بقلم : عماد الدين أديب
حذرنا مراراً وتكراراً من عدم الثقة فى الموقف النهائى للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
وقلنا تلك العبارة الشهيرة التى ذكرها أحد الرؤساء العرب السابقين: «المتغطى بالأمريكان، فى الحقيقة، عريان».
أهم شىء لدى السياسى الأمريكى، سواء كان فى البيت الأبيض أو الكونجرس أو أى مؤسسة أخرى لها علاقة بصناعة القرار، هو جمهوره المحلى الانتخابى.
الولاء الأول والأخير هو لمن سوف يصوت له، لذلك لن يبيعه مقابل أموال الدنيا أو مصالح شخصية حتى لو كانت بحجم الكرة الأرضية.
والذين يعتقدون أن الرئيس ترامب هو السد المنيع ضد إيران، وضد هيستيريا الكونجرس لا يدركون أن دونالد ترامب من تلك الشخصيات المتقلبة سياسياً، والقادر، بين ليلة وضحاها، أن يتقلب 360 درجة سياسية ضد سياساته السابقة.
«ترامب» المدافع عن الرياض الذى يلعب دور السد المنيع ضد أى عقوبات أمريكية من الكونجرس ضد المملكة، يمكن، تحت ضغط فضائح لجنة تحقيق موللر، وتدنى حلفائه فى الكونجرس، أن يبيع أى إنسان، وأى مصالح، تطبيقاً لنظرية «إذا جاء الطوفان ضع ولدك على الأرض وقف فوقه حتى تنجو».
وجنون الكونجرس حول حرب اليمن، ثم هيستيريا رد فعل موضوع خاشقجى، كلها أمور تنذر بأن الثلث الأول من عام 2019 سوف يشهد شداً وجذباً على مستويين:
الأول: من الرئيس والبيت الأبيض تجاه الكونجرس الأمريكى (النواب والشيوخ) والمعارضة الديمقراطية التى تدعم، بشكل غير مباشر، القوى المخالفة لترامب داخل حزبه الجمهورى.
الثانى: السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام وسياسات دول التحالف العربى (السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين).
هذا الصدام آتٍ لا ريب فيه، وهذا الخلاف هو ناتج ومحصلة التركيبة السياسية المؤثرة فى صناعة القرار الأمريكى الآن.
ولا بد أن ندرك أن ترامب الضعيف المتوتر، الذى يحيا تحت مخاطر سيف لجنة موللر للتحقيق، لن يستطيع الاستمرار فى لعب دور الكابح والمانع لعقوبات ضد دول المنطقة، ولن يستطيع أن يستمر فى الدفاع عما يراه المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى علاقات جيدة وقوية مع الرياض وأبوظبى والقاهرة.
باختصار قد تكون اللعبة أكبر من اللاعب.