ما تَفعلَهُ عِينات شلاين، في الأردن ليست أعمالًا دبلوماسية ولا إدارة سفارة، إنّما تَجسسٌ.. عِينَك عِينَك، وتقويضٌ للنّظام والدولة.
وعِينات شلاين سفيرة (العدو الإسرائيلي) في عمّان شَكّكَت خلال محادثاتٍ رسميةٍ مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوط، بأنّ استقرار المملكة الأردنية “بدأ يتضعضع مُؤخّرًا” ، ما دفع حماس أيزنكوط إلى أن يعلن:”إذا دعت الحاجة، يجب على إسرائيل أن تقف إلى جانب صديقتها من الشرق”.
في يوم الاربعاء نفسه الذي سَرّبت فيه صحيفة هآرتس العبرية تصريحات شلاين، كانت سيارة السفير الأردني في تل أبيب تتعرض للتخريب والسّرِقة، كما صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون حظر الأذان بالقراءة التمهيدية، واعتُقِلَ (3) موظفي أوقاف أردنيين في القدس.
فما هي الرسالة التي ترغب حكومة النتنياهو إرسالها إلى عمان؟. أليست التصرفات هذه إعلان حرب حقيقية؟.
ولِمَ لَمْ نسمع ردودًا أردنية واضحة وصريحة عن الدور التجسّسي التحريضي، بأن الأوضاع في الأردن بدأت تتضعضع، بينما سمعنا رفض حظر الأذان حين أقرته حكومة إسرائيل.
فالأمر لا يحتاج إلى رفض تصريحات شلاين، لأن الجميع يعرفون أنها تصريحات كاذبة، لكن الأمر يحتاج إلى رد سياسي كبير مؤذٍ لإسرائيل وسياساتها، ليس باستدعاء السفيرة وتوبيخها، ولا إيصال رسالة شديدة اللّهجة إلى حكومتها.
فأكثر ما يؤذي إسرائيل أردنيا هو التهديد بمصير اتفاقية ودي عربة، إن كان تُجاه إلغائها وهذاهو الأقرب إلى وجدان الشعب الأردني، أو تجميدها، لأن قادة العدو الإسرائيلي يركّزون دائمًا على تخوّفهم من تعرض معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن للخطر.
لكن؛ للأسف، يخرج علينا أحد سياسيينا متطوعًا قائلًا: “إن إلغاء معاهدة السلام بين الأردن واسرائيل أمر ليس مطروحًا على بساط البحث”.
لم نسمع بعد أكثر من 20 عامًا على توقيع معاهدة وادي عربة، إسرائيليًا من الوزن السياسي الثقيل مدافعًا عن المعاهدة مثلما يفعل سياسيونا، وكأننا فعلًا الكاسبون من هذه المعاهدة لا إسرائيل، ونحن من ضيّق الخيارات بخيار واحد لا اسرائيل، وألّا مصلحة أردنية بإلغاء هذه المعاهدة او تجميدها.
الإسرائيليون يلعبون سياستهم بمكر ودهاء، فلِمَ لا نلعب نحن أيضا بخبث أكثر منهم، وألّا نكشف اوراقنا دفعة واحدة؟
لِمَ لا نستغل الرفض الشعبي، ونحترم وجدان الشعب الأردني الرافض لهذه المعاهدة، ونمارس ضغطًا سياسيًا على قيادة إسرائيل المتغطرسة، على أمل أن يرتدعوا قليلًا عن ممارساتهم العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، والمقدسات التي تقع تحت السيادة الاردنية؟!.
في عقول السياسيين الأردنيين قناعات راسخة، بأن وادي عربة أكثر من معاهدة، وأنها تُشـكل تهديدا اسـتراتيجيا لمصالح الشعب الأردني والسيادة الوطنية وقضايا الأمة عامة.
كما أن فيها خرقًا لمواد الدستور، وشــرعنة صريحة وطوعية للاحتلال، أبعد مما منحتـه إياه الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحـدة، كما فيها خروج على معاهدة الدفاع العربي المشترك التي يُعتبر الأردن واحدًا من الأطراف الرئيسية الموقعين عليها.
وكشفت الـ 20 سنة الماضية عن أن أصحاب مشروع وادي عربة الذين روّجوا للمعاهدة بدعوى استعادة الأرض والمياه وتأمين الحدود وحماية الأردن من الوطن البديل، والتّفرغ للتّنمية وبناء اقتصاد متين، لم يتحقق شئٌ من هذا.
علينا ألّا ننكر أن اتفاقية وادي عربة أثّرت في الحياة السياسية الأردنية من النواحي جميعها، وتسببت في تراجع الحريات وانخفاض الهامش الديمقراطي، كما جاء قانون الانتخاب سئ السمعة “الصوت الواحد” وليد هذه الاتفاقية.
تعرف الحكومة أكثر من غيرها، أن أي قرار رسمي، بطرد السفيرة الإسرائيلية من عمّان، أو استدعاء السفير الأردني من تل أبيب يلامس وجدان الشعب الأردني، وتكسب رضا المعارضة والمعارضين في قرار خطورته أقل كثيرًا من التهديد بتجميد المعاهدة او الغائها، فلِمَ لا تستخدم الحكومة الأوراق التي في يدها كلها من أجل الضغط على حكومة نتنياهو المتطرفة.