ازهد فيها تأتِ إليك

ازهد فيها تأتِ إليك

ازهد فيها تأتِ إليك

 صوت الإمارات -

ازهد فيها تأتِ إليك

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

هل سيبدأ عام 2020 برسالة sms أو wats app على الموبايل، أو like على «الفيسبوك» تؤكد أننا عاجزون عن التواصل.. وأن العلاقات الإنسانية أصبحت «مميكنة».. أم ستبدأ وأنت في وسط الأهل والأصدقاء وكل فرد مشغول بشاشة الموبايل، منهمك في الرد على التهانى؟

أتمنى أن يبدأ العام بحالة «عناق».. إن لم يكن لديك من تعانقه فلديك ذاتك، يمكن أن تقابلها الآن، بعيدا عن صخب السياسة والأزمة الليبية والانتفاضة اللبنانية... إلخ.

الآن، يمكن أن تصالح نفسك، تعترف بأخطائك، تبحث عن «السلام الداخلى» مادام مفقودا على الأرض.. أن تسطر مفردات الرومانسية بإحساسك، وتجسد معانى البراءة والنقاء بمشاعرك.. أن تكون واحدًا من «عشاق الحياة» بفنونها وألوانها.. بغموضها وشجونها.. أن تكون راقصًا صوفيًا متجردًا من أطماعها التي تحنى الجباه.. ازهد فيها تأتِ إليك.. واتركها تلهثْ خلفك.. هكذا هي الدنيا مثل امرأة مراوغة.

وقبل أن تفتش عن عطاء الآخرين اسأل: ماذا قدمت لهم؟.. هل وُلدنا كنبت شيطانى، أم أن الأهل والعائلة منحونا «شهادة ضمان» بدعمهم المعنوى، ومساندتهم لنا.. إلى الأبد؟!.

نحن حتى لا نعترف بأننا نجافى من نعيش معهم في نفس البيت، فلا موعد يجمعنا، ولا حوار يجذبنا إلى أرضية مشتركة، لم يتبق بيننا إلا الملل والرتابة و«الأجهزة»!. المشهد المتكرر في كل منزل أن كل فرد مشغول بالتحاور مع «آلة»، قد تكون شاشة تليفزيون أو كمبيوتر أو موبايل.. ينقلنا إلى عالم آخر متجدد كله حيوية وإثارة.. نحن نعيش في الفضاء الإلكترونى.. حيث نتحرر من الواجبات الإنسانية والعائلية.. ونرمى هموم العمل وزحمة الحياة.. لكل منا «عالمه الخاص» الذي صنعه بنفسه ولنفسه.. وكأننا نسجنا شرنقة تحجبنا عن الواقع ونتقوقع بداخلها لنعانى «وحدة مفتعلة».. أو أن حياتنا قصيدة لم تكتمل، ورواية لم تتم فصلها الأخير، وقصة حب غابت بطلتها عن المشهد!.. أو أننا دائما في مفترق طرق.. كتلك اللحظة الفارقة بين عامين. أحيانا أتصور أن الإنسان يعانى درجة ما من درجات «التوحد مع الذات».. بإرادته. لو اقتحمت عزلة أحدهم وقررت أن تحدثه مثلًا عن صلة الرحم، فتبدأ بالحديث الشريف لرسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليصلْ رحمَهُ).. ستأتيتك لهجة تهكم.. ويرد عليك بسخرية: (هل تمر بحالة «دروشة»)؟ ثم تتوالى الاتهامات بأن العلاقات الاجتماعية كلها نفعية وانتهازية، ولا أحد يسأل عنك إلا لطلب «مصلحة».. وأن الإنسان الذي يعطى بلا مقابل مريض بحب التضحية، ويعيش دور «الشهيد» بإرادته.. فلا أحد يستحق. وهكذا تتآكل إنسانية البشر، فيتحولون هم أنفسهم إلى «آلات»، تتحرك حسب بوصلة «الربح».. وكأننا في «بورصة» لا وجود لأسهم الود والامتنان والواجب فيها!. أنا شخصيًّا لا أتذكر آخر مرة تلقيت فيها باقة ورد، ربما كانت في عيد الأم، لكننى لم أقاطع بائع الزهور، ولم أخاصم الأغانى، لم أهجر نفسى لأغترب في عالم الأنانية و«الأنامالى»!. مازلت أفتش في كل إنسان عن موطن الجمال، أعانق ما أجده من صدق نادر، أتمسك بلمسة دفء ولو كانت عابرة.. أترانى «ساذجة»؟.. ربما!. أصعب ما في الحياة أن تعيش مستيقظًا دائمًا، ترى عيوب البشر وتجسدها، تتذكر خطاياهم وتعيشها ألف مرة، تستدعى الخيانة لكى تحمى نفسك من التعرض لها مجددا.. لكنك لا تسأل أبدا: لماذا لا أصنع البهجة لى وللآخرين؟ البهجة «مجانية»، لأنها تنبع من وجداننا، وفى زمن «المادة» لن تكتب لك الآلة «نوتة موسيقية»، ولن تشاركك «رقصة الحياة».. اتركها لتسترد نفسك. نحن نداوى أنفسنا بالتسامح وتجاوز ذنوب الآخر، قبل أن نمنحهم الغفران.. نحتفظ بيدنا ممدودة بالحب، مهما جرحتنا الأشواك وأدمت قلوبنا.. حين يجرحك الآخر عليك أن تظل كما أنت، أن تحتفظ بإنسانيتك ولا تتحول إلى «مسخ» شوهته سهام الآخرين. فتش عن «السعادة»، تلك الجزيرة المفقودة، وتخفف من أحمالك.. فكما قال مولانا «جلال الدين الرومى»: (كم هم سعداء أولئك الذين يتخلصون من الأغلال التي ترسخ بها حياتهم). عام سعيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازهد فيها تأتِ إليك ازهد فيها تأتِ إليك



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates