صوت الضمير ماجدة الرومى

صوت الضمير: ماجدة الرومى

صوت الضمير: ماجدة الرومى

 صوت الإمارات -

صوت الضمير ماجدة الرومى

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

السيدة ماجدة الرومى، هى طاقة إشعاع إيجابية وسط بواعث دخان انفجار مرفأ بيروت، ودموع الأمهات اللاتى فقدن أبناءهن، وعشرات الآلاف الذين فقدوا منازلهم.نزلت ماجدة الرومى إلى وسط بيروت، فى قلب منطقة الدمار، لتتضامن مع الشباب الذى استبدل الكراهية بالحب، والشكوى بالعمل، والكلاشينكوف الحاقد بمكنسة التنظيف!نزلت ماجدة الرومى برفقة شقيقها عوض الرومى، دون بروتوكول، دون ترتيب، دون إعلان مسبق، دون أمن شخصى، إلى الناس، يحميها «الرب»، ويحميها حب الناس.اثنان فقط اللذان تجرآ على النزول إلى أهل بيروت؛ الأول الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون محاطاً بحرسه الشخصى وقوة مميزة من قوات النخبة من الشرطة والجيش اللبنانى.والثانى كان ماجدة الرومى التى هزتها رؤية شباب وشابات بيروت يرفضون الاستسلام لليأس والحزن والجروح، ونزلوا ينظفون شظايا الانفجارات، ويلملمون قطع الزجاج المتطاير، ويمسحون آثار الدماء النازفة من على جدران «مارمخايل» و«الجميزة» وباقى أحياء منطقة «الأشرفية».قالت ماجدة الرومى للشباب والشابات: «أعتذر لكم أن جيلنا لم يسلمكم اليوم بلداً أفضل»، وعادت وقالت: «اسمحوا لى أن أنحنى أمام طاقتكم الإيجابية أو المكانس التى تحملونها فى أيديكم».من يعرف ماجدة الرومى عن قرب يعرف جيداً هذا «الكنز الإنسانى النادر» فى ظل زمن مضاد للإنسانية تسيطر عليه المادية والعصبية العرقية والطائفية والمذهبية.ماجدة الرومى إنسانة نقية متطهرة، بريئة، تعيش فى داخل «شرنقة» من الرومانسية وتتنفس داخل «حضانة هواء» نقى لا يعرف تلوث البشر ولا فساد البيئة المحيطة.تلك السيدة التى تربت فى بيت الموسيقار المبدع «حليم الرومى»، صاحب أعظم الألحان الخالدة فى المكتبة الموسيقية اللبنانية، هى «ابنة مسيحية صالحة»، تعلمت الإنشاد الكنسى، الذى ما زالت تمارسه حتى الآن فى كل الأعياد والمناسبات الدينية، تقوم فيه بتمجيد الرب، والدعوة إلى المحبة والتسامح.وفى مناسبات خاصة تذهب ماجدة الرومى إلى «خلوة دينية» فى حضن الجبل كى تتوحد فيه مع عظمة خالق الأكوان.إذا أردت أن تعرف الإجابة عن سؤال يقول من هى أكثر فنانة تتبرع بريع حفلاتها كلها لأفعال الخير والأعمال الخيرية؟ فإن الإجابة ستكون: ماجدة الرومى.تتبنى «الرومى» مبادرة مكافحة الفقر فى قطاعات الشباب، كما قامت بالتبرع بكامل مبيعات ألبومها الأخير «غزل» للمساعدة فى تعليم الشباب.موقف ماجدة الرومى كفنانة فى اختيار الكلمات والتضامن الإنسانى والوطنى مع قيم سامية إذا ما امتزج مع إحساسها الاستثنائى وطبقات صوتها النادرة يجعل من كل أعمالها حالة عابرة للمعتاد والتجارى والمكرر فى ساحة الفن والغناء.قصة ماجدة الرومى مع الفن هى قصة عشق للنغم والكلمة والرسالة.ولدت ماجدة الرومى فى ديسمبر 1956، وتتلمذت على يد والدها الموسيقار حليم الرومى، الذى ولد فى صور بجنوب لبنان، وتعلمت «مبادئ وقيم الرقى الإنسانى» من والدتها مارى لطفى، ذات الأصول المصرية، والمولودة فى بورسعيد.ومنذ أعوام قالت لى السيدة ماجدة إنها تقوم ببحث عميق عن جذور والدتها فى مصر وعن ما تبقى من فروع أسرتها.صنع حليم الرومى أمجد أعمال السيدة فيروز، وأثر ذلك على منهج ورؤية ماجدة الرومى الفنية.وفى البرنامج الشهير «استديو الفن»، الذى أنجب عشرات المواهب الفنية، برزت الشابة ماجدة الرومى، وحصلت على المركز الأول، بعدما شدت بأغنية «أنا قلبى دليلى».إن ثلاثية «الإنسانة، الفنانة، المواطنة»، وهى ألقاب تمارسها ماجدة الرومى بامتياز نادر، هى مكونات تركيبة شخصية استثنائية تعيش وتتفاعل مع هموم ودموع وأوجاع وطنها وأمتها.تقول ماجدة الرومى أنا لست من أهل السياسة أو الاقتصاد، وقد تركت ذلك لأهل الاختصاص، لكنها فى مواقفها تطلق كلمات أقوى من رصاص الجيوش، وتنتقى كلمات أقوى من كل خطب وتصريحات ساسة المنطقة.تحسن «ماجدة» التعبير عن نفسها بإيجاز، فهى، بالإضافة لكونها مطربة، منشدة، تكتب كلمات لأغانيها.وحينما غنت ماجدة قصيدة «بيروت» من كلمات نزار قبانى، وقالت فيها «إن الثورة تولد من رحم الأحزان»، كانت تؤمن بذلك إيماناً مطلقاً.تدرك ماجدة الرومى أن خسائر الوطن المباشرة فى التفجير الأخير قد تكون 154 شهيداً وخمسة آلاف جريح و80 مفقوداً، لكنها تدرك أيضاً بحسها الإنسانى ووعيها المرهف أن الخسارة الحقيقية هى «انكسار الروح» و«احتراق الأمل» و«موت الأحلام»، لذلك فرحت فرحة الطفل اليتيم لهدية الأعياد حينما شاهدت طاقة الدفاع عن الحياة عند الشباب فى مواجهة ثقافة الموت والدمار.وإذا كانت ماجدة الرومى قد تغنت بعشقها لبيروت، فإن مشاعر الناس التى أشعلتها أثبتت أن العشق بين الناس والفن الصادق متبادل وحقيقى.وأبدع من كتب عن لبنان واصفاً: «إن لبنان بيت كبير له منازل كثيرة».فعلاً: نحبك يا لبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت الضمير ماجدة الرومى صوت الضمير ماجدة الرومى



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates