بقلم - أسامة الرنتيسي
مُضحكٌ؛ مُبكٍ، مُحزنٌ، حديث المسؤولين عن قضية الاستثمار في الأردن.
وهو حديث على كل حال لا يختلف عن أحاديث كثيرة وفي موضوعات حساسة تُتداول، ويُكتشف أن هذا التداول فقط للاستهلاك اليومي، ومانشيتات الصحف وعواجل التلفزة.
في معضلة الاستثمار، يجرى الحديث منذ سنوات طوال عن معوقات كثيرة، جذرها البيرقراطية، وعمقها الفساد، وأدواتها أشخاص يبحثون عن مصالحهم الخاصة، ومشاركة المستثمرين في أعمالهم، على قاعدة السلبطة، وإمكان تذليل أية عقبات تواجه المستثمر.
هذه معلومات ليست سرية، ويتم الحديث عنها بالعلن، وفُضحَت أكثر من مرة تحت قبة البرلمان.
أليس الأمر مضحكا عندما يترأس رئيس الحكومة اجتماعا في هيئة الاستثمار مع أقطاب العمل الاستثماري والبنوك، ويخرج علينا بتصريح: “ضرورة وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الاستثمار تنهي المعوقات البيروقراطية التي ما زالت تشكل العائق الأكبر أمام الاستثمارات….”،
…والسؤال المباشر لدولته.. ما الذي يمنعك ويمنع حكومتك ومنع الحكومات السابقة من إنهاء المعوقات أمام الاستثمار؟.
بالأمس؛ يعود إلينا وزير العمل والاستثمار إلى فيديوهاته السابقة ويخرج بنتيجة “إنه تبين عدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية فاعلة للاستثمار، ضعف الامتيازات المقدمة للمستثمرين وخصوصا في ضوء تغيير قانون ضريبة الدخل، وعدم وجود حوافز حقيقية لزيادة الصادرات الوطنية، إضافة إلى صعوبة ممارسة أنشطة الأعمال في الأردن”..
ويتابع الوزير: “النافذة الاستثمارية الواحدة هي نافذة غير نافذة، فغالبية المفوضين في النافذة لا يملكون الصلاحيات الكافية لتسريع عمل المستثمر، وبيروقراطية كبيرة في الإجراءات الحكومية….”.
طيب؛ كلام زي العسل، وليس جديدا، والسؤال لمعاليه، ماذا فعلت وماذا فعل من سبقوك في هذا المنصب لتخفيف المعوقات أمام الاستثمار؟.
سنبقى ندور في حلقات مفرغة، ولن نصل إلى نتائج، وسنعلن كل فترة عن هجرة عشرات المستثمرين إلى دول أخرى مجاورة، سياسة الاستثمار والامتيازات فيها أفضل بكثير منا.
هل يستطيع الفريق الاقتصادي ان يكشف لنا عن المزايا الإيجابية لقانون الاستثمار الذي لا يجذب مستثمرا، بل يطرد ــ من خلال التعقيدات التي لا تنتهي ــ الاستثمار الموجود؟
لا أحد ينكر صعوبة الأوضاع الاقتصادية ليس في الأردن وحده، بل في المنطقة والعالم، لكن تعبنا من الاستماع الى خطوات التصحيح الاقتصادي، والتزامات صندوق النقد، كما تعبنا من الاستماع الى الخطاب الخشبي حول زيادة المديونية الأردنية، والاستماع إلى أرقام المنح والقروض والمساعدات التي لا تتوقف، فيتساءل كثيرون إلى أين تذهب.
الدايم الله….