كلهم مرضى

كلهم مرضى

كلهم مرضى

 صوت الإمارات -

كلهم مرضى

بقلم - كريمة كمال

هل أُصِبنا بالصدمة من ذبح «نيرة أشرف» على يد زميلها على أبواب الجامعة؟.. الجريمة بالفعل صادمة وبشعة، لكن ما هو أكثر بشاعة وإثارة للصدمة هو التعليقات على الفيسبوك حول الواقعة.. محاولات تبرير للقاتل وإلقاء المسؤولية على الضحية، مثل أن يقول أحدهم «هو الله يرحمها بس ليه اتكبرت عليه.. ليه ما حاولتش تديلو فرصة.. ده اتقدملها وهى رفضته، كان هيجرا إيه لو إدتلو فرصة حتى لو حيتخطبوا شوية وتحاول تقرب منه كان بيحبها مكنش ده كله حصل.. هو أكيد دلوقتى قلبه استريح إنها مش حتكون لغيره ده أكيد شعوره دلوقتى حتى لو حيتعدم هيبقوا ماتوا هما الاتنين».

هل هذا إنسان طبيعى أم إنسان مريض؟.. ليس القاتل وحده العنيف أو المريض الذى لم يعرف كيف يقبل الرفض، بل هذا الذى كتب مثل هذه الكلمات مريض أيضا ولا يختلف فى شىء عن القاتل، فهو يفكر مثله، ويرى أنه ليس من حق الفتاة أن ترفضه، بل يشعر بشعوره ويتعاطف معه.. هل هناك شك فى أنه هو الآخر مريض أيضا؟!.

الأسوأ من هذا محاولات التبرير للقاتل منذ اللحظة الأولى لنشر الجريمة، كأن يقول آخر: «ياريت نفهم اللى حصل.. ما جايز تستاهل اللى جرالها وإنتو ظالمين الولا وشكلو راجل محترم أصلا. وحتى لو عمل كدا فهو باين إنو مش سوى نفسيا ولازم يتحط فى مصحة ويعتالج. وعموما هو باين محترم وما يجيش منه كل دا انتو مش شايفين لبسها عامل إزاى.

حسبى الله فيها وفى اللى زيها».. الكلام عن الإدانة بسبب اللبس صار عقيدة لدى الكثيرين فى المجتمع المصرى وأصبحت المرأة هى المدانة، إنْ لم يكن لبسها كما يريد هؤلاء، وإنها لذلك تستحق القتل وربما أكثر.. هذا هو المجتمع المصرى فى مواجهة المرأة، وهو المجتمع الذى صرنا عليه منذ انتشرت الأفكار الظلامية والسلفية، وتوارت الحقوق فيه، خصوصا حقوق المرأة.. ومثل هؤلاء كُثر، فها هو آخر يكتب: «أنا حزين على لبس البنت ال هتقابل ربنا وهى كانت لابساه ده».. وآخر يكتب فيقول: «هى ماتت وهى بتعمل معصية يعنى كانت ماشية بتشيل ذنوب لبسها وذنوب أى حد يبصلها بصة مش كويسة».

وآخر يكتب ليقول: «مهى لو كل واحدة احترمت نفسها وبيت أهلها اللى خارجة منو وعرفت اللى ليها واللى عليها مكناش وصلنا لكده»، بل يصل الأمر بأحدهم إلى أن يكتب ليقول: «الراجل ده أنا اتعاملت معاه فى الحقيقة، وقمة فى الأخلاق، وراجل ابن بلد، ودمه حامى، أكيد مكانش عاجبه اللى كانت بتعمله، والمفروض ما يسكتش وكلنا ما نسكتش لأن ده بقى حال بنات اليومين دول التبرج وقلة الأدب».

والأسوأ أن يكتب آخر عرف القاتل فهو جاره أنه «كان محترم وماكانش بيسمعلهم صوت إلا لو ضرب إخواته البنات أو أمه التى وصفها بالمسكينة حيث إنه راجل البيت بعد أن مات والده».. بل وصل الأمر بأحدهم أن يضع صورة البنت بعد أن قام بتحجيبها وإلباسها الإسدال وسط استحسان الآخرين.

إننا أمام مجتمع مريض، خاصة فيما يخص المرأة التى تعيش فى الحاضر، بينما هذا المجتمع يعيش فى الماضى ويريد فرضه على المرأة وإلا فسوف تدفع الثمن حتى لو وصل هذا الثمن إلى القتل.. هل يُترك هذا المجتمع على حاله هذه لنرى المزيد من هذه الجرائم فى القادم من الأيام أم يجب أن نتحرك لنواجه هذا المرض الذى يستشرى؟!.

إننى أهيب بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن يرصد كل هذا المرض الذى توطن فى المجتمع بأبحاث ترصد ما توطّن، وكيف يمكن مواجهته.. أما التوقف عند الإحساس بالصدمة والغضب فقط فلن يفعل شيئًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلهم مرضى كلهم مرضى



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates