عماد الدين أديب
لا يمكن لأى عاقل أو مطلع على حقائق الأمور فى مصر أن يتهم شعبها بأنه ليس محباً لآل بيت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.
وهذا الحب التاريخى يشترك فيه المسلم والقبطى، ويشترك فيه المثقف وغير المتعلم، ويشترك فيه الغنى والفقير. إنه شعور فطرى تراكمى له علاقة عاطفية بآل البيت قبل وأثناء وبعد حكم الفاطميين لمصر، حيث عاشت البلاد تحت حكم فقه المذهب الشيعى وانتهى العمل به حينما أمر السلطان صلاح الدين الأيوبى خطباء المساجد يوم الجمعة بإعلان نهاية العمل به. من هنا علينا أن نفرق تفرقة تامة بين تشيع الناس قلبياً وعاطفياً لآل البيت وارتباطهم بمزاراتهم فى السيدة زينب وسيدنا الحسين والسيدة نفيسة والسيدة سكينة رضى الله عنهم وأرضاهم، وبين ما يُعرف بمفهوم التشيع السياسى.
لذلك كله يجب أن يكون واضحاً أن عشق وإكبار وإجلال آل البيت شىء، والدخول فى التزام فقهى وفكرى وسياسى بالمذهب الشيعى الذى تعتبر إيران نفسها مرجعه الفقهى والسياسى هو أمر آخر.
وتُعتبر مصر وشعبها مسألة ذات أهمية استثنائية فى فكر أئمة الفكر الشيعى، حيث إن بعضهم يعتقد أن شعب مصر وجنودها سوف يلعبون دوراً أساسياً فى عودة ظهور الإمام الغائب منذ قرون!
وسوف تظل المجموعة القريبة من المرشد الأعلى الإيرانى تؤمن بأن إمكانية اختراق مراكز التأثير على الشارع المصرى هى مسألة جوهرية والتوصل إليها يُعتبر نصراً عظيماً لحلم انتشار مشروع ولاية الفقيه. يحلمون فى إيران بحكم يصبح فيه الإمام الولى الفقيه هو القائد الأعلى لمشروع الدولة الإسلامية الإيرانية فى العالم.
ويعتبر هؤلاء أن مصر هى قلعة حصينة من حصون الفكر السنى القائم فكرياً على المذهب الحنفى الذى لا مكان فيه لمشروع الإمام الولى الفقيه.
وتعتبر طهران أن دور الأزهر الشريف الداعم للفكر الإسلامى الوسطى هو مصدر خطر وتعطيل لمشروع اختراق مصر.
فى مصر نضع آل البيت فى قلوبنا، ونرفض من يسىء لبعضهم، لكننا لا يمكن لنا أن ندخل فى متاهة الفتنة الكبرى التى قسمت الأمة الإسلامية ويتم استغلالها الآن بمشروع سياسى فارسى توسعى.
باختصار، مصر لن تدخل -بإذن الله- فى أتون معركة الطائفية.