربى فتحولت به أوضاع دول كثيرة فى المنطقة جرى غزوها بأفكار من الخارج ولكن ظلت بعض الدول عصية على السقوط، فى مقدمتها مصر، كما أن بعض الدول الخليجية قد تحسبت للأمر وجعلت بينها وبين أفكار الربيع العربى مسافة كبيرة تحميها قيود التأشيرات وشروط الدخول إلى تلك الدول الخليجية حماية لأمنها وخشية الغزو الوارد إليها، خصوصًا من جماعة الإخوان المسلمين، التى تمركزت تاريخيًا فى بعض الدول الخليجية عندما طاردها عبدالناصر فى مصر ووجد أعضاؤها فى تلك الدول الملاذ والمأوى ولكنهم غدروا بها وعملوا ضدها، وعندما اكتشفت تلك الدول، وفى مقدمتها دولة الإمارات العربية، حقيقة أمرهم ونشاطهم المريب وأفكارهم التى لا تعبر عن صحيح الإسلام بدأت الأمور تتغير والأحوال تتقلب، وظل العهد بالدول الخليجية عمومًا، متمثلًا فى قرارات مجلس التعاون الخليجى، شديد الدعم للقضية الفلسطينية وحقوق ذلك الشعب الذى دفع واحدة من أغلى فواتير النضال فى العقود الأخيرة، ولكن جرت أيضًا اختراقات لجسد المقاومة الفلسطينية فضربت وحدة الشعب الفلسطينى بين حماس وفتح وسمحت بتسلل دول فى مقدمتها إيران للعبث بالقضية واستخدامها لصالحها تحت مظلة الإسلام ودعاوى التضامن من أجل فلسطين، واستخدمت إيران فى ذلك حزب الله فى لبنان الذى يعبر عن سياستها ويجسد أطماعها فى المنطقة، ويبقى السؤال الحائر: أين نضع الاتفاق الأخير بين دولة الإمارات العربية وإسرائيل برعاية أمريكية؟ وهنا أبادر قائلًا: إننى لست من الدراويش الذين يتوهمون الأمور ويتصورون أن الحديث مع الخصم الإسرائيلى هو جريمة أو أن التفاوض معهم خطيئة، ولكن المطلوب هو مضمون ذلك الحديث وجوهر ذلك التفاوض، فالذى يتفق مع إسرائيل ضمانًا لحق فلسطينى أو ضمانًا لأرضه التى تجرى محاولات لضمها هى أمور مشروعة، ويجب أن تتغير قناعاتنا،

فالحوار مع الخصم ومهاجمته بلغة السلام والتعامل الطبيعى قد تكون أجدى وأنفع، فقد جربنا لغة الحصار والمقاطعة لسنوات طويلة وكانت النتيجة كما نرى الآن، فقد تحولت القضية الفلسطينية دوليًا من مرحلة التأييد السياسى إلى مرحلة التعاطف الإنسانى أو كما يعبر عنها بعض العرب من قضية الوجود إلى مسألة الحدود، وأنا أرى الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى الأخير من هذا المنظور شريطة اليقظة الكاملة والوعى الذى لا ينقص أشقاءنا فى ذلك البلد العربى العزيز، مدركين أنه بداية سوف تتبعها فى الغالب دول خليجية أخرى، ولا بأس فقد زار نتنياهو مسقط والتقى بالحكام الجدد للسودان، فلقد سقطت ورقة التوت وأصبحت المواقف علنية، وأنا أفضل الاتصالات الواضحة عن التصرفات السرية، وسوف يذكر التاريخ أن أنور السادات نزل فى مطار اللد بإسرائيل أمام كاميرات العالم كله بوضوح وشفافية، وسواء اتفقنا معه أو اختلفنا إلا أن العمل الواضح والمعلن هو الشريف الذى لا يخفى اتصالات سرية أو مساومات جانبية، والكل يعرف من يفعل ذلك مع إسرائيل من خلال اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة الأمريكية، إننى أنظر إلى ما جرى بين الإمارات وإسرائيل على أنه خطوة ضخمة وتحول كبير فى تاريخ القضية الفلسطينية والدعم العربى لها وأراه بداية استراتيجية جديدة قد تكون أنفع وأفضل من سابقاتها، وأنا على يقين من أن شعوب الخليج قابضة على دعمها للشعب الفلسطينى، متمسكة بحقوقه الثابتة رافعة قرارات الشرعية ذات الصلة فى وجه كل من يزايد عليها أو يحاول تشويه صورتها، فالعروبة كل لا يتجزأ، والعمل فى وضح النهار أشرف عشرات المرات من طنين الذباب الشارد وشطحات خفافيش الظلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دول الخليج والقضية الفلسطينية دول الخليج والقضية الفلسطينية



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates