مظلوميتان  والثالثة

مظلوميتان .. والثالثة؟

مظلوميتان .. والثالثة؟

 صوت الإمارات -

مظلوميتان  والثالثة

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

قد لا تبقى الدول "المطبعة" أقلية عربية، كما هو حال الدول والحركات "الممانعة". ما بدا خرقاً إماراتياً ـ بحرينياً، صار بعد التطبعيين السوداني والمغربي بداية اختراق أميركي ـ إسرائيلي، سيحاصر إيران وأذرعها، كما سيحاصر فلسطين بشكل آخر، فلا تعود هي مركز الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بل النزاع الإيراني ـ الإسرائيلي؟
المملكة المغربية ليست من دول المركز العربية، لكنها خلاف ذلك بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، منذ قمة الرياض للاعتراف العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى قمة فاس حيث تأسست بدايات مشروع السلام العربي، الذي تكرس في قمة بيروت.
منذ حرب الخليج الأولى والثانية، انتقل المركز العربي من مثلث: مصر، سورية والعراق.. إلى السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي السداسي.
بشكل أو بآخر، صارت سورية والعراق ولبنان، ومؤخراً اليمن، تحت تأثير إيران ودول وحركات محور الممانعة. لكن، ومنذ "كامب ديفيد" المصري ـ الإسرائيلي، وبشكل خاص منذ صارت دول الخليج هي المركز العربي، انحازت مصر إلى الدول العربية المطبعة، لكن بقي الأردن والسلطة الفلسطينية على هامش الحياد الإيجابي بين دول الممانعة والدول المطبعة، كما هو معظم الدول العربية.
إيران الشاهنشاهية ثم الخمينية دولة قديمة وعريقة من دول المنطقة، وذات حضارة، وكانت إمبراطورية تتطلع إلى إحياء مجد فارس، لكن إسرائيل دولة جديدة ذات جذور دينية.
مع ذلك، فإن محرّك دولة إيران الإسلامية هو ما يدعى بـ"المظلومية" الشيعية، كما كان محرّك إيران الشاهنشاهية هو الفتح الإسلامي الذي أنهى الإمبراطورية الفارسية. في مقابل هذه "المظلومية" هناك تلك اليهودية، بدءاً من "الشتات اليهودي" إلى المحرقة النازية، التي لم يكن للعرب أو المسلمين علاقة بها.
أساس النزاع الإيراني ـ الإسرائيلي هو أن إسرائيل صارت إلى جانب تفوقها العسكري التقليدي على الدول العربية دولة نووية، لكن تخشى زمناً تخسر فيه تفوقها العسكري التقليدي. العالم لم يهتم، ولا إسرائيل، أيضاً، بطموح إيران الشاهنشاهية إلى دخول النادي النووي، حيث كانت حليفة إسرائيل، وصارت عدوتها مع الثورة الإسلامية الخمينية، ذات محرّك "المظلومية" الشيعية.
في بداية الثورة الإسلامية، حلمت الثورة الفلسطينية بحليف جديد، أي جبهة من صور اللبنانية إلى خراسان الإيرانية، لكن فلسطين لم تقبل الشروط الإيرانية أن تكون ذراعاً إسلامياً لها، بل أصرّت على كونها ثورة تحرير وطنية.
قبل أن تذهب المنظمة الفلسطينية إلى أوسلو، قبلت مشروع فاس العربي، ثم مبادرة السعودية للسلام العربي ـ الإسرائيلي، المشروط بدولة فلسطينية، ورأت في مشروع الصفقة الترامبية أنه لا يحقق شرط قيام فلسطين مستقلة. بعد تعاقب سريع لخطوات التطبيع العربي، الذي رأت فيه فلسطين تخلياً عربياً عن شروط الدولة وشروط مشروع السلام العربي، قوي إحساس فلسطيني بنوع من "المظلومية" العربية، وهي تضاف إلى "المظلومية" الشيعية وتلك اليهودية.
صحيح، أن للأرمن والشركس مظلومية، لكن الشتات في الحالتين لا ينفي أن للشعبين دولة، لكن المظلومية اليهودية التي أنتجت شتاتاً فلسطينياً لم تحقق دولة فلسطينية، وإن صار نصف الشعب الفلسطيني، بعد أوسلو والسلطة الفلسطينية متواجداً في ما كان أرض فلسطين، وصار دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة كلياً أو جزئياً.
كان رد الفعل الفلسطيني حاداً على أول تطبيع مصري ـ إسرائيلي، لكنه لم يكن كذلك على سلام وادي عربة لأسباب مفهومة، وكلا السلامين كان برعاية الولايات المتحدة، وكذلك رعاية اتفاق مبادئ أوسلو، ومنه انضمت أميركا والعالم إلى مشروع السلام الفلسطيني في "حل الدولتين"، لكن انسحاب أميركا الترامبية منه، إلى قيادة ورعاية السلام العربي ـ الإسرائيلي عن طريق التطبيع، أسفر عن "مظلومية" ثالثة فلسطينية.
من مفارقات التطبيع الخليجي أن يصبح للإمارات والبحرين علاقات سلام حار وكاملة مع إسرائيل، بينما هناك خلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي، تحاول أميركا أن تحلها لصالح تحالف ضد إيران، ومن مفارقات التطبيع المغربي تجدّد الخلاف الجزائري ـ المغربي حول الصحراء الغربية، علماً أن الحدود المشتركة بين البلدين مغلقة منذ 30 عاماً!
لم يكن رد الفعل السلطوي الفلسطيني حاداً إزاء التطبيع الرابع المغربي، وأعادت السلطة سفيريها لدى البحرين والإمارات، لأن السعودية التي شاركت في تأهيل الإمارات والبحرين للتطبيع، قد لا تتأخّر بدورها عن الاقتداء بهما، ولو غطّت ذلك بأن الدولة الفلسطينية ستمر من خلال هذه العباءة، كما أن مصر سارعت بلسان رئيسها إلى الإشادة بتطبيع الإمارات والبحرين، ثم السودان، وأخيراً المغرب. لا تستطيع فلسطين أن تسمح لنفسها بمقاطعة السعودية ومصر وسحب سفيريها من القاهرة والرياض، فهي رغم مزاودات محور المقاومة بقيادة إيران وأذرعها لم تسحب سفيرها في طهران، ولا سفراءها في دمشق وبيروت واليمن، ولم تلتفت إلى بعض المطالبات الشعبية بالانسحاب من جامعة الدول العربية، بعد فشلها في التنديد بالتطبيع الخليجي.
تبدو فلسطين وكأنها ضحية للمظلوميتين الشيعية واليهودية، لكن إحساس الفلسطينيين بأنهم ضحايا مظلومية ثالثة ليس صحيحاً طالما بقي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول العالم يرون أن محاولات الالتفاف على شرعية "حل الدولتين" ما زالت قائمة، لكنها من المستبعد أن تنجح طالما أن فلسطين دولة عضو ولو غير دائمة في الأمم المتحدة، خلاف مظلومية الأرمن والشركس والأكراد.. وكذلك البوليساريو.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مظلوميتان  والثالثة مظلوميتان  والثالثة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates