بقلم - عماد الدين أديب
ما الذى يجعل «الإنسان» عبدالفتاح السيسى مختلفاً عن غيره، متميزاً فى قراره، شديد الكفاءة فى إنجازاته؟إنها مزيج من عدة عناصر لها علاقة بالأسرة، والحى، والتنشئة، وحفظ القرآن، ومسجد الحسين، ومهنة الوالد، وفهم هموم البسطاء، وفن البيع والتجارة فى «البازار»، والدراسة الجادة فى الكلية الحربية، والانضباط الشديد فى العسكرية والتأثر بمحمد على باشا وعبدالناصر والسادات، ودور بعثاته العسكرية، والفهم العميق لطبيعة الخدمة العسكرية فى مواقع وأماكن مختلفة داخل قطاعات الجيش، والدراسة والدورات فى كلية الدفاع، وبريطانيا، وكلية الحرب الأمريكية، ثم مدرسة المخابرات والاستطلاع.رأى، وعايش وعاين مهمات شديدة الخطورة، شديدة الخصوصية، يندر أن تمر فى حياة رجل واحد.عايش الرجل المهام الصعبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة سنوات قبل يناير 2011، وعايش الأيام المفصلية لرحيل الرئيس حسنى مبارك رحمه الله، وأُوكل إليه -لأول مرة- وهو رئيس المخابرات العسكرية والاستطلاع، مسئوليات الأمن الداخلى بعد يناير.رأى معدة مصر من الداخل، واطلع على كافة ملفاتها الداخلية بعد نهاية حكم مبارك.كان المفاوض الأول للقوى السياسية جميعها التى كانت فى ميدان التحرير بالاشتراك مع الفريق محمد حجازى والفريق محمد العصار.عاصر فترة الاضطرابات والمصادمات فى الشارع حتى انتهت الانتخابات الرئاسية التى أدت لوصول الإخوان للحكم.تولى وزارة الدفاع فى ظل حكم الإخوان، فاستطاع أن يؤدى مهمته دون أن يتنازل ملليمتراً واحداً عن مبادئ العسكرية المصرية.فهم غضب الشارع، وانحاز إلى غضب الشعب المصرى، وقاد المؤسسة العسكرية لحماية ثورته النبيلة فى 30 يوليو 2013.قام بإحداث نقلة نوعية فى تسليح وأداء وكفاءة الجيش المصرى منذ أن تولى حقيبة وزارة الدفاع.منذ أن أعطاه الشعب المصرى تفويضاً شعبياً لمواجهة الفوضى والعنف المحتمل والإصلاح الاقتصادى الشامل، وهو يتحمل ما لا يطيق بشر لأنه يؤدى تلك الأمانة بشرف وإخلاص.حافظ على سلامة الوطن من الداخل، وتأمين حدود البلاد من الشرق والجنوب والغرب.أقام علاقات خاصة مميزة مع زعامات العالم: ترامب، ميركل، ماكرون، تشى، زعماء أفريقيا.خلق حلفاً للاعتدال مع السعودية والإمارات وحافظ على حسن الجوار مع السودان والأردن وإسرائيل.لم يستدرج إلى استنزاف مصر فى مؤامرات وحروب إقليمية فى منطقة شديدة الانفجار، كلها توترات، فى عالم مرتبك ومضطرب.انحاز دائماً إلى البسطاء والفقراء فكان دائماً وأبداً مهتماً ليل نهار بهموم المهمشين والفقراء.تعامل مع ملفات مستعصية سرطانية لم يجرؤ أحد منذ نصف قرن على التعامل الجذرى معها، مثل: تحرير سعر الصرف، الكبد الوبائى، العشوائيات، عاصمة إدارية، مدن ومحافظات جديدة، الصرامة فى الحفاظ على أملاك الدولة، ترشيد الدعم، زيادة المعاشات، دعم الفقراء، إصلاح جذرى للكهرباء، استكشاف مخزون الغاز.حول الجيش المصرى إلى مكانة عليا فأصبح ترتيبه التاسع بين جيوش العالم.اعتمد سياسات الحوار مع الشباب بشكل مباشر ودائم.اهتم بتطوير التعليم والبحث العلمى فى كافة مراحله.فى 7 سنوات أنجز ما لم ينجز فى تاريخ مصر فى عقود متصلة، ورغم ذلك تحمل ملاحظات من لا يعلم الحقيقة، وأخطاء الجهلاء، وخطايا المتآمرين الأشرار.ما زال يمارس أكبر قدر من الصبر اللانهائى والحكمة فى إصدار القرارات، وضبط النفس إزاء كل أنواع الاستهداف والاستفزاز.والآن ما زال يتحمل ويتحمل كى يستكمل مسيرة الإصلاح الشامل للبلاد والعباد فى ظل تهديدات وجودية من إثيوبيا إلى ليبيا إلى سيناء.كان الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يقول فى مجالسه الخاصة: «الرئيس السيسى نوعية متقدمة من أبناء المؤسسة العسكرية المصرية» سمعت منه ذلك شخصياً.منذ 34 عاماً قبل الميلاد، أى منذ أن وحد الملك مينا القطرين وأقام أول جيش فى تاريخ مصر القديمة، وهناك دور خاص للمؤسسة العسكرية فى الأمن والأمان.الأمن هو حماية الوطن والحدود، والأمان هو تأمين البلاد والعباد ضد أى أخطار من كافة أنواع الأعداء والتآمر، العنف، الفوضى، الفساد، التخلف، الكوارث الطبيعية وآثارها.وعلى مدار التاريخ المعاصر ومنذ أن أسس محمد على باشا الكلية العسكرية فى أسوان 1811، وهى مؤسسة للوطنية المصرية، وتخرج منها حتى الآن 914 دفعة.عبدالفتاح السيسى، الإنسان، العسكرى، القائد، هو «ابن مميز» لهذه المدرسة.ها هو يتحرك وفى داخله سكينة للنفس وإيمان مطلق بمقولة ابن عطاء الله السكندرى: «إن كان الله معى، فمن علىَّ؟».