بقلم _أسامة الرنتيسي
أسئلة كبيرة وخطيرة مطروحة في الشارع وفي كل لقاءات الأردنيين، تتعلق بمستقبل البلد والنظام والحدود، لا إجابات عليها سوى الاعتماد على موقف رأس النظام، أما في التفاصيل فألاجوبة الحكومية ساذجة والأفضل ان تبقى صامتة.
أسئلة جديدة دخلت عقول الأردنيين، هل يفكر صناع القرار بموجة الربيع العربي الجديدة التي اجتاحت بلدانا عربية، وبطريقة أكثر حضارية وتفهما لمتطلبات التغيير، بدءا من الجزائر والسودان وكذلك ليبيا، ووصلت قبل ايام إلى دولة جنوب السودان التي وافق عمر البشير على سلخها عن السودان حيث خرج متظاهرون في الدولة الجنوبية الوليدة يهتفون برجوع الجنوب الى الوطن الأم.
هل طور صناع القرار وأدوات المجسات موقفا جديدا كيف سنتعامل مع موجة الربيع العربي الجديدة إذا وصلت لدينا، وهناك مؤشرات على أن رمضان سوف يكون فرصة جديدة لتجديد احتجاجات الرابع تشبه العام الماضي.
لا يكفي ان نبقى نردد أننا استوعبنا موجة الربيع العربي الأولى بأقل الخسائر من دون إراقة قطرة دم واحدة، فهل نحن جاهزون للموجة الجديدة.
إلى متى سيبقى الأردنيون أعقل من حكوماتهم التي تُظهر دائما تقويمًا ساذجًا وارتياحًا غير مفهوم لكل ما يحدث في البلاد، وثقتهم أن لا حراك شعبيَّ في الطريق مهما اتخذوا من قرارات اقتصادية صعبة.
هذا التفكير يشي بعقلية غير مرنة واهمة مثلما كان غيرها واهمًا بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندنا.
لا يجوز الاطمئنان كثيرا إلى أن الأردنيين عاقلون أكثر من الحكومة، وأنهم يخافون على استقرار بلدهم، ولا يريدون أن يشاهدوا أية فوضى مثلما يحدث في المحيط الملتهب، ولا يجوز الاطمئنان إلى أن أي حراك شعبي تحت السيطرة دائما، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو مسيرة أو تجمّع.
خطر جدًا أن تمارس الحكومة سياسة تقطيع الوقت في ملف الإصلاح الاقتصادي والسياسي، والأهم فعلًا هو الإجابة عن السؤال الذي يُطرح دائمًا في وجه الحكومة ورجالات الدولة الآخرين: هل هناك إرادة سياسية فعلية للإصلاح؟ وهل نحن ماضون إلى ترجمة الخطاب الرسمي الذي يقول إن الإصلاح أولوية، إلى عمل جاد؟
الحديث عن الإصلاح السياسي الشامل يبقى ناقصا إذا لم يترافق مع إصلاح اقتصادي حقيقي يحمي معيشة المواطنين وكرامتهم من العوز والحاجة، ولن يتحقق هذا إذا لم نشعر جميعا أن محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين أولوية قصوى، ويجب ألا يتم التعامل معها بالقطعة وحسب الوزن.
قلق وترقب في الشارع من خطط ومشروعات سياسية مريبة، إن وقعت — مثلما يتسرب — فإنها ستمس مستقبل الأردن، وإن تطورت ستصفي القضية الفلسطينية، وتنهي أحلام شعبها.
الحالة العامة في البلاد سوداوية، مرتبكة، ضبابية، تدار بالقطعة، وكعامل المياومة (يوم بيوم)، ولا أحد يدري إلى أين نحن ماضون، والسؤال المركزي الذي يُطرح من قِبل الجميع “هل نحن جاهزون لمواجهة التحديات وكم تتحمل مناعتنا في مواجهة الضغوط..” لا أحد يجيب عنه.
معقول بهذه الحكومة سوف نواجه مخاطر صفقة القرن ونواجه تداعيات موجة الربيع العربي الثانية.
الدايم الله….