فى صالون السعدنى 4 4

فى صالون السعدنى (4- 4)

فى صالون السعدنى (4- 4)

 صوت الإمارات -

فى صالون السعدنى 4 4

بقلم - مصطفي الفقي

سوف تظل العلاقة بين محمود السعدنى والرئيس الراحل حسنى مبارك ملتبسة غير مفهومة، فقد استبشر السعدنى ورفاقه بقرار الإفراج عنهم بعد أيام قليلة من اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وضبابية التحقيق على نحو يعكس شعورًا دفينًا بالظلم الذي تعرضوا له، ومازلت أتذكر الحوار الذي دار بين مبارك والسعدنى في ذلك اليوم كما رواه صاحبه، فقد بادر السعدنى مبارك قائلًا له: إنك أول رئيس لمصر تكون أصغر منى في العمر، فلقد كان عبدالناصر والسادات من مواليد 1918، بينما أنا من مواليد 1927، وأنت من مواليد 1928، أي أنك تصغرنى بعامٍ كامل، فداعبه مبارك قائلًا: إن هذا سبب وجيه لكى أتحدث بكل الاحترام لك وأجد مبررًا لذلك من فارق السن بيننا، وضحك بعد هذه الملاحظة، وفى لقاء آخر قال السعدنى لمبارك: ما أخبار الحزب السرى المسمى الحزب الوطنى، الذي لا وجود له، حتى إننى ظننت أن ذلك أمر متعمد بحيث لا يصبح الحزب معروفًا ويبقى سريًّا، في انتقاد لاذع من السعدنى لضعف الحزب الوطنى في ذلك الوقت، وقد فاجأ السعدنى الجميع بأن طلب من الرئيس إيقاف الحوار، والأمر بمشروبات، يتقدمها الشاى والقهوة، وكانت تلك براعة شديدة من السعدنى ليغير من مسار الحديث وينتقل إلى موضوع آخر، وفى لقاء ثنائى بينهما وقف السعدنى ليقوم بالتنظير أمام الرئيس مبارك، الذي لا يحب بطبيعته الخوض في القضايا النظرية أو التشبيهات الفلسفية، فقال السعدنى لمبارك: إنك تجلس على المقعد العظيم الذي جلس عليه قطز وصلاح الدين الأيوبى ومحمد على وجمال عبدالناصر، وكان يقصد بذلك تعظيم قيمة حاكم مصر في كل العصور، بينما استقبل مبارك الأمر من منظور آخر كما لو كان السعدنى يشيد بالمقعد والخامات المصنوعة منه وروعته وجماله، فقال له مبارك: إذا كنتَ معجبًا به إلى هذا الحد فتستطيع أن تأخذه معك وأنت خارج من هنا!،

وما أكثر النوادر التي جعلت السعدنى يسخر من كل ما حوله نتيجة إحساسه العميق بأن مكانته وتقدمه في العمر لن يعيداه إلى سنوات السجن مرة أخرى. إن محمود السعدنى أيقونة فريدة في حياتنا الأدبية والفكرية ونموذج خاص في مسيرتنا الثقافية والوطنية، فهو الكاتب الساخر متوهج الفكر المشتعل بالذكاء، وما أكثر ما قابلته في شوارع لندن هو والحاج إبراهيم نافع يجوبان منطقة الباركلين بملابس الفلاحين المصرية وغطاء الرأس الخاص بالقرية والعصا التي يتميز بها أولاد البلد، وأيقنت دائمًا أن الرحلة لم تكن سهلة وأن الطريق لم يكن قصيرًا، فلقد دفع السعدنى ضريبة الوطنية وضريبة الحرية وفوق هذا وذاك فإن السعدنى قد دفع ضريبة أخرى وهى ضريبة التشتت الأسرى من مصر إلى العراق ومن العراق إلى دولة الإمارات، ثم من الأخيرة إلى لندن وهو يحمل أعباء عائلية ثقيلة.. إنه محمود السعدنى الذي أسعد أمة ودفع شعبًا إلى الأمام وظل حارسًا للقيم، مدافعًا عن الحقوق، ابنًا بارًّا لمصر، يهوى كرة القدم، ويتابع أصوات القارئين العظام الذين نبغوا في تلاوة الذكر الحكيم وأصبحوا سلعة نادرة تتخاطفها قلوب المسلمين في كل مكان، فمازلت أتذكر يوم افتتاح النادى النهرى للصحفيين، بحضور رئيس الوزراء، عاطف صدقى، حيث رأيت الشيخ الطبلاوى يتلو القرآن في افتتاح الحفل، وسألت الحاج إبراهيم نافع، الذي كان يجلس بجوارى، كم دفع السعدنى للطبلاوى كى يحضر هذا الحفل؟، فقال لى: بل العكس صحيح، إن السعدنى لا يدفع لأحد، ولكنه يستقبل فقط التبرعات لهذه القلعة النيلية للصحفيين المصريين على الدوام.. رحم الله السعدنى والزمن الجميل الذي عاش فيه والبشر الطيبين الذين كانوا معه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى صالون السعدنى 4 4 فى صالون السعدنى 4 4



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates