عماد الدين أديب
العالم يحترمنا بشكل غير عادى فى إنجازاتنا الاقتصادية ويحتج علينا بشكل غير عادى فى قراراتنا السياسية!
فى 72 ساعة نلاحظ هذه المفارقة المتناقضة، ففى المؤتمر الاقتصادى بالبحر الميت فى الأردن تم استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى بكل احترام وحفاوة وتقدير وتم الاتفاق مع كارل شواب، رئيس منتدى دافوس الاقتصادى بأن يكون المؤتمر المقبل فى مصر خلال شهر مايو المقبل تقديراً لأهمية ومكانة التحول الاقتصادى المصرى.
وفى ذات الوقت كتبت جريدة «النيويورك تايمز» الأمريكية فى افتتاحيتها مقالاً شنت فيه هجوماً حاداً على ما سمته «حالة التقييد على الحريات البائسة فى مصر»، وانتقدت بشدة أحكام الإعدام الصادرة من القضاء المصرى ضد قيادات جماعة الإخوان ووصفتها بأنها «مسيسة»، و«غير مبررة».
هذه المفارقة لا بد من وضع حل لها بطريقة أو بأخرى، حتى نستطيع أن ندافع عن حقيقة مقاصد ثورة 30 يونيو العظيمة، وأن نبعد عن هذه الثورة فهم الإقصاء والثأر.
لا بد من أن نخرج من إشكالية اتهام النظام السياسى دائماً بتسييس الأحكام.
لا بد من أن ننتهى من مأساة أن تكون أحكام القضاء على حسب طلب الجمهور!
حينما صدرت الأحكام الأولى ضد الرئيس حسنى مبارك، ومن معه فرح الثوار وأشادوا بشجاعة وعظمة القضاء المصرى، واتهم أنصار الرئيس مبارك القضاء بممالأة ثوار 25 يناير.
وعندما صدرت أحكام النقض بتبرئة الرئيس حسنى مبارك، ومن معه بعد عامين فقط من أحكام الدرجة الأولى، اعتبر أنصار الرئيس الأسبق هذه الأحكام انتصاراً حقيقياً للعدالة، بينما اعتبر ثوار يناير هذه الأحكام تراجعاً خطيراً عن مقاصد الثورة!
والآن يحدث ذات الشىء بالضبط فى مسألة الأحكام على الإخوان وجماعتهم.
السؤال الذى أطرحه: هل سنعيش اليوم وغداً وبعد غد وما تبقى لنا من عمر بإذن الله فى حالة تشاحن سياسى وتقاضٍ لا نهائى يجعلنا فى حالة انقسام دائم وثأر وثأر مضاد إلى الأبد؟
متى ينغلق ملف الماضى وننتهى من حالة «الفلاش باك» الأبدى الذى نحياه دون أن نجد حلولاً عملية له، ولا إجابات حاسمة تشفى غليلنا؟
أهلكنا هذا النوع من التفكير واستنزف منا كل طاقة إيجابية، وجعل كل حياتنا فعلاً ماضياً لا يتيح لنا الانتقال خطوة واحدة إلى مستقبل الاستقرار والتصالح ونزع فتيل الجنون!