تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة»

تاريخ العرب: «تاريخ الفرص الضائعة»!

تاريخ العرب: «تاريخ الفرص الضائعة»!

 صوت الإمارات -

تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة»

عماد الدين أديب
بقلم -عماد الدين أديب

 

منطقياً، وعقلياً، وسياسياً، يجب أن تشعر أى قوة فلسطينية بالراحة النفسية والاطمئنان حينما يتم إيقاف أو تجميد أى مشروع استيطانى تقدم عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلى.

وحينما تقوم دولة عربية أو إقليمية أو دولية بالجهد الأساسى لإيقاف هذا الضم الاستيطانى الشرير، يجب أن تكون موضع تقدير، ويكون قرارها موضع ترحيب ودعم.

وحينما تكون لدولة عربية شقيقة «مكانة سياسية» أو «قوة تأثير اقتصادية» أو طبيعة «علاقات شخصية» مع القوى المؤثرة فى مفاوضات السلام مع إسرائيل، ينبغى -منطقياً- أن تسعى أى سلطة سياسية فلسطينية إلى الاستفادة من هذه القوى المؤثرة والبناء السياسى عليها.

دولة الإمارات نجحت بعمل اختراق سياسى مع إسرائيل بضمانة أمريكية، وهو أمر يمكن استثماره والبناء عليه فلسطينياً.

هنا يصبح الرفض الفلسطينى من «حماس» إلى الجهاد الإسلامى، ومن «فتح» إلى السلطة عملاً شديد الضرر، ليس للأطراف الثلاثة (الإمارات، إسرائيل، الولايات المتحدة)، ولكن الضرر سيكون لمصالح الشعب الفلسطينى الصبور الذى ما زال يعانى من قسوة الاحتلال الإسرائيلى لسببين:

الأول: طبيعة المشروع الاستيطانى الإسرائيلى.           

الثانى: الاتفاق السياسى لدى صانع القرار الفلسطينى على تضييع الفرص التاريخية للتفاوض الشجاع والتوصل إلى تسوية.

التسوية بالمفهوم التفاوضى لا تعنى أن يحصل طرف على كل شىء وألا يحصل الطرف الثانى على شىء، لكنها مسألة معقدة تخضع لأمرين:

- حجم القوة والتأثير الداخلى والتحالفات الإقليمية والدولية لكل طرف مما يشكل الثقل النسبى له فى أى ملف تفاوضى.

- مهارة وحرفية الفريق التفاوضى الموكل إليه الملف.

هنا يتوقف ذلك كله ولا يصبح له معنى حينما نرفض قرار التقسيم ونرفض مبادرة روجرز للسلام ونتهم عبدالناصر بالخيانة، وحينما نرفض الحضور فى مؤتمر مينا هاوس، وحينما نرفض الشق الفلسطينى الخاص بالحكم الذاتى فى اتفاقية كامب ديفيد.

والآن يتكرر التاريخ، ونرفض النجاح الإماراتى فى إقناع الإسرائيلى بإيقاف الضم فى الضفة وغور الأردن بضمانة أمريكية.

هنا أسأل سؤالاً افتراضياً، من قبيل الجدل: هل إذا رفضت شيئاً فأنا -منطقياً- أوافق على عكسه؟

بمعنى إذا رفضت قرار إيقاف الضم، فهل أنا بالتالى مع استمرار الضم؟

وهنا نسأل: ماذا إذا استيقظ الشيخ محمد بن زايد صباح غد وأعلن: حيث إن السلطة الفلسطينية وكافة فصائلها ترفض قرار إيقاف الضم، فنحن سوف نوقف هذا الاتفاق التعاقدى، ولإسرائيل الحرية الكاملة فى أن تفعل ما تريد!؟

إننى أقول لمن تبقى من عقلاء صناعة القرار الفلسطينى: إن فلسطين التاريخية التى نعرفها من البحر إلى النهر لا يمكن لها أن تعود كاملة فى ظل وضع فلسطينى ضعيف وهش ومنقسم على ذاته مناطقياً (أهل غزة، وأهل الضفة)، وتاريخياً (أهل الاحتلال، وأهل العائدين)، وسياسياً (فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، حماس، الجهاد الإسلامى، حزب الشعب)، وفكرياً (مشروع مدنى، ومشروع دينى).

كل هذه القوى لن تنفعها أبداً قطر أو إيران أو تركيا، لأنها لم تسعَ يوماً لتوحيدها، ولكن لتعميق انقسامها لأغراض شريرة!

أى اتفاق، أو أى مفاوضات تصبح عديمة المعنى، فاقدة القوة، إذا لم تكن واعية ومتفهمة لطبيعة معادلات القوى الحالية وحقيقة توجهات المستقبل.

عالم 1947 اختلف عن عالم ما بعد يونيو 1967، عن عالم ما بعد 6 أكتوبر 1973، عن عالم خروج المقاومة من بيروت، عن عالم ما بعد اتفاق أوسلو، عن عالم ما بعد اغتيال رابين، عن عالم ما بعد وفاة ياسر عرفات مسموماً، عن عالم ما بعد الربيع العربى، عن عالم ما بعد الاحتلالات الإيرانية والتركية والروسية للمنطقة.

من هنا تصبح قواعد المبادرة العربية للسلام التى مر عليها 6570 يوماً الآن بحاجة إلى قوة دفع جديدة، وعملية اختراق سياسى لتحريكها من الجمود ومنعها من الوفاة الإكلينيكية!

هذا يحدث وهناك تعدد فى الولاءات الإقليمية والدولية ما بين (قطر، السعودية، الإمارات، مصر، الأردن، سوريا، العراق، روسيا).

كل شىء فى فلسطين مقسم ومجزأ إلى قطع متناهية الصغر، الأرض، الامتداد الجغرافى، الاقتصاد، الأحزاب، الأفكار، الولاءات، والتحالفات.

كل تيار منقسم على ذاته، بمعنى أن كل فريق فيه صراع فرقاء تتنازعهم الرغبة اللامحدودة فى الانفراد بالقيادة والسلطة وحسم القرار.

لو كنت من صنّاع القرار الفلسطينى لتوقفت عن الشتائم والسب والقذف والتهديد بالعقاب وسحب السفراء والتشكيك فى النوايا والاتهام بالعمالة! عيب!

لو كنت من صنّاع القرار الفلسطينى لشكّلت وفداً من الفصائل بقيادة الرئيس الفلسطينى وسافرت إلى أبوظبى واجتمعت بالشيخ محمد بن زايد، واستمعت للشيخ عبدالله بن زايد، ولناقشت الدكتور أنور قرقاش تفصيلياً للإجابة عن 3 تساؤلات جوهرية:

1 - ما الذى تم الاتفاق عليه بالضبط؟

2 - ما الضمانات الملزمة للطرف الإسرائيلى بإيقاف الاستيطان؟

3 - كيف يمكن أن يخدم هذا الاتفاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المجمدة؟ وكيف يمكن لدولة الإمارات أن تستثمر هذا الاتفاق لصالح دفع المفاوض الفلسطينى إلى تحقيق منافع ومكاسب تؤدى به إلى مشروع الدولتين لتحقيق دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

العنتريات، والمكاسب الشعبوية الداخلية تدفع ثمنها -فى النهاية- الشعوب من مالها، وأرضها، وسيادتها، ودمائها.

تلك هى المسألة، وتلك هى كارثتنا!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة» تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة»



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates