على مقهى فى عاصمة عربية، وبينما العبد لله يحاول احتساء فنجان من الكابتشينو قبيل كتابة المقال اليومى، وبينما العبد لله «لسه باقول يا هادى»، وأحاول الإمساك بالقلم والكتابة، فإذا بشاب يرتدى الزى الخليجى التقليدى يقطع عزلتى الاختيارية، ويقول فى حماس:
- حضرتك الأستاذ فلان؟
- نعم يا سيدى تحت أمرك.
وقُبيل أن أكمل العبارة، سحب المقعد المقابل، وقال فى تلقائية شديدة: «سامحنى يا أستاذ، عندى بعض الأسئلة التى أبحث لها عن إجابة».
- العبد لله: أرجو أن أساعدك لأننى مثلك لدى مئات الأسئلة التى بلا إجابة هذه الأيام.
- الشاب: موضوع قطر!
- العبد لله: ما لها؟
- الشاب: وضعها محير جداً بالنسبة لى.
- العبد لله متسائلاً: لماذا؟ الموقف القطرى واضح جداً، فهو معادٍ تماماً لدول التحالف العربى، مؤيد تماماً للأتراك والإيرانيين وجماعة الإخوان وطالبان والشيشان وداعش.
- الشاب: أنا مشغول بمستقبل العلاقة مع قطر.
- العبد لله: لماذا؟
- الشاب: قطر دولة عربية، عضو فى مجلس التعاون الخليجى، عضو فى جامعة الدول العربية، لديها صندوق سيادى من أقوى صناديق الاستثمار فى المنطقة، لديها شبكة عملاء ومنظومة شركات علاقات عامة وتسويق سياسى قوية فى العالم. كيف يمكن أن نتجاهلها؟
- العبد لله: لا أحد -بالتأكيد- يتجاهلها، لكن هناك شروطاً صريحة وواضحة كى تصبح مقبولة فى محيطها العربى ومجالها العربى، فإذا استجابت فأهلاً بها، وإذا استمرت فى سلوكها دفعت الثمن.
- الشاب: كيف؟
- العبد لله: إما أنها مع الاعتدال أو ضده، وإما أنها مع المشروع العربى أو مع أعدائه، إما أنها مع الإرهاب التكفيرى أو مع مشروع الدولة الوطنية.
- الشاب: لكنها تحضر اجتماعات فى الجامعة العربية، والأمم المتحدة، والأوبك، ومنظمة المؤتمر الإسلامى معنا.
- العبد لله: هذا طبيعى.
- الشاب: وتم توجيه الدعوة إليها لحضور القمة الخليجية المقبلة، وتم تسليم الدعوة للأمير تميم.
- العبد لله: هذا إجراء متحضر، ولكن لا يعنى بالضرورة أنه سوف تتم مصالحتها ونسيان الـ13 مطلباً التى تقدمت بها مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
- الشاب: يعنى حضور القمة لا يعنى «عفا الله عما سلف».
- العبد لله: على قدر فهمى المحدود، المسألة ليست شخصية، لكنها مسألة موضوعية، تتعلق بسلامة وأمن دول المنطقة.
- الشاب: ماذا تعنى؟
- العبد لله: على قطر أن تختار، إما أن تشارك فى حماية المنطقة فتتوقف تماماً عن سياساتها ومشاريعها وتحالفاتها السابقة، أو أن تستمر كما هى دون تغيير، فتصل بذلك إلى الطريق المسدود، الذى يجعلها تحضر كل المؤتمرات وكل اللقاءات، دون أن يعير لها أى زعيم عربى أى اهتمام، أو يفكر حتى فى إلقاء التحية على ممثليها.
- الشاب: أنت تعنى بذلك أننا أمام مفترق طرق تاريخى.
- العبد لله: بالضبط، إما الوجود عربياً بشروط عربية، أو الانعزال والرهان على قوى شريرة مضادة ومعادية للعرب.
وانتهى الحوار.