بقلم _ عريب الرنتاوي
أن تنبري تركيا لحشد الدعم والاسناد للفصائل المسلحة في إدلب لمواجهة تقدم الجيش السوري، فهذا أمر مفهوم وغير مفاجئ، وهذا ما فعلته تركيا على أية حال، طوال سنيّ الازمة السورية الثماني ... إدلب إلى جانب عفرين وجرابلس وجوارهما، هي ما تبقى لأنقرة من أوراق الضغط والقوة لتعزيز مكانتها كلاعب إقليمي، يحتجز لنفسه مقعداً على مائدة الحل النهائي للأزمة السورية، هذا إن أسقطنا كل ما قيل ويمكن أن يقال عن أطماع وأحلام تركية في الشمال السوري.
وأن تتصدر جبهة النصرة جبهات القتال والمعارك في إدلب وريفي حماة وحلب، وأن تفعّل ماكينتها الدعائية للعمل بأقصى طاقاتها، فهذا أيضاً أمر مفهوم وطبيعي، طالما أن المنظمة المصنفة إرهابية، تدافع عن «إمارتها»، بل وعن آخر معاقلها في سوريا ... إدلب بالنسبة للنصرة، هي معركة وجود، حياة أو موت، وستستثمر فيها حتى آخر طلقة وآخر مقاتل.
لكن من غير المفهوم ولا المنطقي، أن تتولى معارضات سورية، بعضها علماني ومدني، وجميعها في الخارج، إعادة انتاج خطابي أنقرة والنصرة، وبالمفردات ذاتها تقريباً ... إذ يطلع عليك من يقول: أن الانتصار في إدلب شرط حاسم لتعزيز مواقع المعارضة في المفاوضات النهائية، وتحسين شروط الحل النهائي، وضمان قطع الطريق على النظام وحلفائه.
سنجاري أصحاب هذا الرأي، وبعضهم أصدقاء، ولا نشك أو نشكك في وطنيتهم واستقلاليتهم، ونقول: بفرض نجاح تركيا والنصرة وحلفائها في إحباط تقدم الجيش السوري، وقطع الطريق على مرامي دمشق – طهران – موسكو، كيف يمكن ضمان تجيير هذا «النصر»، لصالح هذا النمط من المعارضة السورية؟ ... كيف يمكن تصور أن يخدم «نصرٌ» كهذا، أهداف المعارضة العلمانية والمدنية ومراميها؟ ... من سيجيّر نصر إدلب، إن أمكن تحقيق نصرٍ كهذا، هو تركيا والنصرة ومن دار في فلكيهما ... لا أحد من خارج هذا «الصندوق» سيكون بمقدوره حصد ثمار «نصرٍ» لم يسهم في تحقيقه، ولا ناقة له فيه ولا جمل.
بعيداً عن التضليل والتطبيل الإعلامي، فإن القوة الضاربة في إدلب والأرياف الشمالية الغربية، هي النصرة، والنصرة وحدها ... ومن غير الخافي على أحد، أنها وهي المنظمة المدرجة على القوائم التركية السوداء للمنظمات الإرهابية، تتلقى السلاح النوعي الحديث من تركيا، كما تشير لذلك تقارير ميدانية، وأن قنواتها مفتوحة مع المخابرات التركية، وأنها ورقة الرهان الأهم لتركيا، هذا ما تكشفت عن وقائع المعارك الأخيرة، في آخر معاقل النصرة والمعارضات المسلحة.