سقطت عدة «نماذج وهمية» للحكم عاشت لسنوات طويلة تحاول خداع الشارع العربى!
أثبت فشل إدارة وباء كورونا فشل نموذجى الإدارة فى كل من تركيا وإيران.
قد تكون تركيا قوة اقتصادية، لكن كفاءة نظامها الإدارى والصحى منحطة، وهو ما تعبّر عن أرقام وإحصاءات الإصابات والوفيات وحجم رد فعل الرأى العام التركى الذى عبّر بصراحة عن خيبة أمله فى الحكم والحكومة والحزب الحاكم.
وقد تكون إيران دولة منتجة لصواريخ بالستية مستوردة كقطع غيار من كوريا الشمالية ومخترعة فى الصين ومجمَّعة فى إيران، وقد تكون دولة لديها قدرات تخصيب نووى، لكنها فاشلة تماماً فى نظامها الصحى وفى قدرتها على إدارة أزمة الوباء الفيروسى.
بالمقابل تعالوا لنرى 4 صدمات كبرى فى قوى كنا نعتقد أنها «سوبر دول» وذات تميز خاص فى نظامها الصحى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
أُصبنا بخيبة أمل فى هذه الدول التى كنا نسافر إليها ونرسل أعز الناس لدينا للعلاج وإجراء الجراحات الدقيقة فيها.
وأُصبنا أكثر بخيبة الأمل فى مراكز الأبحاث العلمية والطبية المشهورة التى كانت تدّعى أنها تملك الدواء لكل داء، واللقاح لكل وباء، والمصل لكل فيروس.
كل ما كنا نعتقد أنه ثوابت وحقائق علمية راسخة ومسلَّمات إلى حد اليقين اهتز مؤخراً ونحن نتابع يومياً بقلق وذهول كيف أدارت هذه الدول وهذه المراكز البحثية الأزمة الأخيرة.
أهم ما فى متغيرات النظام العالمى أن معايير القوة ليست فى حجم الفوائض النقدية، أو قوة التسليح أو التأثير فى المؤسسات السياسية والاقتصادية العالمية، ولكن ستصبح المعايير هى من يمتلك تكنولوجيا الاتصال وأسرار الدواء وقاعدة التعليم المتقدمة.
قاعدة التعليم المتقدمة أصبحت أكثر أهمية من أكبر القواعد العسكرية.
إنه عالم جديد، لا مكان فيه لمن يدّعى القوة وهو ضعيف، ومن يتشدق بالعلم وهو جاهل، ومن يدّعى التقدم وهو متخلف!
إننا نعيش فى أيام تاريخية مفصلية ليس قبلها ما يماثلها، إنها أيام يتعين فيها تمزيق كل قواعد أسلوب الحياة التى عشناها قبل ذلك.
أكبر الخاسرين -حتماً- فى هذه الأزمة ذلك الذى يخرج منها دون أن يتعلم أن قانون اللعبة قد تغير تماماً، وأنه يجب تغيير كل ما سبق لأنه -ببساطة- لم يعد صالحاً لما هو آتٍ!
ولعل أعمق ما قيل فى هذا المجال هو ما صرّح به «جان إيف لودريان» وزير خارجية فرنسا مؤخراً: «أخشى أن يصبح عالم ما بعد كورونا أسوأ مما كان عليه قبلها».
وندد لودريان بحالة المنافسة الدولية التى وصلت إلى حد المواجهة فى كل المجالات فى تسويق كل طرف دولى لأسلوب ونموذج إدارته لمكافحة الفيروس.
وقال وزير خارجية فرنسا: «يبدو أننا نشاهد الآن تفاقم الانقسامات فى النظام الدولى منذ سنوات، وهذا الوباء هو شكل من أشكال استمرارية الصراع بين القوى من خلال وسائل أخرى».