بعد الإفطار، أذاعت قنوات الأخبار خبراً عن قيام مجرمى الإرهاب الأسود بعمل عملية قذرة ضد مركبة مدرعة فى منطقة بئر العبد، والتى أدت إلى استشهاد وإصابة ضابط صف وضابط و9 جنود.
شعر كل من فى المنزل بغصة فى القلب، وترحم الجميع على الشهداء، وتمنوا السلامة والصحة للمصابين.
بعدها بدقائق، دق هاتف الموبايل وظهر على الشاشة رقم لا أعرفه. قمت بالرد، فكان الصوت لسيدة بدت أنها كبيرة فى العمر، وبدا صوتها متأثراً مخنوقاً، ودار بيننا الحوار التالى:
السيدة: مساء الخير يا أستاذ.. رمضان مبارك.
العبد لله: وكل عام وحضرتك بخير. هل يمكن أن أعرف مَن المتصل.
السيدة: أنا مواطنة مصرية، وأم لضابطين، الأول فى الجيش والثانى فى الشرطة.
العبد لله: أهلاً وسهلاً، تشرفنا، تحت أمرك؟
السيدة: هل سمعت الأخبار يا أستاذ؟ وهل علمت بهذه الجريمة البشعة ضد أبنائنا؟
العبد لله: للأسف يا سيدتى إنها جريمة بشعة، والذين ارتكبوها بلا ضمير وبلا أخلاق بعدما تجردوا من إنسانيتهم ووطنيتهم.
السيدة: هل يمكن أن أعرف لماذا يصرون على ارتكاب جرائمهم فى رمضان ضد الصائمين الساجدين فى شهر الرحمة والمغفرة؟
العبد لله: عندك حق فى التساؤل، فهذه الجريمة تتكرر فى كل رمضان منذ ست سنوات.
السيدة: وهل هذا خلق إنسانى فى شهر تتسلسل فيه الشياطين ويطلب فيه الناس الرحمة والمغفرة؟
العبد لله: للأسف، فإن شيوخهم القتلة يلقنونهم أفكاراً مسمومة تدّعى كذباً أن قتل رجال الجيش والشرطة جهاد فى سبيل الله.
السيدة (مقاطعة): أى جهاد يا أستاذ؟ هؤلاء سفاحون مجرمون باعوا ضمائرهم للشيطان.
العبد لله: عندك حق تماماً، لكن دائماً الجرائم الإرهابية ترتدى عباءة الدين، وتسعى لبيع الأوهام للأيدى المجرمة التى تتحول إلى أدوات فاقدة للعقل والضمير.
السيدة: لكن ما الرسالة التى يريد هؤلاء أن يرسلوها لنا وللعالم من جراء هذه العمليات الإجرامية؟
العبد لله: أعتقد يا سيدتى أنهم يريدون، كلما انخفض مستوى العمليات الإرهابية أن يقولوا لأسيادهم «ما زلنا نشطين» قادرين على الإيذاء.
السيدة: فقط!
العبد لله: وأيضاً يسعون إلى إضعاف روحنا المعنوية والإضرار بالاقتصاد الوطنى.
السيدة: ألم تلاحظ أنها العملية الإرهابية الغادرة التى تتم فى زمن وباء الكورونا؟
العبد لله: الإرهاب الأسود لا يعرف شهر الصوم، ولا الاقتصاد الوطنى، ولا أرواح الأبرياء، ولا الوباء الفيروسى!
السيدة: ربنا يحمى بلادنا.
العبد لله: وربنا يحمى أبناءك.
السيدة: كل الضباط والجنود أبنائى. ربنا يحميهم ويحفظ بلادنا من كل سوء.
العبد لله: آمين يا سيدتى!